المخدرات لا تقل خطورة عن الإرهاب يا أولي الألباب

عراق العروبة
منشورات منوعة
26 ديسمبر 2021
المخدرات لا تقل خطورة عن الإرهاب يا أولي الألباب

المخدرات لا تقل خطورة عن الإرهاب يا أولي الألباب

عراق العروبة

علي الكــاش

المخدرات لا تقل خطورة عن الإرهاب يا أولي الألباب

ما هو موقف القانون الدولي من تجارة المخدرات، وهل يجوز التجاوز على القانون الدولي في دولة يفترض أن لها سيادة كاملة وعضو في الأمم المتحدة، وتراعي النصوص الواردة في ميثاق الأمم المتحدة ولجانه المختصة؟  

ولماذا تنتشر تجارة المخدرات وتعاطيها في ايران والدول الخاضعة لولاية الفقيه كالعراق ولبنان وسوريا واليمن وأفغانستان؟ وما هو مصدر المخدرات في العراق ودول الخليج العربي؟ و لماذا تغض الحكومة العراقية النظر عن المخدرات القادمة من ايران عبر المنافذ الرسمية؟ ولماذا اتهم رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي الأرجنتين بأنها مصدر المخدرات القادمة للعراق؟ وهل كان محقا في كلامه ام كاذب كعادته باعتباره من أذرعة اخطبوط الولي الفقيه؟

عود على بدء

بدأ تعاطي الحشيشة من قبل الصوفية في خراسان، وقد انبثقت فرقة الحشاشين الشيعية منها، ثم انتشر في بقية الأمصار. ذكر الزركشي أول ظهور الحشيشة سنة (550 هـ)، وقطع المقريزي بأن ظهورها كان سنة (608 هـ)، وقال بعضهم: إن ظهورها كان سنة (483 هـ). ذكر أحمد بن علي المقريزي بكتابه (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار(الخطط المقريزية) بأن” مشايخ الصوفية في خراسان كانوا أول من اكتشف التأثير المبهج للحشيش  في عام 658هـ، وإنه يقلل من الشهية للطعام، ويمنع التهيج الجنسي، فيصون الصوفي عن الرذيلة. وهكذا كان إنتشار الحشيشة من الصوفية إلى غيرهم”. ومن طريف ما يذكر أنهم جعلوا أمر تعاطيهم القنب سرا” لأن الله خص الصوفية به “. ولم يكن متصوفة العراق يعرفونها حتى وفد عليهم القائد الفارسي هرمز فاشتهرت هناك. و بسبب تعاطيهم الحشيشة تغلبت السفالة على الأخلاق، وارتفع ستر الحياء والحشمة بين الناس، وجاهروا بالسوء من القول، وتفاخروا بالمعايب”. (الموسوعة الصوفية عبد المنعم الحفني/ 369).

كما ذكر شمس الدين الأفلاكي” أن مريداً لمولانا جلال الدين الرومي كان يشكو من ثقل في رأسه وكثرة نومه، فوصف له أن يشرب السائل الحليبي المستخرج من الخشخاش”. (مناقب العارفين في أخبار جلال الدين الرومي 1/654). وقال الشيخ أحمد عثمان مطير في محافظة الحديدة باليمن: نُقل عن الشيخ الكبير عبد القادر الجنيد أنه نام ذات ليلة فرأى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وبين أيديهم شيء من القات، قال: فناولني النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً من القات، ففزعت من النوم وأنا قابض على القات في يدي، ومعي ندم عظيم لما لم أسأله عن فائدة القات، فرجعت إلى منامي فرأيته صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه على ما هم عليه فسألته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عبد القادر إنه نزل به جبريل الآن! يا عبد القادر كُلْ مِنْه فإن آكله لا ينطق إلا بالصواب”. ( الدرة الفريدة في تاريخ محافظة الحديدة/41).

