دالت دولة (الكرابلة)!

عراق العروبة
مقالات وآراء
19 أكتوبر 2021
دالت دولة (الكرابلة)!

دالت دولة (الكرابلة)!

عراق العروبة

هارون محمد

دالت دولة (الكرابلة)!

منذ اعتقال جمال الكربولي في نيسان الماضي، في عملية عنوانها الأبرز (الفساد)، والعد العكسي يرافق دولة آل الكربولي السياسية والمالية، وتشرذم حزبهم (الحل) وبات في مهب الريح، وجاءت عجاجة الانتخابات الأخيرة، وأسقطت شقيقيه المرشحين، محمد في بغداد، وعلاء في الانبار، وعدداً من مناصريه.

وليس دفاعاً عن الكربولي، بتخفيف الكاف، وليس بتشديده، على طريقة مشعان الجبوري، الا ان قضية اعتقاله ليست بريئة، ومن الواضح انها جاءت لاعتبارات عدة، كانت تهمة الفساد فرعاً صغيراً فيها، بينما الاستهداف السياسي ومشتقاته الكيدية والانتقائية والطائفية، تطفح على سطحها، أقول ذلك وانا هاجمته بحق، في أكثر من مناسبة، ولم يسلم من انتقاداتي السياسية، ومقالاتي الصحفية، وكلها موثقة، برغم أنه صاح عليّ (وير) ذات مرة، عند حلاق أردني، ويطلبني أيضاً، (عزيمة) كباب، شاركني فيها، النائبان السابقان محمد سلمان وحسين الفلوجي والزميل هاني عاشور، لم تتح الفرصة لردها، والمفارقة أن هذا الاستهداف، جاء بتحريض من كبير تلامذته، الذي شب وقوي عوده وصار (مُعلماً)، وتمكن من توجيه اللجنة القانونية البرلمانية، التي استيقظ رئيسها وأعضاؤها في الساعة الرابعة فجراً، وتداولوا بالتلفون، وأفتوا لهراوة الفريق أحمد أبو رغيف، أن تجلد ظهر جمال، وتقوده إلى السجن، رهن التحقيق والاعتقال، وهكذا أثبت ابن الكربولي، أنه صاحب مدرسة منخورة منذ تأسيسها، انهارت بعاصفة (غربية) صغيرة هبت عليها.

ولسنا هنا في معرض ما تتداوله الأوساط السياسية في بغداد، المُحبة لبيت الكربولي، والكارهة له، من أحاديث نصفها مبالغات تدافع عن جمال، ونصفها الآخر، مغلوطة تهاجمه بابتذال، ولكن يبقى توقيت اعتقاله، مثيراً للشكوك، ويُنتج تساؤلات مشروعة، لماذا الكربولي بالذات، وليس غيره وهم بالمئات؟ هل لأنه بات يشكل خطراً على المنقلبين عليه، والمنشقين عنه، وخصوصاً في الأنبار، يهددهم بخسارة مواقعهم، وفقدان امتيازاتهم، بما يملكه من ملفات تُدينهم، لو نشر ربعها، لاهتزت الأرض التي يمشون عليها، وتساقطت الكراسي التي يجلسون فوقها، لما تحمله من فضائح و(بلاوي)، أم لأنه سني، والسنة العرب مهما صعدوا أو نزلوا، يظلون الخاصرة الرخوة في (المكونات) إياها؟.

هل الكربولي جمال (راح بالرجلين)؟، ربما، ولكن من لا يعرفه، لا يُدرك أنه ليس سهلاً، وأبرز ميزاته، التي يعدها الكثيرون عيوباً تلازمه، ويصفها المقربون بانها حرص منه، هي: الأرشفة والتوثيق، فكل دولار دخل إلى جيبه، أو خرج من رصيده، في الصفقات والمناقصات، محفوظ بالتواريخ والأشخاص والأرقام، ولديه تسجيلات (صورة وصوت)، عن اجتماعات عمل، ومحاضر توقيع مقاولات، وقعدات وسهرات، من دون (مونتاج أو فوتوشوب) وأكثرها (سكوب ملون)، ينتظر الوقت الذي يناسبه لنشرها.

