تبدد أوهام نظام الملالي

عراق العروبة
مقالات وآراء
14 أبريل 2021
تبدد أوهام نظام الملالي

تبدد أوهام نظام الملالي

عراق العروبة

نزار العوصجي

تبدد أوهام نظام الملالي

عندما نستقرأ الاحداث المحيطة بالعراق والمنطقة بشكل عام ، نجد ان الاندفاع المحموم في انفتاح التنين الصيني على الشرق ، يمثل مشروع من نوع جديد ، يبدوا في ظاهره انه تعاون اقتصادي ، أما في باطنه فهو التحكم بمقدرات الدول ، والسيطرة على المناطق الحيوية فيها ، و من ثم نشر قواعده العسكرية الحديثة ، التي يمكن التحكم بها عن بعد ، دون الحاجة الى تواجد بشري يلفت الانتباه ، وهذا لن يحصل بين ليلة وضحاها كما يطمع ملالي إيران ..

وعندما نقرأ بتمعن تاريخ الصين ، نجد انها ليست بالوداعة التي يحاول البعض اظهارها لنا ، فتجربة هون كونج وتايوان وماليزيا وفيتنام لازالت شاهدة على سلوكها المتزمت ، فلقد اثبتت الايام ان اليوان الذي تدفعه الصين باليد اليمين ، لابد ان تحصل بالمقابل على فوائد اكثر منه ، فتاخذ باليسار ثلاثة اضعاف ماقدمته ان لم يكن اكثر ، بالاضافة الى السيطرة على الدول التي تدخل معها في تعاقدات واتفاقيات ، يشوبها الغموض في اغلب فقراتها ومفاصلها ، وفقاً لمصالح الصين قبل غيرها ، وبما لا يعرض مصالحها للخطر ..

في الجانب الاخر تحاول إيران بالدهاء المعروف عنها أن تتخذ من الاتفاقية مع الصين غطاءً لها ، ودرعاً يقيها من خطر نشوب أي مواجهة عسكرية محتملة ، يمكن ان تحدث مع أميركا وإسرائيل باسناد من دول الخليج العربي ، ‏لما تمتلكه الصين من تقنيات عسكرية متطورة ، حيث سرح الملالي بخيالهم الواسع الذي صور لهم انهم سيجعلون الصين تسخر قوتها العسكرية والتقنية للدفاع عن نظامهم في قم وطهران ، وذلك اشبه بالمستحيل ، ان لم يكن المستحيل بعينه ، لما تعانيه إيران من اقتصاد متدهور غير قادر على دفع فاتورة الحساب ، التي ستكون ثقيلة جداً بكل تأكيد ..

كما أن ملالي طهران وقد تغافلوا عن أمر آخر هو في غاية الأهمية ، ألا وهو قدرات إسرائيل التقنية ، فهذه القدرات تفوق قدرات النظام الإيراني بعشرات المرات ، ولا وجه هناك للمقارنه بين هؤلاء وأولئك ، لذا فان اسرائيل ليست بحاجة الى الدخول في حرب تقليدية مع النظام الإيراني ، بل انها ستستخدم امكانيتها التكنولوجية في استهداف المواقع المهمة ، والتي تشكل عصب القوة لبرامج إيران النووية والصاروخية المثيرة للجدل ، وان التفجير الذي حدث يوم ألاحد الموافق 2021/4/11 في منشأة نطنز الإيرانية النووية خير دليل على ذلك ، ( آللهم أضرب الظالمين بالظالمين ) ..

‏هنا يأتي السؤال الذي يطرح نفسه ، هل أن الصين مستعدة لخوض حرب ضد أمريكا واسرائيل نيابة عن إيران ، دون ان يحدد زمن سداد فاتورتها ؟؟
بصيغة أخرى ، هل أن الصين مستعدة للتضحية  بإمكانياتها المتطورة في سبيل الدفاع عن إيران لوجه الله تعالى ؟؟
لو افترضنا ان الجواب نعم ، فمقابل ماذا ؟؟

ان كان ذلك لأجل النفط ، فبامكان الصين الحصول على الطاقة بالطرق التقليدية المتعارف عليها ، بالاضافة الى ماحققته من تقدم تكنولوجي يساهم بشكل فاعل في تخفيض حجم الطلب على النفط ، واستغلال الطاقة الشمسية المجانية ، التي لا تنضب ..

