عصر الجوع العربي

عراق العروبة
الافتتاحية
7 أبريل 2021
عصر الجوع العربي
عصر الجوع العربي
عصر الجوع العربي
الشعوب اذا شبعت ابدعت ، و تفرغت للدرس و العلم على الاغلب و اينعت ، و لايبدع شعب و لايتقدم مع الفاقة و الفقر و التهديم النفسي و التجهيل العمدي ، الافقار الممنهج هو تجهيل جمعي عمدي.
 و بعض الشعوب ان جاعت رضخت و استسلمت و انقادت لامر وليّ تجويعها و ذلت له رقابها ، و بعض الشعوب ان جاعت اكلت مجوعها و نهشت لحمه ، بعض منها يسليها عن الجوع الدف و المزمار ،فيلهيها و يسكتها و يسكت امعاءها الى حين ، و بعضها يطول معه هذا الحين فيصبح دهرا ، اذ يستعذبه الحاكم المستبد فيتمادى فيه .
و بعض الشعوب تعبد الحاكم و تهلل له و تطبل و ان كان معتوها او جاهلا او عسكريا او موتورا ، و هؤلاء لاياتيهم الا اولئك ، فان حكمهم غير ذلك من النبلاء برز له السفلة و بمعاونة هذا الشعب فاطاحوا به، ليعودوا الى حمقاهم فيتخذونهم حكاما و آلهة كما فعلوا من قبل . 
بعض الشعوب يُتّقى جوعها لانها وحوش ضارية فتروَّض بالاشباع و الاطعام مع الحبس ، في الاقفاص أو في البيوت و لابأس ، و بعضها ان شبعت بطرت و استهترت و لم تنتج شيئا لخواء متأصل في عقولها مع امتلاء بطونها.
فالمتحكمون و المخططون و المنفذون يعلمون كل ذلك ، و لذا فقد كانت خطط تجويع العرب او اشباعهم بسيطة و لاتحتاج كبير عناء او شديد ذكاء .
فالشعوب التي تتقبل الجوع مع وفرة الانس و الكيف و المزاج ، جوعوها رغم وفرة وغنى غيطانها ، و خضرة وديانها ، و لانها تعبد الحاكم فقد سلطوا عليها بلداءها ، فهذه الشعوب ان شبعت ابدعت و نهضت ، فلا حل معها الا التخدير و التجويع ، و لذلك ترى ان شعوبا كهذه تتمتع بكل الوسائل التي توفر التخدير و الإلهاء و الكهرباء و السينما و التلفزيون و الاعلام ، و لاينقصها من ذلك شيء على الدوام ، الا الترف و المال و الطعام ، فهذا دائم النقص قليل التمام .
و الشعوب التي عرفوا خمول اهلها العلمي و فقرهم الفكري ، و خواء صحرائهم على الامد من كل فن او علم نفعي ، تركوا لهم الشبع و أروهم من الحداثة و الترف البدع ، و جاؤوا لهم بكل ماصنع الانسان و اخترع ، فهؤلاء لايخشى ثورانهم او ايمانهم عند الشبع.
و الشعوب التي يخشى تجويعها خوفا من هيجانها و لا تقيم وزنا لحاكم ، و لعقولها فعل العلماء و قول الشعراء و حكمة الفلاسفة و الادباء ، اعطوها طعاما و حرموها غيره ، فلا كهرباء و لاطرق و لا انشاء . و حُكمها بين الشد و الجذب سواء، و دسّ الفرقة بينها دونما ابطاء،و ترويضها يكون بالترهيب القاسي طورا و طورا بالخداع و الاستعطاف ،،و طورا بنهب ثرواتها بالفساد و المراوغة و الاستحياء ، و احيانا يتخذ من العشيرة و ولائها و الاديان و غثائها غطاء.
اما الشعوب الشرسة الذكية التي لايكفي تجويعها او اشباعها او ترويعها ، فقد نزعوا الى طردها من ارضها و تهجيرها ، و زعزعة كيانها الى الابد و تمزيق شملها وتفريقها ، وتركها للافاق ، يتندر بمصيرها الحمقى و السراق ، و يتعظ منها كل عاص و يشمت كل أفّاق.
هذا سر تجويع من جاعوا من بلداننا رغم غناءهم ، و اشباع من شبعوا رغم خوائهم ، و تهجير من هجروا رغم عزمهم و ذكائهم .
 من مقالات الكاتب - عراق العروبة
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.