انتفاضة تشرين مستمرة.. فقط تستدعي تقييماً ومراجعة!

عراق العروبة
2021-03-20T04:52:51+02:00
مقالات وآراء
31 أكتوبر 2020
انتفاضة تشرين مستمرة.. فقط تستدعي تقييماً ومراجعة!

انتفاضة تشرين مستمرة.. فقط تستدعي تقييماً ومراجعة!

عراق العروبة

هارون محمد

بدلاً من إلقاء خطاب، عشية الذكرى الأولى لانتفاضة تشرين الشعبية، حاول فيه ركوب موجتها، والمغالاة في انجازات (فضائية)، نسبها إلى حكومته، كان الأجدر بمصطفى الكاظمي، لو كان صادقاً وشجاعاً، أن يُعلن على الملأ، أسماء المليشيات الولائية، التي سرحت القتلة والقناصين، في الشوارع والساحات، لقتل المتظاهرين السلميين، وقد بلغ عديدهم، أكثر من 700 شهيد، وجرح وتعويق قرابة خمسة وعشرين ألف شاب، وخطف مئات الناشطين، لا يُعرف مصيرهم، برغم أن الداني والقاصي في العراق، بات يعرف تلك المليشيات، بتشكيلاتها ومقراتها، وعمليات غدرها.

ولم يعد سراً، أن جهاز المخابرات، الذي يرأسه الكاظمي، وما زال، بات يحتفظ بملفات ضاقت بها إحدى صالات مبنى الجهاز، وفيها كم هائل من الوثائق والصور والأفلام، وتسجيلات هاتفية، وبعضها مشفر، نجح فنيو المخابرات ومهندسوها، في فك رموزها، تثبت ضلوع قادة الفصائل الولائية ومسؤوليها في التصدي، للمتظاهرين السلميين، بالنار والرصاص، والملفات تكشف أيضاً، عن غرف العمليات السرية، التي توزعت في أكثر من مقر، ابتداء من المنطقة الخضراء والجادرية، مروراً بساحة التحرير ، وحي السنك، وانتهاء بشارع أبي نواس والبتاويين وساحة الطيران، وجميع هذه المقرات، تتبع غرفة عمليات جديدة، تحمل اسم (غرفة تفكيك التظاهرات) في العاصمة بغداد، يقودها عبدالعزيز المحمداوي (أبو فدك)، زعيم كتائب حزب الله، يعاونه الفريق (الدمج) أبو منتظر الحسيني (تحسين عبد مطر)، الذي أنهى الكاظمي تكليفه بقيادة الفرقة الخاصة المسؤولة عن أمن المنطقة الخضراء، مؤخراً، ونسبه إلى هيئة الحشد الولائي، والفريق (الدمج) أبو تراب الحسيني، (محمد ثامر اسماعيل)، الذي يتولى قيادة قوات الرد السريع في وزارة الداخلية، وعمله في غرفة تفكيك التظاهرات (رسمي) بموافقة وزير الداخلية السابق ياسين الياسري، ولم يعترض عليه وزير الداخلية الحالي، عثمان الغانمي، بالإضافة إلى االلواء (الدمج) أبو زينب اللامي (حسين فالح) رئيس دائرة الأمن والاستخبارات في هيئة الحشد، واللواء (الدمج) أبو ايمان الباهلي، رئيس العمليات السرية في الهيئة ذاتها، إلى جانب عضوية ليث الخزعلي شقيق قيس الخزعلي، وأبو آلاء الولائي، رئيس مليشيا سيد الشهداء، وأكرم الكعبي قائد مليشيا النجباء، وضابط الارتباط بين الحشد الولائي والحرس الثوري الإيراني، وقد انتقل إلى طهران في العشرين من الشهر الحالي، لتأمين اتصالات (آمنة) بين الجانبين، أما في المحافظات المنتفضة، فإن ثمة غرفاً مماثلة، منتشرة فيها، وهي أيضاً، معلومة للسلطات الحكومية.

