الأصابع البريطانية السوداء / نموذج أوليفر كرومويل الاسدي

عراق العروبة
مقالات وآراء
7 يونيو 2021
 الأصابع البريطانية السوداء / نموذج أوليفر كرومويل الاسدي
 الأصابع البريطانية السوداء / نموذج أوليفر كرومويل الاسدي
  
 الأصابع البريطانية السوداء / نموذج أوليفر كرومويل الاسدي
يقول رب العزة و الجلال في محكم تنزيله العربي المجيد : – ” { وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرهمْ وَعِنْد اللَّه مَكْرهمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرهمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال * فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ } ( 46 – 47 / سورة إبّراهيم ).
الدور البريطاني التاريخي القذر في خلق الكيان الصهيوني فوق تراب فلسطين العروبة ليس امرا خافيا على عامة الناس منذ وعد بلفور المشؤوم في الثاني من تشرين ثاني / نوفمبر 1917 و حتى الاعلان عن إنشاء الدويلة العبرية المسخ في 15 آيار / مايو 1948 ، و كان العدوان الثلاثي الغاشم على مصر الكنانة في العام 1956 وجها سافرا آخر لهذا التعاون الأمبريالي البريطاني غير المحدود مع حكّام تل ابيب في غيهم و إجرامهم بحق الشعب العربي الحر الابي  كما هو الحال في العدوان الثلاثيني الغاشم على القطر العراقي الشقيق و الغزو الانجلو – أمريكي لبلاد الرافدين في العام 2003 ، لكن الاوجه الخفية لهذا التعاون الهدّام بقيت مغيبة عن انظار شريحة واسعة من أبناء امتنا المجيدة . 
إحدى أخطر حلقات التعاون البريطاني مع الصهيونية في ضرب النهضة العربية و قتل روح الثورة لدى جماهير هذه الامة العظيمة هو صناعة الجمهورية الوراثية الرجعية في القطر العربي السوري المتمثلة في عصابة آل الاسد و فقا لنموذج مقيت مزري أستوحاه الصهاينة الانجليز من تاريخهم في القرن السابع عشر الميلادي ، ألا و هو نموذج أوليفر كرومويل الثوري المزيف ، مؤسس أول جمهورية وراثية في التاريخ المعاصر !!!!!! .
أوليفر كرومويل الطاغية صاحب المقولة الشهيرة : – ” تسعة مواطنين من أصل عشرة يكرهونني..!! وما أهمية ذلك؟ إذا كان العاشر وحده مسلحاً ” هذا الرجل الذي قضى على الملكية في بريطانيا في العام 1649 قبل أن يورث الحكم لنجله ريتشارد !!! قبل أن يطيح انصار الملكية بهذا الاخير ، و قد عرف عن كرومويل الاب علاقته الوثيقة باليهود حيث أنه هو الزعيم الانجليزي الذي سمح بعودتهم إلى الجزر البريطانية بعد ابعادهم عنها في العام 1290 على يد الملك إدوارد الأول .
شكلت زيارة حافظ أسد إلى العاصمة البريطانية لندن في صيف العام 1965 حينما كان قائدا لسلاح الجو إحدى أهم المحطات المثيرة للجدل في حياة هذه الشخصية البارزة في تاريخنا العربي المعاصر لما تردد حولها من أقاويل و ما اثارته من ردود فعل عنيفة لاسيما لدى الزعامة التاريخية لحزب البعث ، على ضوء اختفائه عن انظار مرافقيه لفترة زمنية قدرت بثمانية و أربعين ساعة وفقا لما قاله الرئيس السوري الاسبق الفريق الركن محمد أمين الحافظ في إحدى الحورات التلفزيونية التي اجرتها معه إحدى المحطات الاخبارية العربية .
الزيارة الانفة الذكر و التي دامت لثلاثة اشهر يسلط الاضواء عليها الصحفي البريطاني المرموق باتريك سيل في كتاب له عن سيرة حافظ أسد حمل عنوان ” الأسد _______ الصراع على الشرق الاوسط ” و ينقل عن الرئيس السوري الراحل قوله أن زيارته لمدينة الضباب كانت لاسباب علاجية ، و هو الامر الذي ألقى من حوله سيل ظلالا من الشك !!!!! ، على ضوء ما تضمنته اجندتها المعلنة ، حيث اشتملت على لقاءٍ جمع حافظ شخصيا بوزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية السير جورج طومسون ، و بطبيعة الحال فإن أمرا كهذا لم يمر عليه خصوم الاسد في دمشق مرور الكرام ، و كان على رأس هؤلاء مؤسس الحزب الاستاذ أحمد ميشيل عفلق رحمه الله تعالى .
أتسمت علاقة الاستاذ عفلق بحافظ أسد بالعداء المتبادل الشديد ، و كان الاسد بحسب سيل يكره مؤسس البعث ليس على الصعيد الشخصي فحسب بل و على الصعيدين الفكري و التنظيمي !!!!!! و لم يكن الامر برمته نابعا من فراغ ، فالاسد و شرذمته المعروفة بإسم اللجنة العسكرية السرية كانت ضالعة في مخطط صهيوني للاستيلاء على حزب البعث و تغيير عقيدته القائمة على الربط العضوي الوثيق بين العروبة و الاسلام ، حيث كان الرفيق القائد المؤسس يرى أن العروبة جسدا روحه الاسلام .