لذا ليس من الصدفة أن يصدر بعض مراجع الصفوية فتاوى تبيح تعاطي الحشيشة، فلهم من شيوخ المتصوفة أسوة سيئة. فقد ذكر النعماني عن الشيخ المجلسي” حتى أن التقي المجلسي طاب ثراه كان يشربه في صوم التطوع، ويترك إستعماله في الصوم الواجب، حذرا من كلام العوام، ولهم في التحريم دلايل”. (روضات الجنات 4/55)، ويضيف” وهذه الحشيشة قد أقبل عليها الناس إقبالا عظيما لا يمكن ردعهم عنه”. وهذا الأمر غريب لأنه لو فرضنا أن العوام واظبوا على أكل لحم الخنزير، وهو محرم، فهل يعني هذا قبول الأمر الواقع، علما أن مبدأ تقليد الراجع ركن مهم في العقيدة الإثني عشرية، والعوام يلتزموا بفتاويهم.

المرجعية الشيعية والمخدرات

ذكر العاملي ” قال النبي (ص): أياكم والحشيش، فإن الحشيش خمر العجم، يسلب الحياء من العين، ويسلب الإيمان عند الموت”. (المخلاة/286) وقال ايضا” اتفق أئمة ما وراء النهر بأجمعهم على ما أتى به الإمام المزني (تلميذ الشافعي) من حرمة أكلة الحشيش وتحريم تناوبه، و أفتوا بإحراق الحشيش مع حظر قيمته، وأمروا بتأديب بائعه، والتشديد على آكليه”. (المخلاة/287).

مراجع أحلت المخدرات

اولا. نقل الميرزا جواد التبريزي فتوى الخوئي (سؤال رقم 1286) هل تجوز زراعة الترياق والهيروئين وبيعهما، خصوصا مع فرض امكان الانتفاع بهما ببعض الفوائد؟ 

أجاب المرجع الشيعي الأعلى أبو القاسم الخوئي: لا مانع من ذلك في حد نفسه، ما لم يترتب عليه مفسدة”. (كتاب صراط النجاة 2/417). ولكن كيف لا يترتب عليها مفسدة، وهناك الآلاف من الجرائم ارتكبت من قبل متعاطي المخدرات. وما المقصود بالمفسدة؟ هل هي على النفس أم على الغير؟ إن كانت على النفس فإن الله تعالى قال في سورة البقرة/195 ((وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)). وإن كان على الغير فالمصيبة أكبر. لنقرأ ما قاله ابن البيطار” إن الحشيشة مسكرة جدًّا، إذا. تناول الإنسان منها قدر درهم أو درهمين، أخرجته إلى حدِّ الرعونة، وقد استعملها قوم فاختلت عقولهم”. (الجامع لمفردات الأدوية والأغذية 2/22). (معجم لغة الفقهاء/208). علما ان الدرهم يعادل(3.171) غرام. واكد نائب المدعي العام في قضايا المخدرات في العراق( القاضي فؤاد فاضل) أن” تعاطي المخدرات أصبحت ظاهرة أخذت بالانتشار بين أوساط الشباب، وان عدد من الصعوبات تواجه عمل الأجهزة القضائية المكلفة بمتابعة هذا الملف أهمها إجراء التحليل الطبي للمتهمين وإرساله إلى المستشفيات لاقتفاء حقيقة التعاطي من عدمه”. وان انتشار هذه الظاهرة في الأوساط الشبابية، خصوصاً وان بعض المدمنين يتورطون في وقت لاحق بعمليات ارهابية نتيجة للمؤثرات العقلية لأن المدمن تكون لديه رغبة في ارتكاب الجريمة”

