نظرة في تطور اللغة العربية

عراق العروبة
2021-04-04T01:03:15+02:00
ثقافة وأدب
15 ديسمبر 2020
نظرة في تطور اللغة العربية

نظرة في تطور اللغة العربية

عراق العروبة

د . فالح نصيف الكيلاني

نظرة في تطور اللغة العربية

لونظرنا في تاريخ اللغة العربية وكيف تكونت وكانت وكيف دخلتها هذه الكلمات الاعجمية وكيف سيطرت على السنتنا هذه اللهجة المحلية التي نتكلمها اليوم لراينا لهذه اللغة الخالدة تاريخا حافلا بالمعارك والعقبات واللطائف والغرائب . فمن المعلوم ان العرب قبل الاسلام – كما يقول المؤرخون – عرب عاربة وعرب مستعربة والعاربة كما يحدثنا التاريخ سكنت اليمن ومن مناطق جنوب الجزيرة العربية وكانت لها لغتها او قل لهجتها الخاصة بها كاللهجة الحميرية وحمير احدى اكبر القبائل العربية ولهجتها تختلف عن لغة الشمال الذين يسمون بالعرب المستعربة حسبما تطلق عليهم التسميات التاريخية من حيث انهم تناسوا لغتهم الاصلية واتخذوا لغة الجنوب لغة لهم قبل ان يتهدم سد مأرب في اليمن وهو سد عظيم بين الجبال اليمنية فلما تهدم اغرقت مياهه اغلب الاراضي اليمنية بحيث اضطرت القبائل العربية اليمنية للهجرة فنزحت هذه القبائل نحو الشمال وسكنت الحجاز وشمال الجزيرة العربية .

ويحدثنا التاريخ ان العرب النازحين لكثرتهم استطاعوا ان يصهروا ألسنة عرب الشمال ويجعلونهم يتناسون لغتهم الاصلية بمرور الزمن ويتكلمون لغة الجنوب فسموا (العرب المستعربة) لتناسيهم لغة الاباء والاجداد واتخاذهم لغة القادمين اليهم لغة لهم ومن العجيب ان يأتي قوم نازحون لمكان معين فيستطيعون تغيير لغة من سكنوا معهم الى لغتهم والتغلب على ألسنة المواطنين الاصليين وقد وقف المحدثون في الادب العربي موقف الحذر بل الشك والريبة من هذا الامر اذ انهم لا يصدقون ما تناقله اصحاب القديم .ويراهن بل يبرهن بعضهم على ان لغة الشمال هي اللغة الاصلية وان عرب الجنوب النازحين الى الشمال هم الذين تناسوا لغتهم نتيجة لهجرتهم واندماجهم مع عرب الشمال واتخذاهم لغة العدنانيين لغة لهم .

ويحدثنا التاريخ انه في زمن نبي الله اسماعيل كانت مكة قرية صغيرة تقع بواد غير ذي زرع الا انها توسعت بمرور الزمن نظرا لمواقعها المتميز وصلاحيته للتجارة والسكن وانه اصبح رمزا دينيا مهما فكبرت المدينة وسكنها اناس كثيرون فاصبحت مدينة واسعة واصبحت بعد تهدم سد مأرب في اليمن من اكبر المدن في ذلك الوقت واصبحت لهجتها – حيث كان لكل مدينةاو قرية لغتها ولهجتها- هي اللغة الشاملة للعربية واصبحت قريش الاقبيلة العربية من بين اكبر القبائل العربية .