وفقاً للبيانات الحكومية، فأن اعتقال الكربولي جاء نتيجة اعترافات أحد حيتان الفساد، يُدعى بهاء الجوراني، وورد فيها اسم جمال، وحصصه من العقود والعمولات، ولكن المدهش أن الجوراني أورد أمام لجنة التحقيق، أسماء نحو خمسين مسؤولاً، تعاملوا معه، أغلبهم ما زال في السلطة، أو في ملحقاتها وتشكيلاتها، ومنهم وزراء ونواب ووكلاء وزارات ورؤساء دوائر، سابقون وحاليون، ومن ضمنهم أيضاً، سياسيون، وقياديون في أحزاب وكتل ومليشيات، يضاف إليهم، رجال أعمال وتجار ومقاولون، وأصحاب بنوك وشركات، لم يتم استدعاؤهم، أو حتى سماع إفاداتهم في الأقل!.

ولا نريد هنا إيراد روايات مفادها، أن جمال تعرض إلى ابتزاز، وطُلب منه تسليم وثائق يحتفظ بها، في داخل العراق وخارجه، تثبت شراكته مع (كبار)، يُعادون الكاظمي، الذي يريد فضحهم بها، أو ما يتردد بأن محمد الحلبوسي، سعى إلى فض تعاونه معه، وتسوية المتعلقات، وتصفية المعاملات، وتسلم بعض الملفات، تمنّع الكرابلة من الاستجابة له، ووعدوه ولم يفوا، فانتقم منهم، وحرض على سجن عميدهم، والداني والقاصي يعرف أن الحلبوسي، كان من عظام رقبة جمال، وعامود خيمته، منذ كان يملك شركة باب الحديد، ويأخذ مقاولات من قوات الاحتلال الأمريكي في الفلوجة والانبار، قبل أن يصير نائباً ومحافظاً ورئيس برلمان.

وبهذا الصدد فأن الكرابلة، برغم افتراقهم عن الحلبوسي، ما يزالون يطالبونه بتسديد مليون دولار، يقولون أنهم دفعوه، إيجارات سنوية ومستلزمات تأثيث خمسة عشر مقراً لحزب (تقدم)، في جانب الكرخ وحده، كان محمد الكربولي قد استأجرها باسمه وتحمّل مصاريفها، قبل أن ينزل من (الباص البرتقالي)، ويضيفون أيضاً، ان مبلغ مليون ونصف مليون دولار، ما زال في ذمة الحلبوسي لحد الآن، كان جمال دفعه لتغطية عمليات شراء أصوات النواب، في مهرجان انتخاب رئيس مجلسهم عام 2018، الذي كان نجمه الضاحك والمُضحّك في آن، وعلناً تحت قبة البرلمان، النائب أحمد الجبوري (أبو مازن).

قبل ثلاثة أشهر، وفي زيارة إلى عمان، التقيت أحد أصدقاء جمال، وسألته عن آخر تطورات قضية الدكتور؟، فقال: إن الكاظمي أبلغ وسطاء، أنه سيذهب بنفسه إلى مركز الشرطة المحبوس فيه، ويعتذر منه، ويُفرج عنه خلال يومين ثلاثة، وقلت له في حينه: وهل صدقتم؟، فبهت الرجل، وردّ: طبعاً، يقولون أن كلمة الكاظمي (ما تصير اثنين)!، ولم أقدر على كتم ضحكتي.

والسؤال الذي يُطرح، متى سيقدم جمال الكربولي إلى المحاكمة، وقد مضى على اعتقاله ستة شهور، وانتهى التحقيق معه في الأسبوع الأول من توقيفه؟، لا جواب جاهزاً، ومحاموه حائرون، لا يدرون ما يفعلون، كل الذي نجحوا فيه، هو نقله إلى (كرفان) خاص به، ملحق بمركز الشرطة الموقوف فيه، لاسباب صحية، لانه مريض حقاً، وقلبه معطوب فعلاً، وقد بات واضحاً، ان هذه الضغوط والمضايقات، التي تمارس عليه، تستهدف اجباره على تغيير أقواله، وتبديل إفادته، في محضر التحقيق القضائي الرسمي، وشطب اسم تلميذه (النجيب)، أين ما يرد فيه، وبعدها، الله وياك جمولي!.

دالت دولة (الكرابلة)!

 من مقالات الكاتب - عراق العروبة

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.