وإذا كانت غرفة عملية تفكيك التظاهرات، قد نجحت، نسبياً، باختراق المتظاهرين، من خلال زج عناصرها في حراكهم في مناطق علاوي الحلة والسنك والباب الشرقي، في الخامس والعشرين من الشهر الحالي، عشية الذكرى الأولى لانطلاق انتفاضة تشرين، وافتعال صدام مع القوات الأمنية، إلا أن هذا النجاح، يتحمل مسؤوليته مصطفى الكاظمي، الذي كان يتابع مشهد نزول منتسبي المليشيات، واشتباكاتهم مع قوات حكومته، والاعتداء على المتظاهرين، من مقر عمليات بغداد، من دون أن يتخذ إجراءات سريعة لفرز المليشياوين، ووقف نشاطهم العدواني، على المحتجين السلميين، وعلى القوات الحكومية، واكتفى، في اليوم الثاني، بإطلاق تصريحات، تملق فيها للمتظاهرين، مُشيداً بانضباطهم، ومحيياً صبر قواته العسكرية ومهنيتها، ولكنه قال كلاماً ضبابياً، عن (الجماعات المنفلتة والعصابات، التي أرادت حرف التظاهرات عن سلميتها)، ولم يجرؤ على تسميتها، وكشف الجهات، التي ترتبط بها، برغم أنه يعرفها بالتفاصيل.

ومن المحزن، أن عديداً من الناشطين، وبعض مسؤولي لجان التنسيقيات، صدقوا تحذيرات مستشاري الكاظمي، التي هولت من قوة المليشيات، وبالغت في حجمها، وانسحبوا من أماكنهم، وتركوا مواقعهم، تحت ذريعة أن (المكان) ليس مهماً، وهذا صحيح، ولكن تبقى للأمكنة رمزيتها، لا بد من توظيفها في خدمة الانتفاضة، الأمر الذي استغله الصدريون، بلا جهد أو عناء، عندما قفزوا على ساحة التحرير، وارتقوا المطعم التركي، ومارسوا (البلطجة) في تهديد المتظاهرين، وإحراق خيامهم، في أعمال تخريبية تعودوا عليها.

والآن.. حدث الذي حدث، ووقع، الذي وقع، وبات المطلوب، من المتظاهرين، وقفة تأمل وتقييم ومراجعة، لإدامة زخم الانتفاضة الثوري، من خلال الحفاظ على حيويتها، وترصين صفوفها، وفرز القلقين منها، وتشخيص المندسين فيها، وتطوير حراكها، وتشديد خطابها، في الاصرار على محاكمة قتلة المتظاهرين، والمطالبة بحل المليشيات الولائية الإيرانية، وتقديم قادتها ومسؤوليها إلى القضاء، والسعي إلى نقل هذه القضية بالذات إلى المحاكم الدولية، خصوصاً، وأن عديداً من هذه المليشيات، مدرج على لوائح الارهاب الأمريكية والأوربية، والعمل على مساواتها، مع تنظيم داعش، برغم أنها تفوقت على التنظيم الارهابي، في جرائمها وانتهاكاتها ولصوصيتها، وقبح أعمالها، ودناءة أفعالها.

وعلى المتظاهرين السلميين، أن يواصلوا المطالبة بمحاسبة الفاسدين، وسراق المال العام، ، وعدم الاستماع إلى خطابات الكاظمي التخديرية، وتجنب تصديق وعوده الكاريكتيرية، أو الركون إلى تعهداته الكارتونية، فهو شخص خواف، ويفتقر إلى الصلابة في الحق، وأبسط دليل على رضوخه للمليشيات الولائية، أنه تناسى قضية اغتيال هشام الهاشمي، مستشاره والمقرب منه، برغم التوصل إلى معرفة قاتليه، بأسمائهم وعناوين بيوتهم، ومقرات عملهم.

وثمة حقيقة يجب أن تكون حاضرة، دائماً في أذهان المتظاهرين، أن انتفاضتهم، التي استمرت عاماً كاملاً، أسقطت فيه أعتى حكومة طائفية وعميلة، وأرعبت أقطاب الفساد، ورجفّت حيتان الطبقة السياسية، وتحدت سطوة المليشيات والمافيات، وكسرت شوكتها، وفضحت جرائمها، لن تستطيع أي قوة مهما بلغت قسوتها، إجهاضها، أو منع انتصارها، وتحقيق أهدافها.

إنها انتفاضة شباب، وهم ضمير الشعب الحي والصادق، وهذا وحده يكفي، لمواصلة المسار، واستمرار الحراك، والذي يصمد عاماً، يتحمل أياماً، والنصر آت لا ريب فيه.

 من مقالات الكاتب - عراق العروبة

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.