ثانيا. قال المرجع الديني لحزب الفضيلة الشيخ محمد اليعقوبي في 29/6/2017 أن استحواذ  الأحزاب على المال العام من خلال قنوات متعددة الاتجاهات (حلال) لان هذه الاموال هي لخدمة تنفيذ مشاريعها. وقال اليعقوبي في بيان” انه لامانع من وجود مكاتب اقتصادية في الأحزاب المنضوية تحت العملية السياسية لغرض تمويل مشاريعها السياسية والاقتصادية ، وأكد اليعقوبي أن الصفقات التجارية والعقود الاستثمارية المبرمة حكوميا بإشراف أحزاب السلطة تعتبر حلالا وليس سرقة !.بل ذهب اليعقوبي ابعد من ذلك  بجواز المتاجرة بالمخدرات و حبوب الكبسلة والمشروبات الروحية لأنها تقع ضمن عملية المتاجرة”

فتوى طريفة

أشعلت فتوى الشيخ مغربي مواقع التواصل الاجتماعي لغرابتها و طرافتها معا، والتي أباحت تعاطي مخدر القنب الهندي للرجال المتزوجين من نساء قبيحات، قبل معاشرتهن. وعلل الشيخ سبب فتواه قائلا” ليتمكن الزوج من رؤية زوجته مثل الحوريات، ولكن يشترط أن يكون الرجل قد تجاوز الأربعين، وألا يستعمل المخدر لأكثر من 30 دقيقة”، وبحسب موقع (إرم) اعتبر الإمام المغربي فتواه هي الحل الأمثل لكل الرجال ممن ابتلاهم الله بزوجات قبيحات المنظر .

موقف الحكومة العراقية قبل عام 2003 من المخدرات

قبل 2003 لم تسجل مكتب المخدرات ومتابعة الجريمة التابع للأمم المتحدة غير حالتين كتجارة مخدرات فقط ما بين 1970 و 1990. بينما بعد 2003 وحسب إحصائية لمستشفى ابن رشد للأمراض النفسية بينت وجود 3 مدمنين على المخدرات من بين كل 10 أفراد في العراق.
ورجحت الإحصائية الصادرة عن الأمم المتحدة أن 10 سنوات القادمة ستفتك بالشاب العراقي في حال بقي الوضع على ما هو عليه.

بعد الغزو عام 2003

كشف رئيس مجلس الوزراء السابق عادل عبد المهدي في 5/3/2018 خلال مؤتمره الأسبوعي الذي عقده بالمقر الحكومي وسط العاصمة بغداد، إن ” طريق وصول المخدرات على العراق، طويل جداً لافتاً حيث يتم نقلها من الأرجنتين إلى عرسال وبعدها إلى سوريا، وصولاً إلى الأراضي العراقية”. علقت لجنة الأمن والدفاع النيابية في 7/3/2019 على حديث رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي بشأن عملية تهريب المخدرات من الارجنتين الى العراق. حيث صرح عضو اللجنة (عبد الخالق العزاوي) ان” عملية تهريب المخدرات منذ زمن بعيد وهي تتم عبر ايران للعراق وعملية التهريب من إيران واضحة جدا وتتم عبر خطين، الأول جلولاء خانقين ومن ديالى الى بغداد وباقي المحافظات، أما الخط الثاني فيكون عبر مناطق محافظات واسط. وقد زادت عملية تهريب المخدرات عن حدها خلال الفترة الأخيرة من خلال المليشيات”، محذراً من وصول المخدرات إلى داخل منازل المواطنين في حال عدم وضع حد لترويج ونقل تلك المخدرات من قبل الحكومة التنفيذية ورئيس مجلس الوزراء.