فقريش هي القبيلة العربية التي كانت لها المكانة والصدارة في مكة قبل الاسلام عدنانية شمالية لغتهم . ويحف بها من كل جانب القبائل العربية الاخرى النازحة والرازحة وبما ان هذه القبيلة تتكلم اللغة العربية بلهجتها الخاصة فقد استطاعت عن طريق العلاقات الاجتماعية ورواح ومجيء العرب من والى  مكة للتجارة والحج او غيرها ان تتغلغلت لهجة قريش في ألسنة العرب المجاورين لمكة . وبمرور الزمن اصبحت لغة قريش على كل لسان اذ كان لسيطرة القرشيين على مكة اهمية بالغة ولكثرتهم . وهذا ما امثله باللهجة المصرية في الوقت الحاضر والتكلم ببعض كلماتها من قبل اغلب العرب نتيجة متابعتهم المسلسلات المصرية والافلام المصرية والتي تتحدث باللهجة المصرية في الغالب وهكذا اصبحت لغة قريش اللغة الرسمية العربية واجبرت القبائل العربية على النطق بها في المواسم والاسواق الثقافية وفي القصيد في الشعر و الخطابة والنثر بعد ان تاثرت لغة قريش ايضا بلهجات القبائل الاخرى وبالنازحين اذ حوت لهجتها كلمات من لهجات شتى القبائل العربية بين القليل والكثير والاغلب لهجة قريش ونعود الى القول ان الفضل يرجع لقوة ومكانة وعظمة قريش بين القبائل في ذلك الوقت ومنزلتهم الدينية والاجتماعية والاقتصادية اذ انهم سدنة الكعبة المشرفة التي يؤمها الناس للحج في كل وقت وزمان ولأنهم الاشراف والمسيطرون على التجارة في طول البلاد والجزيرة العربية وعرضها حيث كانوا يتاجرون من مكة المكرمة الى اليمن والقبائل الجنوبية فيها برحلة الشتاء ويتاجرون الى بلاد الشام وعشائرها ومدنها الكثيرة في رحلة الصيف كما ذكر في القرآن الكريم .

واليوم اذا رجعنا الى مفردات اللغة العربية لوجدنا فيها لغة قريش الغالبة اضافة الى لهجات اسد و مضر وهذيل وغسان وغيرها من قبائل الجنوب ناهيك عن تاثير قبائل الشمال فهي لغة كل العرب والاغلب قريش .

واللغة العربية لغة جامعة شاملة اذ انها لغة صوتية اشتقاقية لأنها تعرف من الصوت وتكتب على الاكثر حسبما تلفظ ونبراتها سهلة الصياغة على اللسان وان اجماع كل حرف مع الحرف الاخر يعطي لونا جديدا ونغما اخر يختلف عن النغم الاول بحيث تشكل انغاما عربية مختلفة وفقا لسياقات الحرف وتناغمه مع الحرف الاخر وامكانية الكاتب او الشاعر اة الاديب في انتقاء هذا الحرف او ذلك . واشتقاقية لأنها من أفعالها الأسماء أي ان الفعل هو الاصل وبمقدور المرء ان يتصرف كيفما يشاء ويشتق ما راق له من الكلمات بشرط ان لا يخرج على القواعد والموازين العامة لهذه اللغة العظيمة ولهذه الصفة استطاعت العربية العربية أن تلائم كل العصور والازمنة وكل الحضارات وتنتج كل هذه الاداب والعلوم وتبقي حية مدى الدهر وتساير كل مستجدات الرقي والتحضر رغم تعاملها مع البداوة والغلظة فهي تحوى الكلمات الرقيقة المتناهية في الرقة الى جانب الكلمات البدوية الجافة والشديدة الوقع والصعوبة فهي كما قال عنها الاديب المرحوم عباس محمود العقاد – اللغة الشاعرة –

اتخذ الاسلام العربية اللغة الرسمية لهذا الدين الحنيف واعتبرها لغة القرآن الكريم وقيل انها لغة اصحاب الجنة في الاخرة حيث نزل فيها القرآن الكريم :

