لاجل هذا تذرف الدموع
لاجل هذا تذرف الدموع
في 15 نيسان 2019 احترقت كاتدرائية نوتردام في باريس ، والفرنسيين بكوا عليها ، وانا ايضاً بكيت لكن ليس على الكاتدرائية ، بل على بلدي العراق وتاريخه وما جرى له ..
ما ابكاني هو كيف اهتم العالم لحادثة مست احد ، اثارهم وعمرها فقط ثمانية قرون !!
احدهم يقول قلب باريس يحترق !!
والاخر يقول اليوم احترق جزء منا !!
واخر يقول اليوم فاجعة ..
ونحن نرى تأريخنا يحترق !!
وكيف ان اغلب رؤساء الدول في العالم ابدوا حزنهم ، حتى ان الرئيس الامريكي دونالد ترامب يطلب من الفرنسيين الاسراع باطفاء النار !!
هذا الاهتمام دفعني للاطلاع على بعض تأريخ هذه الكاتدرائية ، وعرفت انه في سنة 1239 وضع القديس لويس تاج الاشواك على تمثال السيد المسيح الموجود في الكاتدرائية ..
وفي سنة 1431 توج في هذه الكاتدرائية الملك هنري السادس ( من انكلترا ) ليصبح ملكاً على فرنسا ..
وفي سنة 1804 جرى في الكاتدرائية تتويج نابليون الاول وزوجته وقاد التتويج البابا بيوس السابع ..
وفي سنة 1831 كتبت رواية احدب نوتردام للاديب العالمي ڤيكتور هيجو ..
كل هذه الحوادث لم تستوقفني بقدر ما استوقفني موقف حدث سنة 1940 اثناء هجوم النازيين على فرنسا حيث طلب المواطنون الفرنسيون بان تسلم باريس للالمان النازيين خشية ان تدمر الكاتدرائية !!
معقولة عمرها فقط 800 سنة وهكذا يقدسونها ، واثارنا وتاريخنا عمره الآف السنين ، تعرض للنهب والسرق والتدمر ، تارة بدبابات الامريكان عندما اتخذوا مدينة بابل ثكنة عسكرية ، وتارة بيد داعش بحجة الاصنام ، وتارة بيد مافيات الاثار ..
اثارنا نهبت من المتاحف ولم نسمع من قادة العالم ما سمعناه البارحة من حزن وتباكي على حريق نوتردام ..
قد نعذرهم لاننا لا نعظم اثارنا ، والدليل اليوم لا نعرف متى بنيت ملوية سامراء ، واذا اخبرتكم انها بنيت قبل 1200 سنة قد تستغربون ..
لا نستغرب القدم في السنين ، بل نستغرب انها متروكة للكلاب تتبول فيها اكرمكم الله ..
وقد نستغرب اكثر ، عندما نسال الحارس الذي يحرس المدرسة المستنصرية ، وهو لا يعرف انها بعمر كاتدرائية نوتردام ..
مصيبتنا كلما سيطر احدهم يمحو اثار من قبله ، فهذا يريد يغير اسم شارع الرشيد ، وذاك يهدم نصب واخر يفجر تمثال لشخص لا يحبه ، والمسلسل يطول دون ان نرى له نهاية ..
الا تباً وتعساً لافعالنا التي اضعنا فيها تاريخنا ، ولاجل هذا تذرف الدموع …
Source : https://iraqaloroba.com/?p=3751