وأكد قائد شرطة البصرة الفريق رشيد فليح  بتاريخ 8/11/2018 بأن 99% من المخدرات التي تدخل للعراق مصدرها إيران  و1% من دولة الكويت، وكشف فليح خلال مؤتمر صحفي عقده في المحافظة بالتاريخ أعلاه أنه حصل على الموافقات المطلوبة من قيادة العمليات المشتركة ووزارة الداخلية لشن عملية عسكرية واسعة، لتأمين الشريط الحدودي للبصرة مع إيران على مدى 94 كيلومترا.وسنعمل بقوة على تأمين هذه الحدود من خلال قيادة الحدود والقوة البحرية في محافظة البصرة.وأضاف فليح أن مياه شط العرب ستخضع لعمليات تفتيش أدق لإيقاف تدفق المخدرات من إيران.فيما أكدت هيأة المنافذ الحدودية أن مليشيات الحشد الشعبي هي الوسيط الناقل للمخدرات الايرانية للعراق وتوزيعه من خلال هوية وسلاح وعجلات الدولة والقوى المتنفذة فيه. أعلنت مديرية مكافحة المواد المخدرة في اربيل ودهوك في 20/7/2016 ، عن ان 90% من المواد المخدرة التي تدخل اقليم كوردستان مصدرها ايران، لافتا الى ضبطها عند الحدود قبل دخولها الى الاقليم في اكثر الاحيان.
ذكر المحقق المتخصص بدعاوى المخدرات، علي حسن كامل، في بيان نشره موقع السلطة القضائية في 1/12/2016  إن “عدد قضايا المخدرات في عموم البلاد شهدت تزايداً مستمراً ينبغي الوقوف عليه وإيجاد المعالجات اللازمة له من قبل جميع الجهات ذات العلاقة، وأن المعدلات على جانب الرصافة من بغداد فقط بلغت بحدود (50) قضية خلال اليوم الواحد، و الوقائع المعروضة أمامنا تفيد بأن أغلب المتعاطين يتواجدون في المناطق الشعبية الفقيرة المكتظة بالسكان”. 

من جانبه كشف مدير مكافحة المواد المخدرة في أربيل ودهوك بالمديرية العامة للآسايش في اقليم كوردستان (اللواء كيوان) في تصريحات صحفية عن معلومات مهمة حول المواد المخدرة في اقليم كوردستان ومصادر ورودها وأيضا حول اعتقال عدد من المتاجرين بها. موضحا بأنه تم خلال النصف الأول من عام 2016 فقط، اعتقال أكثر من 277 شخصا بتهم تعاطي مواد مخدرة اوالاتجار بها، مضيفا ان مفارز المديرية استطاعت خلال الفترة الماضية مصادرة 9 كغم ونصف من مادة التلياك المخدرة و 5 كغم ونصف من مادة الشيشة و 5 كغم ونصف من الحشيشة و 200 غم من الهيرويين و79 ألف حبة مخدر. وأكد أن 90% من المواد المخدرة التي تدخل اقليم كوردستان مصدرها إيران”.

السؤال المهم: هل إيران مصدر جديد لتصدير المخدرات الى العراق؟

قال أحمد حامد الصراف” لم يكن أهل العراق يعرفون (القات) حتى جاءهم صاحب هرمز ومحمد بن صاحب البحرين وهما من ملوك سيف البحر المجاور لبلاد فارس في أيام الملك المستنصر بالله وذلك سنة 628 هـ فحملها أصحابها معهم فاظهروا للناس أكلها فاشتهرت بالعراق ووصل خبرها إلى الشام ومصر وبلاد الروم فاستعملوها وفي نسبتها إلى الشيخ حيدر يقول الأديب محمد بن علي بن الأعمى الدمشقي:

دع الخمر واشرب من مدامة حيدر   معنبرة خضراء مثل الزبرجد

ولا نص في تحريمها عند مالك       ولا حد عند الشافعي وأحمد

ولا أثبت النعمان تنجيس عينها        فخذها بحد المشرفي المهند

لقد انتقلت دويلات الولي الفقيه من قارب الإرهاب المثقوب الى قارب المخدرات المثقوب، والنهاية واحدة، والمصير نفسه.

المخدرات لا تقل خطورة عن الإرهاب يا أولي الألباب

المخدرات لا تقل خطورة عن الإرهاب يا أولي الألباب

المخدرات لا تقل خطورة عن الإرهاب يا أولي الألباب

 من مقالات الكاتب - عراق العروبة

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.