( انا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ) سورة يوسف اية\ 2

نزل القران الكريم في بيئة عربية وبالحرف ىالعربي وانتشر بين اقوام عرب هم نواة الاسلام ورجاله . والرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الذي انزل عليه القرآن الكريم وارسله الله تعالى رحمة للعالمين نبيا ورسولا لهم جميعا عربي قرشي فنزل القرآن الكريم بالعربية وكانت آنذاك لغة متكاملة من كل الوجوه وكان لنزوله كل الاثر في خلود هذه اللغة من جهة وتطورها من جهة اخرى فالقرآن الكريم كتاب مقدس خالد نزل من السماء فاصبح من اوسع روافد اللغة العربية وسندا لها وحفظه الله تعالى من كل تغيير او تحريف:

(انا نزلنا الذكر وانا له لحافظون) سورة الحجر : اية\ 9

وبحفظ القران الكريم حفظت العربية فالقرآن الكريم حفظها  والتزمها في احرج المواقف متحديا كل العراقيل والصعوبات وصانها واساليبها وقواعدها من كل ما حاقت بها من مصاعب واحدث فيها ثورة عامة في الكلمات والاساليب والمعاني وتقدمت تقدما واسعا اذ انبرى العلماء العرب والمسلمون ايا كانت لغتهم من دراستها والبحث فيها وفي اساليبها وقواعدها وبلاغتها وكل مكوناتها .

وقد مرت اللغة العربية بنكبات وتكالب عليها الأعاجم لطمس معالمها بعد ان انحسرت رقعة الحكم الاسلامي ومن ثم انكمشت وظهرت الدويلات الصغيرة . وفي العصر الحديث خاصة بعد ان انتشرت انتشارا واسعا في كل إنحاء العالم بفضل القرآن الكريم – فاينما وجد الاسلام وجد القرآن الكريم واينما وجد القرآن الكريم وجدت العربية . ومن هذه النكبات التي تعرضت لها اللغة العربية من سياسة الاقوام التي انفرطت من الاسلام او من التكلم بالعربية ورجعت الى لغتها التي كانت عليها قبل اسلامها مثل الصين والهند والافغان والترك والرومان والفرس والاسبان وفي العصرالحديث مانفذته تركيا عندما حكمت البلاد العربية بسياسة التتريك التي اتبعها الاتراك مع الشعب العربي الذي كان تحت السيطرة التركية والفرنسة في شمال افريقيا بالنسبة للاقطار العربية التي كانت ترزح تحت ظل الاستعمار الفرنسي مثل الجزائر والمغرب . فتحدتهم العربية وبقيت اصيلة عربية شامخة .

القرآن الكريم كان و لا يزال سبيكة ذهبية للغة العربية خالدا وحافظا لها جمع اساليبها استوعبها وطور معانيها واضفى عليها هالة من قدسيته وعظمته لدى عموم المسلمين في كافة انحاء العالم واجلالاً وعظمة غرست في نفوسهم وقلوبهم . ولبيان القرآن الكريم اهميته في ذلك فقد تحدث في جميع اساليبها بين اللين والشدة والترهيب والترغيب والقصة والحكاية والخطابة وما جاء فيه من البيان والبديع في الانشاء والتورية والاستعارة والكناية و في السجع والطباق والجناس وكل البلاغة العربية فهو جامع لنحوها وقواعدها وصرفها وبلاغتها كما استعمل لهجات وكلمات وتعابير بليغة لم تنطق العرب بمثلها قبل نزوله حتى قيل ان اللغة العربية هي لغة القران الكريم وكفى .كما جمع لهجات بعض القبائل العربية فكان بحق الرافد الاول والاعظم للغة العربية .

وبالاضافة الى القرآن الكريم هناك روافد اخرى اوجدها الاسلام تصب في معين اللغة العربية الواسع . فالأسلام – الدين الجديد- يحتاج الى اسلوب متين وقول فصيح , وقد جمع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كل الفصاحة والبلاغة والبيان فكان الحديث الشريف قد رفدها بأساليب وكلمات جديدة من اقوال الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم النبي او الرجل العربي القرشي فكان يمثل الرافد الثاني لها .

