لماذا يخافون من الخسارة؟

عراق العروبة
مقالات وآراء
2 نوفمبر 2021
لماذا يخافون من الخسارة؟

لماذا يخافون من الخسارة؟

عراق العروبة

د . عبدالرزاق محمد الدليمي

لماذا يخافون من الخسارة؟

في 10 تشرين الأول الماضي ، شهد العراق مهزلة انتخابات برلمانية اخرى ، وهي الخامسة منذ أن احتلال العراق وفرض دستوره الهجين الملغوم لعام 2005. وعلى الرغم من محدودة  ​​التوقعات حول ما يمكن أن تحققه هذه الانتخابات ، الا ان هناك قلة من الذين يعتقدون خطأ أنها وسيلة مهمة إلى التغيير من خلال الوسائل السلمية،ويرى هؤلاء انه بمجرد انتخاب البرلمان الجديد ، ستكون لديه فرصة مهمة للتغيير وتناسى أصحاب هذا الاعتقاد الكارثي ان الديمقراطية لا يمكن ان تتحقق في بلد كالعراق مكبل بأنواع الاحتلال ويهيمن عليه عملائه وان مصير ما تفرزه هذه الانتخابات هو ذاته الذي خرجت به سابقاتها وستشهد عملية طويلة الأمد تستغرق أشهر لتقاسم الغنائم بين العملاء والذيول، فالنتائج النهائية ستكون أبعد ماتكون بكثير مما يطالب به الناس ويحتاجون إليه.

فشلت كما توقع غالبية العراقيين الشرفاء مسرحية الانتخابات البائسة التي جرت في ذات البيئة التي تسودها الفوضى غير الخلاقة وعدم ثقة الجماهير في الأحزاب السياسية والقادة والحكومة والعملية الانتخابية في البلاد بشكل عام، قدمت الانتخابات الأخيرة تأكيدا سيئا آخر ، التي حكمها قانون انتخابي ومفوضية انتخابية  فضلت بهما  مصالح الأحزاب الفاسدة التي عاثت ونخرت العراق واهله بدلاً من الشعب ، بعملية احتيالية  وزاد من تقويضها انخفاض نسبة التصويت إلى حدود متدنية لم تتجاوز حاجز 10%. 

كان الهدف الدعائي والأكذوبة المعلنة من هذه الانتخابات ، التي أجريت قبل موعدها الأصلي الذي كان في عام 2022 ، انها كانت  استجابة لمطالب الشعب العراقي المطالب بحقوقه بالوطن و بالإصلاحات وتحسين الخدمات والوظائف وإنهاء التأثير الخارجي،وكان أمله أيضا كسر الجمود بين الفئة السياسية التي مكنها الاحتلال من الهيمنة على الحكم في العراق بعد احتلاله في نيسان 2003.

في غضون ذلك ، وابتداءً من اعلان النتائج الاولية ، كانت ردود افعال المليشيات المتطرفة والجهات المسلحة التي خسرت مقاعدها التقليدية وبدأت تمارس أدوارا احتجاجية كانت لا تسمح لغيرها من  القوى الشعبية الرافضة للاحتلال وعمليته السياسية الفاشلة القيام بها وكانت تواجهها بالعنف والقتل بأبشع أشكاله بالتنسيق مع قوات الأمن التي تستهدف المتظاهرين السلميين مما ادى إلى مقتل المئات وإصابة الآلاف ، وخطف أو اغتيال قيادات مدنية، كل هذا وغيره من الأساليب القمعية الوحشية  عمق من ظاهرة عدم ثقة الجمهور في الطبقة السياسية والحكومة واستحالة إمكانية التغيير

 الخوف من الخسارة

كان سقوط أحزاب ذيول لإيران في الانتخابات الأخيرة فاجعة لها وكان متوقعا جدا وهذا ما وضعها في مأزق سياسي سيدفعها الى استخدام  الجانب الذي تجيده من أساليب القتل و الترهيب والابتزاز وخلق وافتعال الازمات،ليس فقط لأنهم لايقبلون بالخسارة وما يترتب عليها من خسائر بالمصالح المادية والاعتبارية ناهيك عن نبذ الشعب لهم بل لانهم يعلمون جيدا ان ابتعادهم عن المناصب سيفقدهم تلك المصالح والامتيازات والاهم منها رفع الحصانة عنهم، الأمر الذي سيعرضهم للملاحقة القانونية فيما لو صحت ضمائر المنظومة القضائية،وبدأت مرحلة الحساب لهذه الزمر من المجرمين المتمرسين بالقتل والسرقات والنهب والسلب،منذ احتلال العراق ومستمرين فيها.

ففي وقت تنظر فيه مفوضية الانتخابات العليا في الطعون و الاستعداد للإعلان النهائي عن نتائج الانتخابات التشريعية ، تستغل القوى الخاسرة مواقف الرفض الذي تتخذه غالبية فئات الشعب العراقي من كل العملية السياسية بما فيها مهازل الانتخابات الا ان ذيول الاحتلال التي لن تسمح بخسارة امتيازاتها تحاول ان تستغل جيوشها كالحشد اللا شعبي والمليشيات المجرمة والموظفين الذين غرقت بهم وزارات الدولة وهم يشكلون كل ظاهرة البطالة المقنعة ،والذين تم تعيينهم لاستغلالهم في مثل الظروف،وهم الذين كلفوا بتنفيذ الاعتصام في المنطقة الغبراء ( تضم عدداً من المؤسسات المهمة والحساسة بينها السفارة الأمريكية )كجزء من الواجب الوظيفي الذي يتقاضون منه رواتب مجزية سحت حرام،بدون ان يقدموا أية خدمات للشعب،عدا عدد من مئات الآلاف من الأسماء الوهمية التي سجلت على ملاكات الحشد اللاشعبي وغيرها مؤسسات الدولة وتذهب الى جيوب قادة الأحزاب والمليشيات التي يدعون انها اسلامية؟!!.

