هدم جامع الربيعي في زيونة بغداد.. بين الحقيقة والإنكار!

عراق العروبة
مقالات وآراء
28 سبتمبر 2021
هدم جامع الربيعي في زيونة بغداد.. بين الحقيقة والإنكار!

هدم جامع الربيعي في زيونة بغداد.. بين الحقيقة والإنكار!

عراق العروبة

هارون محمد

هدم جامع الربيعي في زيونة بغداد.. بين الحقيقة والإنكار!

لا يكفي ظهور موظف في إعلام ديوان الوقف السني، يدعى أحمد المشهداني، لنفي عزم الديوان على هدم جامع الربيعي (القزازة) في حي زيونة برصافة بغداد، لبناء (مول) تجاري على أنقاضه، واستغلال الأرض التي يقوم عليها ومساحتها أربعة دوانم، أي عشرة آلاف متر مربع، لأغراض ربحية، خصوصاً وأن الحديث عن القضية المثيرة، بات علنياً، وعلى ألسنة مسؤولين في الوقف، ومواطنين من سكان الحي، وقد تعودنا في العراق، بعد الاحتلال، أن يختفي كبار الرسميين والوزراء ورؤساء الدوائر والمؤسسات، عند بروز مشكلة أو أزمة، في وزاراتهم ودوائرهم، ويدفعون بموظفين صغار إلى الواجهة، وهؤلاء لا يتحملون وزراً، ولا تبعات قانونية، على ما يقولون ويصرحون.

لماذا يستنكف رئيس ديوان الوقف وكالة، سعد كمبش، الظهور وينفي أخبار هدم جامع الربيعي، ويبدد ما يشاع، عن الانتهاء من خرائط عملية الهدم، وتصاميم (المول) التجاري، بدلاً من إيكال المهمة إلى المشهداني، الذي لا يحل ولا يربط، وإنما هو مجرد ناطق أو متحدث في الوقف، يُنفّذ ما يتلقاه من أوامر وتعليمات من فوق؟.

هدم جامع الربيعي في زيونة بغداد.. بين الحقيقة والإنكار!
جامع الربيعي في زيونة ببغداد

وكما يقال في الأمثال (لا دخان بلا نار) فان ما تردد عن هدم جامع الربيعي، وبناء (مول) تجاري على أرضه، لم يأت عن فراغ، وثمة معلومات يتداولها معنيون بالأوقاف، وسكان المنطقة، من أن مسؤولين في الوقف، عُرف منهم، محمد نورالدين، مدير عام الاحتفالات الدينية في ديوان الوقف السني، زار الجامع في المدة الأخيرة مرات عدة، واطلع على منشآته، وأعجبته باحته الواسعة، والأبنية الملحقة به، برغم أن وظيفته لا علاقة لها بالمساجد والجوامع، الموكلة مسؤولية ترميمها وإصلاحها إلى دائرتين أخريين في الوقف، وهذا الرجل، عُين، مؤخراً، في منصبه، في أعقاب صفقة بين رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ونورالدين معروف أنه من أتباعه، وبين رئيس الوقف وكالة سعد كمبش، وبمقتضى هذه الصفقة، وعد الحلبوسي بثبيت كمبش بمنصبه أصالة، عقب الانتخابات المقبلة، وترشيح شقيقته، أسماء كمبش، ضمن كتلة (تقدم) الحلبوسية، بمحافظة ديالى.

ومما فاقم المخاوف من زيارات محمد نورالدين المتكررة لجامع الربيعي، انه مرتبط برجل أعمال كبير، في الفلوجة، ومن أسرة لها مشاريع استثمارية في التجارة والمقاولات وبناء (المولات)، الأمر الذي أثار لغطاً صاخباً، وشائعات مُقلقة، بأن عملية هدم الجامع وبيع أرضه، ربما تكون لصالح رجل الأعمال ـ صديق نورالدين ـ لذلك فإن ظهور كمبش على الملأ ورسمياً، لنفي العملية برمتها، ضرورة مُلحة، بما تحمله من رسائل اطمئنان إلى المواطنين المذعورين من الهدم، وبيان الموقف الحقيقي للوقف، من القضية، التي انتشرت وباتت حديث الناس.