وكذلك الخطابة تعتبر رافدا اخر لها إذ إن الحركة الإسلامية وكل حركة جديدة حتما تحتاج التكلم والخطابة وخاصة في بداياتها وذلك لعدم وجود وسائل أخرى لجهل الناس الكتابة انذاك فكان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه من بعده خطباء بلغاء فكانت الخطابة الرافد الثالث من روافد اللغة العربية وسموها فهذه روافد التي كانت تصب في بحر اللغة العربية في الجاهلية وفي صدر الاسلام .

وظلت اللغة العربية لغة الدين والعلم والادب والدولة طوال هذ العصر والعصور التي قبله وهي في اتساع وامتداد حتى وصلت فرنسا وشواطيء البحرالمتوسط وجزره مثل صقلية ومالطة وحول  بحر الادرياتيك و وصلت الى اواسط افريقيا و الى الهند والصين شرقا وانشات مدنا وعواصم للعربية فيها مثل بخارى وسمرقند فاينما توجه العرب نشروا الاسلام دينا والعربية لغة الا ان استقلال بعض الامارات عن الخلافة في هذا العصر وما بعده و تاميرها بامراء غير عرب وخاصة الامارات الشرقية فقد جعلتهم يتعصبون للغاتهم الاصلية واخص الفارسية والصينية حيث شجعوها . تلك اللغة التي كانت عاجزة من ان تقوم بها الاعمال الادبية اوالعلمية . فتم بعثها من جديد في تلك الامارات ثم حلت محل اللغة العربية في هذه البلاد وظهر فيها شعراء وادباء وعلماء دونوا مؤلفاتهم وقصائدهم بها مثل عمر الخيام والشيرازي في فارس وفي الصين والهند وغيرهم فضعفت اللغة العربية في هذه الاصقاع وانكمشت وبقيت لغة الدين فيها فقط وقد تحرج علماء اللغة من الاستشهاد باقوال الادباء والشعراء في هذا العصر والعصور التالية له خوف الوقوع في الخطأ اللغوي . وانحسر الاستشهاد بما في قبل هذا العصر.

اما في الجها ت الغربية من الدولة الاسلامية في سوريا ومصر وشمال افريقيا ووسطها وبلاد الاندلس فقد بقيت اللغة العربية فيها قوية حيثكانت لغة الكلام والدين والعلم والادب لان الشعب هناك من اصول عربية الا ما ندر فحافظ على عروبته فيها وخاصة اللغة وحرص الخلفاء والامراء في هذه الدول والامارات التي تشكلت هناك على تقدم اللغة العربية والحفاظ عليها فتقدمت .

اما في بلاد الاندلس وما جاورها فايضا انحسرت اللغة العربية بمرور الزمن وحلت محلها لغة البلاد الاصليين بعد ان تم طرد العرب منها بعد ظهور دويلات الامارات التي كانت وبالا على الحكم العربي هناك فقد تقاتل الامراء العرب فيما بينهم في بلاد الاندلس فادى ذلك الى ضعفهم نتيجة هذه المقاتلة الطويلة الامد وغلبة بعضهم على الاخر فكانت سببا في ضياع بلاد الاندلس من ايديهم وطردهم منها . وعذب العرب هناك عذابا اليما بعد ان طردهم الاسبان وعذبوهم اشد انواع العذاب وخير دليل على ذلك قيام المحاكم( محاكم التفتيش ) الغاشمة لقتلهم وطرهم وتشريدهم من البلاد .

لاحظ مقالتي (نظرة في تاريخ اللغة العربية) المنشورة في كتابي (الموجز في الشعرالعربي.) المجلد الثاني الجزء الثالث .

