حكاية الطبيب البيطري إبراهيم الموصلي مع محاكم فائق زيدان

عراق العروبة
2021-03-20T04:08:40+02:00
مقالات وآراء
13 مارس 2021
حكاية الطبيب البيطري إبراهيم الموصلي مع محاكم فائق زيدان
حكاية الطبيب البيطري إبراهيم الموصلي مع محاكم فائق زيدان
حكاية الطبيب البيطري إبراهيم الموصلي مع محاكم فائق زيدان
قبل سنوات، وفي أيام الخير العراقية، كان القضاء رصيناً، وقُضاته أهل علم ومروءة، وكانت المحاكم، لا تبتّ في قضية، الا بعد دراستها ملياً، ومن جميع جوانبها، ولا تصدر أحكاماً، إلا وفقاً للقوانين، وخصوصاً قانون أصول العقوبات الشهير، ودائماً كانت قرارات المحاكم، على اختلاف درجاتها، تتسم بالحق والإنصاف.
ولم تكن محاكم، تلك الأيام، تُبريء شقيقين شقيين، قتلا أربعين مصلياً في مسجد مصعب بن عمير، بمحافظة ديالى، وأصابا اثنين وثلاثين آخرين، بجروح وعوق، اعترفا بجرمهما، وحُكم عليهما، وتأتي إحدى محاكم تمييز، فائق زيدان، وتُفرج عنهما، ولم نسمع عن محكمة عراقية، برأت سياسياً، هرّب مختلساً من السجن، لأنه شاب وفي مقتبل العمر، ولم تمر ّعلينا، قضية معمم استولى على جامعة معروفة، وباع منشآتها وأراضيها، وتتم تبرئته من التهم الثابتة عليه، ويُطلق سراحه، لأنه رجل طاعن في السن، ولم نسمع عن قرار لإحدى المحاكم في العراق، يُبريء امرأة، زورّت وباعت معلماً حضارياً وتأريخياً، في بغداد، الى شركة استثمارية، وقبضت العربون مقدماً، لأنها سيدة شيعية (علوية)، فقد كان القضاء العراقي مفخرةً، وكان القُضاة نُخبةً، قبل أن يتولى مدحت المحمود، ومن بعده، فائق زيدان، مقاليد القضاء، الذي انحدر إلى الحضيض، حيث كثر الفساد والانحراف، في لجانه التحقيقية، ومحاكمه وهيئاته، وغُيّب القانون، وتلاشى العدل، وارتفع مستوى الرشى والمحسوبيات، الى درجة مُروعة، ووصل الأمر، إلى سجن عشرات الآلاف من المواطنين، بتهم كيدية، وإعدام الآلاف، في محاكمات صورية، بتحريض من أحزاب ومليشيات طائفية، وقد اعترف هادي العامري، وهو زعيم مليشيا (بدر)، علناً وعلى رؤوس الاشهاد، أنه ورفاقه، تدخلوا في القضاء كثيراً.
وثمة حكاية مؤلمة، بات الكثير من الموصليين، يتداولونها بحزن وقهر، تُدمي العيون، وتُفطر القلوب، لمأساويتها، وما تحمله من ظلم وباطل، وضحيتها شاب يعمل طبيباً بيطرياً في الموصل، اسمه إبراهيم، لم يتحمل سياسات تنظيم داعش الذي احتل المدينة، ولم يُطق شدته، فقرر مغادرتها، هرباً من قسوة التنظيم، الذي اعتقل شقيقه الأصغر منه، وحطم ساقيه، وتوجه الشاب، إلى كركوك التي قيل له، أن مهنته مطلوبة فيها.
وخلال بحثه عن عمل، في الدوائر والمراكز الطبية البيطرية في كركوك، ألقت الأجهزة الأمنية فيها، القبض عليه، واتهمته، يا للمفارقة، بالانتماء إلى التنظيم الارهابي، الذي هرب من تطرفه، ولم تنفع توسلاته، ولا نجدته مسوّغاته، وتعرض إلى تعذيب نفسي وبدني، تمنى الموت من جرائه، وطالب بسرعة إحالته إلى المحكمة التي اعتقد أنها ستنصفه، غير أن المحققين أبلغوه، أن احالته إلى المحكمة، تتطلب الاعتراف بقتل ثلاثة مواطنين أو أربعة، وزرع عبوات وتفجير بيوت، ولمعت في ذهن الشاب الطبيب، فكرة حسب أنها تُنقذه من الحالة المزرية التي يئن من وطأتها، فاضطر إلى الاعتراف بقتل أربعة أشخاص، ذكر أسماءهم وعناوين سكنهم، واعترف أيضا بتفجير منزل أحد أقاربه في قضاء الحضر، وخلال مثوله أمام المحكمة، أبلغ رئيسها وأعضاءها، أنه اضطر الى الاعتراف، بقتل الأربعة، وتفجير المنزل، تخلصاً من التعذيب، وناشدهم، استدعاء الأربعة وصاحب المنزل للشهادة، بعد أن قدم ما يثبت أنهم أحياء، بالإضافة إلى سلامة المنزل.
وبدلاً من أن تأخذ المحكمة، الظروف التي أجبرته على الادعاء بقتل الأربعة، وقد اكتشفت أنهم أحياء، ولم يتعرضوا إلى القتل أو الاغتيال، ومستعدون للمثول أمامها، لكشف هوياتهم، والادلاء بشهاداتهم، ورفضت أيضا شهادة صاحب المنزل، الذي نفى تعرض بيته للتفجير، فانها صادقت على تقرير اللجنة التحقيقية، وحكمت عليه بالسجن (15 سنة).
وميّز الطبيب البيطري، الحكم الصادر عليه، وحضر الأربعة، وصاحب المنزل، الى محكمة التمييز، ولكن الأخيرة مثل الأولى، لم تستمع له، ولم تسمح للأربعة وخامسهم صاحب البيت، بالتعريف عن أنفسهم، وتقديم شهاداتهم، وهكذا سُجن ظلماً، وفي ملفه، قتل أربعة أشخاص، ما زالوا أحياء يرزقون، وتفجير منزل، يؤكد صاحبه أنه قائم، ولم يتعرض للتفجير.
هذه قصة مؤلمة ومحزنة، صاحبها ما زال وراء القضبان، يقضي محكوميته عن جريمة لم يرتكبها، ولأن حظه العاثر جعله (سنياً ومصلاوياً)، وهذه تهمة خطيرة، تكفي وحدها ، للإدانة والتجريم، في محاكم فائق زيدان، وقبله مدحت المحمود، لعنهما رب العالمين، وهو الحق، الذي يُمهل ولا يهمل.
 من مقالات الكاتب - عراق العروبة
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.