يحز في أنفسنا، أن يُهدم صرح ديني ومعلم تراثي، عمره أكثر من نصف قرن، حيث وضعت لبته الأولى في العام 1965، واكتمل بناؤه في العام 1967، حيث افتتح رسمياً، وفتحت أبوابه للمصلين، وهنا لا بد من الإشادة بجهود العقيد المهندس تحسين عبدالقادر، أحد سكان زيونة، الذي ساهم مشكوراً في إعداد ووضع خريطة الجامع وملحقاته، ليُصبح واحداً من أجمل معالم بغداد العباسية، والإنصاف يدعونا أيضاً، إلى تثمين دور الشيخ الأزهري عبدالرحمن المصري، الذي عمل اماماً وخطيباً للجامع قرابة خمسين عاماً، كان فيها رمزاً للتسامح الديني، في خطبه ومحاضراته، رحمه الله.

وقد تعرض جامع الربيعي، كما هو معروف، إلى اعتداء الغوغاء الطائفيين، في سنة 2006، الذين قتلوا ثلاثة مصلين وجرحوا العشرات، وألحقوا أضراراً بقبته ومئذنته وقاعته الرئيسة، ولكن جهود الخيرين من سكان شارع الربيعي وأهالي حي زيونة الذين بادروا متعاضدين، ورمموا ما دُمرّ، وصلحوا ما تضرر، للحفاظ على جمال المبنى وهيبة الجامع.

ثم أن حي زيونة، الذي كان واحة للهدوء والسكينة، منذ إنشائه وسكن الضباط فيه، قبل سبعين عاماً، وصار من أروع أحياء رصافة بغداد، بمنازله المتناسقة، وشوارعه الفسيحة، وحدائقه المخضرة، قبل أن يداهمه الضجيج والزحام، يحتوي على ستة مجمعات تجارية (مولات)، ولا يحتاج الحي ولا المنطقة إلى (مول) جديد، يقوم على أنقاض بيت من بيوت الرحمن، إلا إذا كان ديوان الوقف السني، يريد تغيير مهمته في حماية المساجد وصيانة الجوامع، إلى شركة للتجارة والمقاولات، لزيادة موارده المالية، وتوسيع استثماراته التجارية.

وللتذكير فقط، فأن جميع من تولى رئاسة الوقف السني، باستثناء الدكتور عدنان الدليمي، الذي تعرض إلى حملة طائفية غادرة، من الأحزاب والمليشيات الشيعية، لبسالته في الدفاع عن الأوقاف السنية، وهذا اسمها الرسمي، منذ العهد العثماني، لم يكونوا بمستوى المسؤولية، في الحرص على أملاك وممتلكات الأوقاف، وتخاذلوا أمام قيادات شيعية استولت على بيوت ومبان ومساجد وجوامع سنية في بغداد والمحافظات، وحولتها إلى ديوان الوقف الشيعي زوراً وعدواناً، علماً أن الأعراف والتقاليد الشيعية، عبر التاريخ، تحظر التعاطي مع الأوقاف، وتعدها حكومية، ما دامت لا ترتبط بالحوزات والمرجعيات، ولكن الذي حدث عقب الاحتلال، ان أطرافاً وجماعات شيعية صادرت أكثر من مائتي مسجد وجامع ومرفق ديني وأبنية وأراض وقفية، وسجلت باسم ديوان الوقف الشيعي المستحدث، عقب الاحتلال، وصار الحرام السابق حلالاً، ما دام يدفع (خُمساً) ويدر أموالاً.

ولعلها من الظواهر الطائفية، التي تطفح بالاستعلاء والغلو المذهبي، أن تختار القيادات الشيعية، رؤساء لديوان الوقف السني، من نماذج هزيلة، وعناصر وصولية، كما في حالة غفوري السامرائي، الذي عينه إبراهيم الجعفري، وثبته في منصبه نوري المالكي، وكذلك لطيف هميم، الذي لا ينكر حيدر العبادي، أن جهات إيرانية رشحته له، وأخيراً سعد كمبش الذي رشحه عمار الحكيم، مقابل (الشيء الفلاني)، والقصة معروفة.

 من مقالات الكاتب - عراق العروبة

Short Link

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.