وان كان لأجل الحصول على موطئ قدم ، في إطار الصراع الإقليمي والدولي المحموم ، فالصين قد حصلت لنفسها على سيطرة فريدة من نوعها في افغانستان المجاورة لإيران ..

علينا هنا ايضا أن نستذكر حقيقة مهمة ( بل هي الأهم فيما يجري ) والتي يجب ان لاتغيب عن البال ، في أسس المبدأ السياسي الذي تقوم عليه التحالفات والمعاهدات بين الدول ، ألا وهو ، “المصالح وحسابات الربح والخسارة في العلاقات والصراعات الدولية التي تؤثر في هذه المصالح” وعلى هذا الأساس يجب أن لا تتوهم ايران حيال موقف الصين ، وامكانية الدفاع عنها امام أي ضربة أمريكية أو اسرائيلية عسكرية ، فحسابات الربح والخسارة هنا تميل إلى كفة ( غض النظر عن أي ضربة مثل هذه ) ، لان خسارة الصين ستكون اكثر بكثير فيما لو حاولت الوقوف مع إيران بوجه قوة مثل قوة ( الحلف الأمريكي الإسرائيلي ) ، والامثلة على مثل هذه المواقف والحسابات كثيرة ، وليست المعاهدة الروسية العراقية منا ببعيدة ، ولا المعاهدة العراقية السوڤياتية قبلها ، ففي الحالتين وقف الاتحاد السوڤيتي ( ميخائيل غورباتشوڤ ) موقف المتفرج أمام الضربات الأمريكية على العراق عام 1991 ، وتكرر الأمر عندما أدارت ( روسيا پوتين ) وجهها عن الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 ، على الرغم من حجم التبادل التجاري الكبير بين البلدين ، والامتيازات الإقتصادية المطلقة والواسعة التي أعطيت إلى الروس لضمان وقوفهم مع العراق في الساحة الدولية ، ومع ذلك لم يفعلوا شيئا وتركوا العراق وحيداً أمام أعدائه ..

وبغض النظر عن سلبية هذه المواقف بالنسبة للعراق ، فالروس في الحالتين اتخذوا القرار الذي يجنبهم الضرر لمصالحهم على حساب مصالح العراق ، هكذا تقول المباديء السياسية ، وهذه هي حسابات المصالح في السياسة الدولية ..

وعلينا هنا أن نذكر معلومتين اقتصاديتين ، لتأكيد ما نقوله حول معادلات وحسابات الربح والخسارة في العلاقات الدولية ..
حجم التبادل التجاري بين الصين واسرائيل بلغ في عام 2020 حوالي ( 12 مليار دولار ) .. وحجم التبادل التجاري بين الصين والولايات المتحدة في عام 2020 بلغ ( 512 مليار دولار ) ..

هذا فقط حجم المصالح الإقتصادية الموجودة بين هذه الأطراف الثلاثة ، بدون حساب المصالح المتبادلة الكثيرة الاخرى ، وخصوصا الجيوسياسية ومناطق النفوذ والتحالفات الدولية ..

من هذا كله نخلص إلى الحقيقة الواضحة التي تقول ؛ لم يتبقى لنظام الملالي ما يمكنه من المضي والاستمرار في اعتماد اوهام التوسع الإقليمي ، التي تدور في خيالهم المريض ، والأخذ بها على انها حقيقة ، وإنهم إن لم يرضخوا لشروط المجتمع الدولي ، وعلى رأسه الولايات المتحدة في التخلي عن هذه المخططات التوسعية والاقليمية ، ونبذ دعمهم للإرهاب ، فان نهاية نظامهم ستكون هي المصير والنتيجة الحتمية ، عاجلاََ ام آجلاََ …
وإن غداً لناظره لقريب …

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.