اتحاد “علماء المسلمين” يهبّ لنصرة إخوان تونس… 

عراق العروبة
مقالات وآراء
1 أغسطس 2021
اتحاد “علماء المسلمين” يهبّ لنصرة إخوان تونس… 

اتحاد “علماء المسلمين” يهبّ لنصرة إخوان تونس…

عراق العروبة 

مصطفى قطبي

اتحاد “علماء المسلمين” يهبّ لنصرة إخوان تونس… 

مستويات الانحطاط الذي وصلت إليه الفتاوى التي يُصدرها ما يسمّى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، باتت مستويات غير مسبوقة وتسيء للإسلام والمسلمين أضعافاً مضاعفة من الإساءات التي يتعرض لها الإسلام حتى من أعدائه، وإنّ أكثر ما يؤلم ليس محاولات التشويه التي لن تجد طريقاً إلّا لدى من يُقيمون في الجاهلية الأولى، بل الأشدّ إيلاماً هو تسخير هؤلاء أنفسهم رخيصة لإصدار فتاوى لا يقبلها عقلٌ ولا شرعٌ خدمة للسياسة التي لا تحمل غير معاول الهدم.‏ فبعد إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد عن تجميد اختصاصات البرلمان وإلغاء الحصانة البرلمانية، وإقالة رئيس الوزراء، وإعلان أنه سيحكم مؤقتاً بمرسوم، والتهديد بإخضاع النواب الفاسدين للقانون “على الرغم من ثرواتهم ومناصبهم”. في 26 تموز (يوليو)، أصدر أيضاً قراراً بحظر التجوّل في جميع أنحاء البلاد لمدة 30 يوماً. هذه القرارات التاريخية، أثارت مخاوف جماعات “الإسلام السياسي”، المدعومة من النظام التركي، من انهيار حكم النهضة، التي تهيمن على المشهد السياسي في تونس منذ نحو عشر سنوات. 

إذ إن حركات: مجتمع السلم (حمس)، أكبر حزب إسلاموي في الجزائر، وجماعة العدل والإحسان المغربية المحظورة، و”جبهة العمل الإسلامي” الأردني، و”الوسط” الأردني الإسلاموي، قد نددت الاثنين الماضي، في بيانات بقرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، واعتبرت الإجراءات التي أعلنها “انقلاباً على الدستور. أما اتحاد علماء المسلمين من الدوحة فقد أطلق نصوصه وفتاواه وابلاً من قذائف حارقة وصواريخ جوالة، وقنابل فراغية باتجاه تونس، فأظهرتها دولة مارقة ومنقلبة…

لقد قوبلت قرارات الرئيس التونسي التاريخية والاستثنائية، بتصعيد منقطع النظير من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين والدول التي تدعمه وتموله وترعاه، ترافق مع ضخ إعلامي تجاوز كل الأخلاقيات فازداد حجم التحريض واختلاق الأكاذيب لاستمالة رأي عام عالمي ضد تونس. والأخطر من ذلك تسيّس مبادئ الدين الحنيف وتسخيرها لميول وأهواء رخيصة سياسياً وأخلاقياً، وفي هذا السياق
خرج علينا ما يسمّى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ببيان رجعي حاقد يحلل التحريض والعنف باسم الدين، ليؤكد مرة أخرى أن هناك رغبة حقيقية في رؤية المزيد من دماء الأبرياء تسيل على الأراضي التونسية إرضاء لجماعة الإخوان المسلمين والدول الداعمة لها. 

وقد أفتى ما يسمّى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يمثل هيكلاً تنظيمياً لجماعة “الإخوان” الإرهابية وحاضنة لفكرها التكفيري والمتطرّف، بحرمة القرارات التي أصدرها الرئيس التونسي “قيس سعيد”، والتي شكّلت زلزالاً سياسياً في توقيتها ومضامينها، وأسست لمرحلة مواجهة مباشرة مع التيار الإخواني “النهضة”، وزعم ما يسمّى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في بيان نشره على حسابيه بتويتر وفيسبوك أن “الاعتداء على العقد الاجتماعي الذي تمّ بإرادة الشعب التونسي محرّم”، متجاهلاً صوت مئات آلاف التونسيين الذين يرون أن إجراءات “قيس سعيّد” كانت دستورية، وتمت الدعوة إلى اتخاذها من أطراف سياسية مختلفة، حثّت رئيس الجمهورية على لعب دوره في إنقاذ البلاد من أزمة سياسية حادة أفقدت البلاد توازنها. وينظم العقد الاجتماعي بين الشعب والسلطة العلاقة بين الرئاسات الثلاث: رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان. 

وقال ما يسمّى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إن “حماية العقد الاجتماعي والحفاظ على الحريات وحقوق الشعب فريضة شرعية على جميع مكوّنات الشعب التونسي والحفاظ على المؤسسات الدستورية واجب وطني”، وأفتى بأن إعلان حالة الطوارئ المفتوحة أمر لا يجوز، مبرراً ذلك بما فيها “من انتهاكات جسيمة لمصالح العباد والبلاد”، حسب ادعاءاته. وذهب في تعليقه على قرارات الرئيس التونسي إلى التدخل في الشأن السياسي عبر تضامنه مع حركة “النهضة”، الشريك الرئيسي في الحكومة، التي أقالها “قيس سعيد” بإعفاء رئيسها “هشام المشيشي”، وبتجميده عمل وسلطة البرلمان الذي يرأسه متزعم النهضة “راشد الغنوشي”.

