من قتل المقدم سرمد العتبي في ديالى؟
من قتل المقدم سرمد العتبي في ديالى؟
لم يكن عبثاً، أو اتهاماً عابراً، أن يُحمّل ذوو المقدم سرمد جامل العتبي، الذي قُتل وهو يؤدي واجبه في ضواحي المقدادية، محافظ ديالى مثنى التميمي وقريبه العقيد ياسين التميمي، مسؤولية الغدر بضابط الشرطة الشاب، الذي يتولى آمرية السرية الثانية في فوج الطواريء التاسع، لأن الدلائل الجرمية والمعطيات الأمنية، تشير إلى ضلوع الاثنين (المحافظ والعقيد) في عملية اغتياله مع مرافقه الشرطي تحرير محمود عبد.
السلطات الحكومية كعادتها، حملّت داعش مسؤولية قتل المقدم العتبي، ولكن أهله وأقاربه لهم رأي آخر، فهم يتهمون من سمّوهم بـ(العصابات) المنفلتة في محافظة ديالى بقتله، وهذه العصابات ـ هكذا تسمى ـ في المحافظة، يُقصد بها المليشيات الولائية الإيرانية، التي تحكم وتتحكم في ديالى، وأخطر ما تمارسه، هو عمليات تهريب المخدرات والحشيش من إيران، وتأمين الحماية لوصولها إلى العاصمة بغداد.
ووفقاً لما قاله والد المغدور، الذي بدا متحفظاً في حديثه، عن ظروف مقتل ابنه، والملابسات التي سبقت مصرعه، أن سرمد أبلغه بأنه سيقتل قريباً، ولم يدخل الأب المفجوع في التفاصيل.
وعشيرة عتبة واحدة من عشائر قضاء بلدروز، وهي شيعية عربية، لها جذور تاريخية وسمعة وطنية وتوجهات قومية، وعُرفت بحسن سيرة شيوخها وأفرادها، وعدم انزلاقهم في مستنقع الطائفية، كما حصل لعشائر أخرى، تسمى في ديالى بـ(المنشار)، لأنها كانت منتفعة من النظام السابق، وكان أعيانها ووجهاؤها، يحظون بدعم قيادة الحزب والدولة ورعايتها، لكنهم انقلبوا عليها، عشية الاحتلال الأمريكي، وتوزعوا على الأحزاب والمليشيات الطائفية، الوافدة من إيران، وزادوا فساداً واستغلالاً وثراءً.
ويُجمع الكثيرون من آهالي قضاء بلدروز، على أن الضابط المغدور، معروف بسمو أخلاقه وحسن انضباطه، ومشهود له بأداء واجباته بمهنية، وأيضاَ رفضه الصارم، في التعاون مع مافيات تهريب المخدرات من إيران التي تستخدم طريقين في عمليات نقلها إلى العراق، الأول: طريق (مندلي ـ بلدروز – بغداد)، والثاني: طريق (المنذرية ـ خانقين ـ المقدادية ـ الخالص ـ بغداد)، ولا يمر الطريقان بمدينة بعقوبة، مركز محافظة ديالى، لكثرة القوات العسكرية والأجهزة الأمنية المتمركزة فيها، خوفاً من اكتشاف الممنوعات، أو ضبطها.
ووفقاً للمعلومات الميدانية، والمصادر الحكومية، فأن مليشيات بدر، بقيادة هادي العامري، وينتسب إليها محافظ ديالى مثنى التميمي، تكاد تكون الجهة رقم واحد، في نقل المخدرات الآتية من إيران، والمارة بالمحافظة في طريقها إلى العاصمة، تأتي بعدها العصائب برئاسة قيس الخزعلي، ودخلت كتائب حزب الله على الخط مؤخراً، لتكون الطرف الثالث المستفيد من هذه التجارة المحرّمة التي تنخر المجتمع العراقي وخصوصاً الشباب.
وحسب المتداول في ديالى، سواء من عشيرة سرمد العتبي، أم ممن يعرفونه شخصياً، فإنه اطلع بحكم عمله الأمني، على أسماء العديد من الأشخاص العاملين في تهريب المخدرات الإيرانية، وعرف أيضاً، أدوار عدد من قياديي المليشيات وضباط الأجهزة الامنية، المتاجرون بها، وحماية قوافلها، وإيصالها إلى بغداد، ولكنه لم يقدر على منعها، وهو ضابط متوسط الرتبة، أمام ضباط الدمج المليشياويين وهم يحملون رتباً أرفع منه، كما أن تواضع وظيفته (آمر سرية)، أزاء آمري الافواج والألوية، الأعلى منه، لم يؤهله للتصدي لها، غير أنه اتخذ قراراً وبالاتفاق مع رفاقه ضباط الوحدة العسكرية التي يقودها، بالتدخل الرسمي ومنع مرور المخدرات عبر القاطع الذي يبسط عليه حمايته في المقدادية.
والمعلومات تقول أيضاً، أن رؤساءه وبالتشاور مع المحافظ التميمي وقادة المليشيات، فكروا في نقله إلى خارج ديالى، وكان المقدم سرمد يرحب بذلك، ووفقاً لما تحدث به أقاربه وأصدقاؤه، فإنه كان يتمنى النقل ويسعى إليه، بحثاً عن الراحة، وتخلصاً من الأعباء والضغوط المسلطة عليه، ولكن الذي حدث، أن (العصابة) خافت من نقله، وساورتها الشكوك من فضح ممارساتها، فاتخذت القرار بتصفيته جسدياً على طريقة (اقتل خبر.. وضيع أثر)، وهذا ما حصل بالضبط.
وعندما تطالب عشيرة عتبة، وهذا من حقها الشرعي والقانوني والانساني، رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، بتشكيل لجنة قضائية وأمنية من بغداد، للتحقيق في ملابسات مقتل ابنها المقدم سرمد، فأنها لا تطالب بالمستحيل، وإنما لإحقاق العدل، وهي لأسباب تحتفظ بها، لا تثق بلجنة التحقيق المشكلة في ديالى، وبعض أعضائها متورطون أو متواطئون في اغتيال الضابط العتبي ومرافقه، وتأسيساً على ذلك، فان مسؤولية الكاظمي، تفرض عليه الاستجابة، وتلبية مطاليب أسرة المغدور وعشيرته، ثم ما يضيره إذا كان منصفاً بالفعل، أن يشكل لجنة تحقيق مهنية ومن ضباط وقضاة أكفاء، تكشف ظروف قتل المقدم، وبيان أسبابه ومقدماته وتوقيته!.
وحتى يصير معلوماً للحكومة والقتلة معاً، فإن دم المقدم سرمد لن يضيع هدراً، ولا يذهب هباءً، ما دام وراءه حق، سيبقى يُلاحق المجرمين المعروفين بالاسم والمهمة والتكليف، وإذا كانت المليشيات والعصابات تعبث في ديالى وتبطش بمن لا يسايرها الآن، فأن الطغيان الحشدي لن يدوم، وتسلط عصابات تهريب المخدرات لن يستمر، وسيتوارى الباطل، وتتساقط مليشيات الغدر، وتُهزم العصابات المنفلتة، وتعود ديالى إلى أهلها الحقيقيين، وتطرد الطارئين عليها، والمستوطنين فيها، وذلك اليوم مقبل لا شك فيه، انتظروا والله كريم.
Source : https://iraqaloroba.com/?p=11015