قطرة ماء!!

عراق العروبة
ثقافة وأدب
25 سبتمبر 2021
قطرة ماء!!

قطرة ماء!!

عراق العروبة

د . صادق السامرائي

.

قطرة ماء!!

.

مِنْ مياهِ النَهْرِ أوْ مـــــاءِ السَماءِ

مِنْ جُسومِ الخَلقِ في كَنزِ الثواءِ

قطرةٌ جابَتْ ربوعاً لا تَـراها

وتَماهَتْ حينَ طارَتْ بالهواءِ

وتَعالتْ فـــــي رُبى غَيْمٍ هَطيلٍ

مَطراً صارَتْ وجادَتْ بالعَطاءِ

إنَّها تَسْري بذاتٍ وتُرابٍ

وبأرْجاءِ وجودٍ وفَضاءِ

بينَ نَهرٍ ثمَّ بَحْرٍ أوْ بِبئرٍ

ومُحيْطاتٍ تواصَتْ بامْتلاءِ

سافرَتْ نَشوى بحَيٍّ أو جَمادٍ

وتَبارَتْ ضدَّ أهْوالِ انْتِهاءِ

إنّها تَبقى بأرْضٍ وحَياةٍ

تَتَباهى بانْتقالٍ وبَقاءِ

كلّ مَوْجودٍ كحَيٍّ سَوفَ يَفنى

قطرةُ الماءِ سَتَحْيا بالفَناءِ

تَكنزُ الذِكْرى وتَدْري ما اعْتَرانا

عِندَها التأريخُ مَرْصوصُ البِناءِ

قطرةٌ فيها مَسيرٌ للبَرايا

تكْشِفُ الأيّامُ مَطمورَ الخَباءِ

هيَ جُزءان وجُزءٌ ذاتُ أصْرٍ

جُمِعَتْ نارٌ بنارٍ وبماءِ

حَمَلتْ نَبْضَ وجودٍ مِنْ بَعيدٍ

سَكَبَتْ فينا رَحيقَ الإنْتِماءِ

لا تَقلْ أنّي وجاهِرْ في كِيانٍ

صُنوَ كوْنٍ كائنٍ رَهنَ السَواء

قطرةٌ جابَتْ ربوعاً في خَليقٍ

ثمَّ عادَتْ تَشْتَكي بُهْتَ انْضواءِ

وذئابُ الجَهْلِ أضْحَتْ أمّةً

فوقَ تلٍّ واسْتَعانَتْ بالعَواءِ

وإذا المَحْرومُ فيها مُسْتفيقٌ

مِنْ قنوطٍ مُسْتَجيرٍ بالخَواءِ

إنّها جاءَتْ ببُشرى مِنْ يَقوظٍ

جَعَلَ الفِعْلَ رَسولاً للنِداءِ

زعْزَعَتْ أرْكانَ بُهْتٍ مُسْتَخيْبٍ

وضَلالٍ يتَخفّى بالنَقاءِ

فاكْشِفِ المَسْتورَ لا تقرَبْ إليْها

بَصَرَتْ نوراً وفاضَتْ بالسَناءِ

عَجَباً نثِّتْ وأحْيَتْ مُحْتَواها

وتَوارَتْ في ثَنايا الإبْتداءِ

يا رُؤى الأطْيافِ يا طيْفَ أمانٍ

وَسِعَتْ روحٌ زمانَ الإرْتقاءِ

أيّها البَحْرُ المُكنّى بَعْضَ قَطْرٍ

قطرةٌ منّا تعَرَّتْ كالهَباءِ

يا بِحاراً سُجِّرَتْ حينَ انْقِداحٍ

وإذا الأجزاءُ أضْحَتْ في عَناءِ

مِنْ مياهِ الروح يُسْقى مُنْطوانا

وقليلُ الماءِ مِنْ صِنْفِ الدَواءِ

كتبتْ أجيالُ أرْضٍ سِفْر خَطْوٍ

وتنشَّتْ بعَصيْرِ الإنْجِلاءِ

هكذا الأيّامُ تُدْحى بصَغيرٍ

يَتواهى لحُجومِ الإنْزواءِ

قُدْرَةُ الأكْوانِ فيما قد تَناهى

وكذا الذراتُ يَنْبوعُ البلاءِ

أطْعِميْنا أمّة القطْراتِ شَهْداً

وامْنَحيْنا بعْضَ أسْبابِ الشَفاءِ

إنّنا نَحْيا بجَفوٍ وابْتِعادٍ

وأرانا في مَتاهاتِ العَداءِ

كلّما دارتْ أتَتْنا بغَريْبٍ

وبإثمٍ منْ بَديعاتِ الغَشاءِ

إنّها ليلٌ طويلٌ دونَ فجْرٍ

وبها الصُبحُ تراأى كالمَساءِ

فلماذا إنْتهينا لضَئيلٍ

وعَدوْنا كحِصانٍ في الخَلاءِ

أيّها الساقي لماذا تشتكينا

هلْ شكوناكَ بعَصْرِ الإنْطِفاءِ؟

نفثتْ شوقاً وروحاً واسْتَخارَتْ

ورَمتْ حِمْلاً بنارِ الإنْشواءِ

وبها ألقتْ عَصاها في خِيامٍ

جَمَعَتْ ضُداً بضدٍ وانْتخاءِ

لا تَلُمْ حَيًّا سَبوْغاً في رَميْضٍ

يَتدانى مِنْ مُعِيلاتِ الوباءِ

إنّها الدُنْيا بقَطْرٍ مِنْ دُموعٍ

وبفَيْضٍ مِنْ يَنابيْعِ الدِماءِ!!

***********************

بقلم الشاعر:

د . صادق السامرائي

 من مقالات الكاتب - عراق العروبة

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.