في 19 – 12 – 1965 حدث الصدام الاول بين المرحوم عفلق و الهالك المقبور حافظ اسد خلال اجتماع عاصف شهده مقر القيادة القومية لحزب البعث في دمشق الفيحاء وجه الاستاذ عفلق خلاله اصابع الاتهام ضمنيا إلى حافظ ، و هذا ما اكد عليه مجددا خلال لقاء جمعه بكوادر الحزب في العاصمة السورية بعد ذلك بشهر واحد فقط بتاريخ 18 – 1 – 1966 حيث القى كلمة تاريخية مطولة حملت عنوان ” النضال ضد تشويه الحزب ”  و تضمنت الفقرة التالية : – ” يستغرب بعض الرفاق من عبارة وردت في كلمتي في القيادة القومية أن يداً أجنبية قد امتدت إلى هذا الحزب، فلنحكم ضمائرنا: إن من غير المعقول أن يزيف هذا الحزب.. والى هذا الحد بأيدٍ عربية… لقد تبدلت صورة هذا الحزب وتبدلت نفسية أعضائه وإذا كان التعميم غير جائز فان هذا يصح على الكثيرين.. تبدلت معالم هذا الحزب لا بل بُدلت وفق مخططات وتصميم وعمل دائب، حتى يتحول هذا الحزب في عقيدته وفي سياسته وفي تنظيمه وفي أخلاقيته، وزيادة في التضليل وفي الإجرام بحق الأمة العربية احتفظ باسم الحزب.. باسم الحزب الذي هو معروف لدى الشعب العربي منذ ربع قرن بوحدويته وثوريته ونظافته وبتميزه عن كل ما سبقه ،  كيف نصدق بان هذا هو حزب البعث وبأنه لم يشوه ولم توضع المخططات لتبديله لا كرهاً بالقادة وإنما بناء على خطة جهنمية لضرب قضية الشعب العربي.. فبتفكك هذا الحزب والإساءة إلى ماضيه وتراثه النضالي تضرب قضية الشعب العربي وهذا هدف الاستعمار ” .
المخطط الصهيوني لتشويه البعث وردت إليه إشارات واضحة من قبل اثنين من كبار الشخصيات الصهيونية المتخصصة في الشان العربي السوري ، اما الأول فهو إيتمار رابينوفيتش سفير الكيان الصهيوني الاسبق في واشنطن و رئيس وفد العدو في مفاوضات مدريد للتسوية مع النظام الاسدي ، اما الثاني فهو ايتان بن تسور النائب الاسبق لوزير خارجية الدويلة العبرية المسخ و الذي سبق له الالتقاء بماهر الاسد في العاصمة الاردنية عمّان في شهر آيار / مايو من العام 2003 بعد شهر واحد فقط من الغزو و الاحتلال الانجلو – أمريكي للقطر العراقي الشقيق .
السلطات البريطانية كانت جزءًا لا يتجزأ من هذا المخطط الصهيوني ، فقد قدمت دعما لوجستيا غير محدود لعرّاب عملية تشويه البعث المدعو إلياهو بن ساسون سفير العدو الصهيوني الاسبق في تركيا و رئيس القسم العربي في الوكالة اليهودية على عهد الانتداب البريطاني على فلسطين و الساعد الايمن لدايفيد بن جوريون رئيس هذه الوكالة و الذي اصبح لاحقا أول رئيس وزراء للكيان الغاصب .
لقد جاء تعيين بن ساسون سفيرا للعدو الصهيوني لدى تركيا على خلفية امرين اثنين ، اما اولهما فهو رصد و متابعة الاوضاع في هذا القطر العربي عن كثب ناهيك عن الاشراف الشخصي المباشر على العملية القذرة التي اطلقها هو شخصيا لتشويه البعث و يورد الكاتب العربي السوري حمدان حمدان في كتابه ” أكرم الحوراني — رجل للتاريخ ” واحدا من تلك التقارير التي اعتاد بن ساسون إرسالها ألى وزارة خارجية العدو عن الاوضاع في سورية بشكل عام و يصف من خلاله تصاعد شعبية الحوراني لدى الشارع السوري ، اما العامل الثاني فقد تمثل في اتخاذ مدينة اسطنبول آنذاك مقرا للتنسيق و الارتباط بين اجهزة الاستخبارات الصهيونية و البريطانية بحسب ما اورده آسا لفن الضابط السابق في استخبارات العدو في كتاب له حمل عنوان (هشاي، مخابرات منظمة الهجناه: أجهزة المخابرات الإسرائيلية : النشأة، التطور والممارسات).
 الأصابع البريطانية السوداء / نموذج أوليفر كرومويل الاسدي
 من مقالات الكاتب - عراق العروبة
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.