رئيسي، دمية خامنئي لمواجهة الانتفاضة

عراق العروبة
مقالات وآراء
29 يونيو 2021
رئيسي، دمية خامنئي لمواجهة الانتفاضة

رئيسي، دمية خامنئي لمواجهة الانتفاضة

عراق العروبة

نظام مير محمدي*

رئيسي، دمية خامنئي لمواجهة الانتفاضة

أميرحسين قاضي زاده هاشمي، مرشح تغطية الانتخابات:

“وصل الوضع في البلاد حرجًا لدرجة أننا كنا في حاجة ماسة لضرورة أن يكون لدينا سلطة مركزية في مجال التنفيذ، نظرًا للأوضاع القائمة فی مجال التنفیذ ومشاکل المواطنين”. ” (صحيفة “انتخاب”، 25 يونيو 2021).

ومضمون كلماته هو أن توحيد السلطة لم يكن من باب القوة، بل هو نقطة انطلاق ليتجاوز خامنئي انهيار نظامه الفاشي والإطاحة به في المرحلة الأخيرة من حياته.

وهذا يعني إقامة نوع من الأحكام العرفية للتغلب على الأزمات المستعصية، أي انكماش هيكل نظام الملالي وحصر السلطة في مقر خامنئي.

ويعد وصول الأنظمة الديكتاتورية لمثل هذه المرحلة بمثابة الاستسلام لإكراه ناجم عن الإحباط باعتباره الملاذ الأخير الذي يلجأون إليه لدعم أنفسهم وترسيخ أقدامهم. والحقيقة الأكثر مصداقية لإثبات ذلك هي مصير الديكتاتورية الملكية بعد تورط حكومة شريف إمامي في المأزق.

والجدير بالذكر أن انتفاضة الشعب الإيراني ضد الاستبداد الإمبراطوري آنذاك وصلت إلى مستوى من النضج بحيث لم يعد من الممكن السيطرة عليها. لذا لم يكن من شأن مجزرة 8 سبتمبر 1978 أن تجعل ظل القمع المكثف سائدًا في إيران. والدليل على ذلك هو أن القمع الدموي لمظاهرة الطلاب في 4 نوفمبر من نفس العام أثار غضب جماهير الشعب. وعندئذ لجأ الشاه إلى استخدام آخر سلاح له، وهو الأحكام العرفية ليأخذ بزمام المبادرة. ولتحقيق هذا الهدف، استدعى الشاه المارشال الأكثر ولاءً له، غلامرضا أزهاري إلى قصر نياوران في 5 نوفمبر 1978، وعيَّنه رئيسًا للوزراء بين عشية وضحاها. وقدم أزهاري قائمة بأسماء المسؤولين في الجيش الإمبراطوري للشاه ليتولوا الوزارات.

وكتب وليام سوليفان، السفير الأمريكي آنذاك، في هذا الصدد: “لقد توصلت إلى استنتاج مفاده أن الحكومة العسكرية هي الفرصة الأخيرة لبقاء الشاه، وإذا فشلت هذه الحكومة في وضع حد للإضرابات والمحافظة على النظام، فإن انتصار الثورة أمر لا مفر منه ويجب علينا أن نستعد لمواجهة هذا الواقع”.

وكان الشاه آنذاك يحتضر. إذ لم تستطع حكومة أزهاري التي استمرت 55 يومًا أن تفعل أي شيء. فبدلًا من تكثيف أجواء القمع والضغط، أصبحت حافزًا لتصعيد الاحتجاجات الشعبية.

ودون أن ننوي محاكاة تاريخ إيران المعاصر، نشير فقط إلى أن الشيخ أيضًا وطأ قدمه على الطريق الذي سلكه الشاه في نهاية عهده.

والسؤال الأول الذي يخطر ببال المرء جراء تنصيب رئيسي رئيسًا لجمهورية الملالي هو: لماذا اختار خامنئي هذا الجلاد سيئ السمعة ذو الملف المشؤوم؟

والجدير بالذكر أن رئيسي لم يتسلم السلطة رسميًا بعد، وأكدت وكالات الأنباء على دوره الإجرامي في مجزرة عام 1988، وطالبت منظمة العفو الدولية بملاحقته قضائيًا. ولا يزال الدبلوماسيون والبرلمانيون وغيرهم من أصحاب الضمائر الإنسانية المطلعة على القضايا الإيرانية يطالبون بتلبية هذه المطالب لينال رئيسي وأمثاله جزاء ما كانوا يفعلون.

وخامنئي على علم بكل هذه الأمور، بيد أنه لم يكن أمامه أي خيار سوى اختيار الجلاد رئيسي بعد انتفاضة يناير 2018، حيث أنه قضاءًا وقدرًا في حاجة ماسة إلى أستخدام رئيسي كخيال مآتة لكبح جماح الاحتجاجات الشعبية. إذ أن خامنئي يسعى باللجوء إلى سفاح مجزرة عام 1988 إلى توجيه رسالة إلى المجتمع مفادها أنه سيلجأ إلى التعذيب، بيد أنه نظرًا لأنه ونظامه في وضع هش، والرياح تجري بما لا تشتهي السفن، فإن نتيجة هذه الرسالة ستكون عكسية ودافعًا لانفجار الغضب الاجتماعي.

وتجدر الإشارة إلى أن المخاوف من الرصاص والتعذيب وأفراد الباسيج وأفراد قوات حرس نظام الملالي وعناصر الشرطة قد تبددت بعد انتفاضة نوفمبر 2019، وأن المجتمع يُعدُّ نفسه للدخول في مواجهات نارية حامية الوطيس بقلب الأسد تقويه رغبته الجامحة في تحقيق العدل. وصوَّرت انتخابات 2021 مشهدًا من مشاهد هذا الاستعداد المجتمعي اللامحدود.

ويجب أن ننوه على أن رئيسي بالنسبة لخامنئي في موقف أضعف بكثير من موقف أزهاري بالنسبة للشاه. وبما أن أزهاري فشل في المحافظة على الحكم العسكري للشاه، فمن باب أولى ألا يتمكن رئيسي من إنقاذ خامنئي ونظام ولاية الفقيه من الإطاحة الحتمية. والحقيقة هي أنه لن يستطع القيام بهذه المهمة الشيطانية فحسب، بل إنه سيتسبب في تسريع وتيرة الإطاحة بهذا النظام الفاشي بأكمله.

*كاتب إيراني معارض.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.