وإذا كان من غير اختصاصنا أن نبحث في الصحيح وأن نَميزَهُ عن المغلوط، فإنّ ذلك لا يُبرر لنا تمرير ما يتناقض مع الفطرة، بل يُوجب علينا جميعاً عدم السكوت عنه رغم أنه ضعيف لا يستند لمنطق ولا لفلسفة، فضلاً عن أنّه يفتقد النص والقاعدة، وما أكثر فتاوى الأخوان، التي ينبغي أن تفتح هذه وتلك الأعين على الحقيقة وعلى الواقع في الوقت ذاته.‏ والحقيقة الثابتة والمؤكدة عندنا، أنّ شيوخ ما يسمى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، لا يمثلون وجهة نظر شرعية مؤيدة بحكم شرعي، بل يؤدّون دوراً مطلوباً منهم نحو الإسلام والأمّة الإسلاميّة. فمهمتهم التي أوكلت إليهم من قبل أمريكا ودول الغرب، هي بث الفرقة بين المسلمين وإثارة عوامل الفتنة والصراع الدموي بين أبناء الأمّة، وقد نجحوا في أداء تلك المهمة في ليبيا بشكل باهر، حيث إنهم أشعلوا حرباً أهلية طاحنة في ليبيا، قضت على الاستقرار والقانون وعلى العدالة فيها، فالدول الغربيّة التي ساهمت في إنهاء حكم ”معمّر القذافي”، هي الآن من تتمتع بخيرات وثروات ليبيا وليس الشعب الليبي. 

وشيوخ ما يسمى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، هم شركاء وعملاء حقيقيّون للصهيوني ”برنارد هنري ليفي” في تدمير ليبيا، التي غدا دورهم فيها معلوماً للقاصي والدّاني، ولم يقتصر دور شيوخ الاتحاد فقط على ليبيا، بل تعدّاه إلى معظم الدّول العربية. وكان آنذاك النجم الأبرز في عالم الدسائس والمؤامرات الكهنوتية ”يوسف القرضاوي” الذي لم يكتف بالدعوة إلى الخروج على النظام الليبي السابق وقتل رئيسه، وإصدار ”فتاوى الجهاد” على النظام السياسي والدولة السورية، لا بل دعوة واشنطن إلى غزو بلاد الشام ”نصرة لله والخير والحق” بعد طمأنتها بألا يذهب ”الجهاديون” للقتال في إسرائيل بعد ما يسميه ”النصر في سورية”، وإنما وصل به الأمر إلى دعوة الناتو و”المسلمين” إلى التدخل و”الجهاد” في بلاده مصر التي انتفض شعبها على ”الإخوان المسلمين” وحكمهم، وبأعداد تفوق الثلاثين مليوناً، فيما يشبه الاستفتاء الكاسح، وفي مشهد لم يسبق له مثيل في التاريخ الإنساني. 

اليوم يحرض ما يسمى اتحاد علماء المسلمين، ضد تونس، ويصدر بيان أقرب للتحريض على العنف والفوضى منه لتعليق عادي على تطوّرات سياسية، لا تعنيه بقليل أو كثير، يفتي بحرمة قرارات رئيس الجمهورية التونسية، خدمة لتنظيم “الإخوان المسلمين” المنسجم تماماً مع مرجعيته التكفيرية وقواعده التحريمية ذات الطبيعة التعبوية القتالية، ومع وظيفته في إطار الحرب الدولية التي تشن على المنطقة العربية… فما يسمى اتحاد علماء المسلمين، المصنف في عدد من الدول العربية كمنظمة إرهابية باعتباره الغطاء الرسمي للتنظيم الدولي للإخوان، هذا التنظيم يعتبر واحد من الذين شاركوا بكل وقاحة وصلابة في صنع المؤامرة الاستعمارية في قتل العرب في ما يسمى الربيع العربي المصنوع في دهاليز وكالة المخابرات الأمريكية، واضعاً لنفسه شرعية إسلامية متدثرة بالشرع، تصول وتجول في خطاباتها الرنانة وفتاواها المضللة، معلنة وصايتها على الإسلام، وهو براء منهم، في أكبر مسرحية أمريكية لسلب هوية الإنسان العربي في القرن الحادي والعشرين، ولم تكن فتاوى ما يسمى اتحاد علماء المسلمين، التكفيرية مع عدد من جوقة الدعاة الظلاميين إلا تحريضاً على قتل وإبادة العرب في وطنهم لصالح وكالة المخابرات الأمريكية والموساد الصهيوني والإرهاب الإسلاموي وتنظيم القاعدة والدواعش، واستهدفت هذه الفتاوى التكفيرية المدفوع ثمنها مسبقاً، ليبيا وسورية ومصر واليوم تستهدف تونس… 

خلاصة الكلام: عن أي نصوص وفقه وشريعة يتكلم ما يسمى اتحاد علماء المسلمين، وعن أي رجال دين “علماء”؟ هل هو العور الفقهي أم الحول الشرعي أم العمى الديني… وحدها تونس من يُسقط الأقنعة عن وجوه المنافقين – تحية لتونس وأهلها وشعبها، أما العقل الإخونجي- الإرهابي فإلى مزبلة التاريخ… فالله تبارك وتعالى ”لا ينصر باطلاً على حق ولا ظلماً على عدل”.

الآراء المنشورة تُعبر عن وجهات نظر كُتابها وليس بالضرورة تطابقها مع سياسة الموقع.

 من مقالات الكاتب - عراق العروبة

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.