الغريب ان نفس هذه الأطراف المجرمة كانت تطبل وتزمر بنزاهة وشفافية كل الانتخابات السابقة ، وهي نفس الأجواء التي أجريت بها الانتخابات الاخيرة ،وما رافقها من مواقف دولية مؤيدة ( كالعادة ) لنزاهة وشفافية الأرقام المعلنة، الا ان هذه الزمر أعلنت عن غضبها وتلويحها بضرب العملية الديمقراطية التي طالما صدعوا رؤوسنا بالدفاع عنها، علما ان مجلس الأمن الدولي أشاد بنزاهة ، وشفافية الأجواء التي سادت العملية الانتخابية، مبديا أسفه إزاء التهديدات التي تطلقها القوى الولائية الخاسرة باستهداف البعثة الأممية في العراق.كما  أصدر الاتحاد الأوروبي موقفاً مشابهاً تضمن التأييد لنتائج الانتخابات والاستنكار لوسائل الاعتراض “غير الديمقراطية ،ويبدو واضحا أن محاولات القوى الخاسرة في استخدام ورقة “السلم الأهلي”، وإشاعة الفوضى مقابل تحسين الأرقام الانتخابية لصالحهم، لعبة خاسرة سترد عليهم بمزيد من الخيبات،والامر المضحك المبكي ان هذه الاوضاع غير الطبيعية تتحكم بها نفس الأطراف التي انفردت بحكم العراق فالقوى الخاسرة هي جماعات الإطار التنسيقي الشيعي،والتي تضغط من أجل الحصول على طمأنة بألا تطالها يد القضاء والسلطة في الحكومة المقبلة، كونها متهمة بقضايا قتل واستنزاف لثروات البلاد وان الخلاف بين القوى الخاسرة والفائزة ليس على عدد المقاعد وعمليات العد والفرز اليدوي كما يثار الآن، وإنما يتلخص في حشرها ضمن مغانم وزارية في الحكومة القادمة بغض النظر عن أوزانهم الانتخابية،

استمرار منهج قتل وتجويع العراقيين

منذ اعلان نتائج مهزلة الانتخابات المرفوضة من العراقيين تستمر القوى الميليشياوية بجرائمها التي لم تتوقف منذ احتلال العراق وتبرز المجازر الجديدة القديمة لمليشيات بدر القذرة ضد أبناء شعبنا في مناطق وقرى المقدادية وبلدروز ،بحجج واهية ما عادت تنطلي على أبسط مواطن عراقي،وكعادة هذه المليشيات المجرمة التي لا تعرف غير القتل والسلب والنهب والتهجير أساليب سهلة لتحقيق أهدافها الفئوية والطائفية،تحاول اختلاق ذرائع لأزمات تستغلها لتحقيق مكاسب سياسية لاسيما بعد خسارتها غير المسبوقة،كذلك هي تستبق الأحداث وتحديدا احتمالية الغاء الحشد اللاشعبي هذه المنظمة التي تستغل من قبل قياداتها لتنفيذ المهام الارهابية واللصوصية، وهذا يعني فقدان أصحاب هذه المليشيات للذريعة القانونية وللقوه التي يهددون بها خصومهم ويحصلون على مغانمهم المادية بما فيها تهديد كيان الدولة الهزيلة المصطنعة ، ولهذا كانت داعش أكثر الوسائل استخداما في مثل هكذا ظروف ،علما ان القرى التي قتلوا وسلبوا وهجروا اهاليها ليس فيها اي تنظيم لداعش أو غيره وهي مناطق تحت سيطرة الدولة ومحاصرة من جميع الجهات منذ سنوات طويلة من قبل قوات الجيش والاجهزة الامنية ،فمن أين دخل تنظيم داعش ،وأين كان الجيش والاجهزة الامنية؟!!

شعب العراق الغني الجائع

أعلن يوم الأحد 24 تشرين الاول، نتائج تقرير برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة، اعتبر العراق، المليء بالثروات الهائلة وإلامكانيات ضخمة …ضمن أكثر 7 دول في العالم يواجه شعبه الجوع ذكر تقرير لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة أن ثلث سكان العراق ينام جائعاً، من بين سبع دول على مستوى العالم ،وأظهرت “خارطة الجوع” التي رسمها التقرير، سبع مناطق حول العالم باللون الأحمر الداكن، من بينها العراق وهي من بين المناطق الأشد جوعاً في التصنيف قبل الأخير الذي شمله التقرير.وجاء تصنيف العراق، إلى جانب اليمن والصومال ومدغشقر وجمهورية الكونغو وجمهورية أفريقيا الوسطى ورواندا.

لماذا يخافون من الخسارة؟

لماذا يخافون من الخسارة؟

 من مقالات الكاتب - عراق العروبة

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.