ثم أصبحت اللغة العربية في مطلع القرن العشرين وفي نصفه الثاني إحدى المناطق الرخوة في الثقافة العربية بل وإحدى الثغرات المقلقة وبلغ الأمر أن أصبحت لغة التدريس في معظم المدارس والجامعات العربية اللغة الانكليزية او الفرنسية كما في المغرب العربي او بالعامية بدل اللغة العربية الفصحى،بحيث أصبحنا لا نجد للفصحى أثّراً في الوقت الحاضرالا في بعض الاقطار العربية مثل العراق والاردن وغيرهما بل نجد بعض الجامعيين والمثقفين العرب يقللون من اهمية اللغة الفصحى، والتهوين من قيمة التحدث بها على الاقل في الحرم الجامعي، وفي منابر العلم المختلفة،وكذك أصبح عند بعض المثقفين من علامات الرقي التحدث باللغات الاجنبية، مما جعل عامة الناس يفرون نحو تعلم هذه اللغات في المراكز الثقافية المنتشرة في البلاد ، مما قلل من قيمة اللغة العربية ثقافيا وعلميا ، فاللغة العربية الان تواجه تحديات كثيرة في معظم بلادنا العربية وتوجب الوقوف ضد هذا التيار المشين والذي يلحق الضرر بنا وبا متنا وبلغتنا العربية التي هي لغة الارض والدين خاصة وسنقف بوجه كل التحديات مباشرة وبكل ما اوتينا من قوة وقد كتبت لاحد الاصدقاء فاقول له :

في عاطِرٍ مِنْ شَذى الآدابِ تُنْشِدُهُ

زاد تْ مَحافِلُهُ في الضّادِ تُعْتَمَدُ

حَتّى غَدى الشِّعْرُ مِصْباحاً بِبَهْجَتِهِا

يبغي الكَمالَ بِنورِ الحَرْفِ يَتَّقِدُ

ياسَيِّدَ الحَرْفِ مِعْطاءاً بَلاغَتَهُ

تَشْدو القَريضَ بَياناتٍ وَ تَنْتَقِدُ

أحْبَبْتُها لُغَتي وَالشَّوْقُ يَدْفَعُني

نَحو الجَمالِ وَبِالآلآءِ تَنْعَقِدُ

و تشمل مايلي :

1- التوجه الثقافي:

اللغة العربية تواجه تحدياً ثقافياً يتمثل بتوجه أبناء الامة العربية نحو الوسائل التكنولوجية الحديثة، مثل الهواتف المحمولة او الحواسيب المتعددة الاحجام والاشكال وخاصة في الدراسة والتعلم والتدريس و التي حتما ستؤدي الى تراجع الاهتمام باللغة العربية وتفوق اللغات الحية الاكثر انتشارا وعلمية منها كما يتوهمون كاللغة الانكليزية على سبيل المثال . مع العلم اننا في الوقت الحالي نرحب بالتعليم والتدريس من خلال الاجهزة المذكورة لوجود ظرف غير مناسب وهو زمن الكورونا هذا الزمن الذي بدأ به يهرب المرء فيه من امه وابيه وولده واخته واخيه وفصيلته التي تؤويه خوف الاصابة بمرض الموت (الكورونا ) .

2 التوجه العلمي:

وهو التوجه الجديد او المعاصر الذي يهدف الى الحط من شأن اللغة العربية والابتعاد عن تعلّمها لامور متعددة من قبل الطلبة المتعلمين ومن المثقفين في التعليم العالي، فالشباب العربي بدأ يرى ان المستقبل المضمون في تعلم ودراسة الهندسة والطب والالكترونيك او الدراسات العلمية ككل افضل مما هو في دراسة الآداب والعلوم الاجتماعية والانسانية فكان نتيجة هذا التوجه عزوفهم عن اللغة العربية وابتعادهم عنها الى لغة اخرى كالانكليزية مثلا تقربهم الى الحياة العملية وما ينشدونه من مناصب ووظائف يرومون تقلدها لتدر عليهم مستقبلا افضل في حياتهم اليومية وترفع من شأنهم عمليا واجتماعيا وهذا ما ينتج عنه رسوخ عقدة النقص في نفوس الاجيال المتعاقبة في رسم صورة غير حضارية للغة العربية في أذهانهم، فيجعلون مزايا اللغة العربية تنحصر في كونها لغة التفاهم بينهم ولغة التعاطف وليست لغة عقل وتحليل، وليست لغة طب وعلم وهندسة متناسين انها كانت لغة العالم المتحضر ولغة العلوم والمعارف كافة وهو ما يجعل منها عائقاً بعيد الأثر في سبيل المستقبل المنشود للغة العربية وما نطمح ان تكون الان او مستقبلا في كل اقطارنا العربية .

ومن أكثر الاسباب التي أدت الى انحسار او ضياع اللغة العربية هو وجود المدارس الخاصة والمدارس الدولية والتي تدرس الطلبة العرب بغير اللغة العربية، والتي أهملت تدريس اللغة العربية واعتبرتها لغة ثانوية في المجال العلمي والتقني وتركزت أهتماماتها في التدريس باللغة الاجنبية وبهذا سينتج جيل مثقف وواع الا انهم لا يعرفون شيئاً عن لغتهم الاساسية وهي اللغة العربية ويتحدثون اللغة الانكليزية بطلاقة ويدرسون فيها علومهم وما اشتقوه من دراسات عالية , فهذا الجيل الجديد حتما سيبتعدون عن لغتهم العربية وويفقدون تعلمها وقواعدها وادابها وبهذا تكون لغتهم الام ركيكة او ضعيفة ويكتبون بأخطاء لغوية واضحة وهذا ما نلحظه الان حتى على طلبة الجامعات العربية في اغلب اقطارنا العربية .

3- التوجه الاداري:

وهو ما يتمثل في التخطيط لان تكون اللغة العربية في المدارس والجامعات ودراستها دراسة واسعة بما فيها من قواعد ومعارف وعلوم واداب وفق منهجية علمية متطورة وتقديم الدعم اللازم باستخدام التقنيات الحديثة وتدريسها باللغة العربية وفقا لعالمية الطرق العلمية والاساليب التقنية وبمنهجية متطورة متخذة من العربية اداة للتدريس في كل العلوم العلمية والعملية والتقنية وتعريب ما تحتاجه الدراسة باللغة العربية باساليب متطورة ومنفتحة على العالم .

4 التوجه الدراسي والعملي:

وهو ما يتمثل في توسيع استعمال انماط اللغة العربية في فصول الدراسة في المدارس الرسمية والاهلية الابتدائية والثانوية والجامعية منها وكذلك التعليم العالي بما يحبب مسار اللغة العربية بين المتعلمين واساتذتهم بحيث تنمحي النظرة المادية والدونية للمتخرجين في التعليم العربي من خلا ل نظرة المجتمع الى هؤلاء الخريجين حتى على مستوى اساتذة الجامعات . ويتمثل ذلك بالتصاق أالطلبة والمتعلمين بوسائل التكنولوجيا الحديثة وايجاد افضل السبل لعريب الاجهزة والمعدات الدراسية والتعليمية مثل الهواتف المحمولة والحواسيب المختلفة والمتعددة الاحجام والاشكال والمسلزمات الطبية والتقنية بحيث تضاهي ما في اللغات العالمية كاللغة الانكليزية مثلا مما يؤدي الى عدم احتياج الطالب العربي اي حالة او حا جة تتفوق فيها اللغة الانكليزية على العربية .

ويدخل ذلك حتى في مجال التعريب من قبل كل قطر عربي ومن المهم ان تاخذ الجامعة العربية على عاتقها مثل هذه الامور على محمل الجد والعمل بموجبه وتعضيد كل ما من شأنه رفع شان اللغة العربية دراسة وتدريسا وثقافة وادبا وعلما وفي كل مجالات الحياة اليومية واخيرا اقول:

ان التي ملاْ النفوسَ جمالُها    لغةَ العروبة سرّها في الضاد

والله الموفق .

امير البيان العربي

د. فالح نصيف الحجية الكيلاني

العراق – ديالى – بلد روز

 من مقالات الكاتب - عراق العروبة

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.