أبو فدك.. انحنى للعاصفة الأمريكية ورفع الراية البيضاء!
لقد بات واضحاً، أن تلويح الخارجية الأمريكية بإغلاق سفارتها في بغداد، قد أشاع جواً من الذعر في أوساط قادة الحشد الولائي، ومن ضمنهم، بالطبع، أبو فدك المستهدف الأول، الذي ساءته أيضاً، مواقف (مائعة) من بعض رفاقه، وبخاصة زعيم مليشيا بدر، هادي العامري،
كثيرون اعترضوا على ذهاب، جينين هينيس بلاسخارت، ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، برجليها إلى مقر القائد الميداني لكتائب حزب الله، عبدالعزيز المحمداوي (ابو فدك)، والاجتماع به رسمياً، برغم أنه مدرج ضمن لائحة الارهاب الأمريكية، في وقت التزم رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي بالصمت، بينما ظهر السفير الأمريكي في بغداد، ماثيور تولر، وكأنه غير مكترث باللقاء غير المسبوق، في السياقات السياسية، والأعراف الدبلوماسية.
والمفارقة، التي رافقت اللقاء، أن المبعوثة الأممية، لم تفصح عن طبيعة الاجتماع وتوصيفه مع المحمداوي، الذي كان يعارض حكومة الكاظمي، ويتهم رئيسها، بالضلوع في قتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، ومساعده أبو مهدي المهندس، في الثالث من كانون الثاني الماضي، في شارع مطار بغداد، واكتفت بالقول: (إن الحوار مع أصحاب الشأن، الطريق الوحيد لتحقيق السلام)، مع أن الانطباع، الذي خرج به، معظم المراقبين السياسيين أن بلاسخارت، حملت إلى أبو فدك، رسالة تهديد أمريكية، مفادها أن تسود تهدئة مؤقتة، أشبه بـ(الهدنة)، بين واشنطن والكتائب، تتضمن تعهداً من الأخيرة، توقف بموجبه، إطلاق صواريخ الـ(كاتيوشا)، على السفارة الامريكية وقوافل نقل قواتها، خلال الحقبة الحالية، وصولاً إلى الثالث من الشهر المقبل، موعد الانتخابات الرئاسية، وبعكسه فإن القوات الامريكية ستلجأ إلى خيارات قاسية في الرد، ويبدو أن الممثلة الأممية قد نجحت في مسعاها بهذا الصدد، بعد أن فهم الزعيم المليشياوي أن استمرار تعنته، ومواصلة اطلاق صواريخه، سيعجلان بنهايته، خصوصاً وأن ثمة معلومات سربتها أوساط عراقية مقربة من واشنطن، وأخرى تقارير صحفية، تفيد بأن الدوائر الأمريكية، تمكنت، عبر اختراقاتها الأمنية، وصور أقمارها الصناعية، ومنظومة جواسيسها، من وضع عديد من مسؤولي المليشيات، على رأسهم أبو فدك، في قائمة التصفية الجسدية، حتى يقال ـ صدقاً أم ادعاءً ـ أن الـ(سي آي ايه)، رصدت في بغداد وحدها، تسعة دور ومقرات، يرتادها المحمداوي سراً، سواء للعمل أم المبيت، من ضمنها بيت أهله المتواضع، المبني بـ(البلوك) في حي الحبيبية، شرقي العاصمة، في محاولة منه، لإبعاد الشبهات عنه.
لقد بات واضحاً، أن تلويح الخارجية الأمريكية بإغلاق سفارتها في بغداد، قد أشاع جواً من الذعر في أوساط قادة الحشد الولائي، ومن ضمنهم، بالطبع، أبو فدك المستهدف الأول، الذي ساءته أيضاً، مواقف (مائعة) من بعض رفاقه، وبخاصة زعيم مليشيا بدر، هادي العامري، الذي بدأت الفصائل الولائية، توجّه اتهامات إليه، بأنه غادر (جهاديته)، وأصبح يتصرف كسياسي، وتأخذ عليه موافقته على تعيين أحد مساعديه، قاسم الاعرجي، مستشاراً للأمن الوطني، ليكون أحد أذرع الكاظمي الأمنية.
ومما فاقم مخاوف أبو فدك، من الاستهداف الأمريكي لاصطياده، أن الإيرانيين، لم يكونوا بالمستوى المطلوب في مباحثاتهم مع وزير الخارجية فؤاد حسين، الذي زار طهران، ووضعهم في صورة التهديدات الأمريكية، لأتباعهم في العراق، وهذا يعني، بالنسبة للمحمداوي، تخلياً عنه، وانحيازاً لمعسكر برهم صالح ومصطفى الكاظمي، كما تسميه فصائل الحشد الولائي، وهو أمر بالغ الخطورة، في رأي أبو فدك، عندما تقف إيران دبلوماسياً في الأقل، على الحياد بين (المقاومة) ضد الأمريكان، وبين محاباة أنصارهم في العراق.
وعندما يقول الناطق باسم كتائب حزب الله، محمد محي: (إن رسائل استجداء وصلت من واشنطن لإيقاف عمليات المقاومة ضد قواتها، خلال هذه الحقبة)، فإنه تهرب من قول الحقيقة، فالرسالة، التي حملتها بلاسخارت واحدة ومحددة، وليست رسائل، ووصفها بأنها (استجداء) فيه مكابرة ومغالاة، لأنها كانت حاسمة وقاطعة، ولا مجال لتأويلها، فهي أجبرت أبو فدك، لأول مرة، كما جاء في البيان، الذي صدر من مكتبه، عقب اللقاء مع المبعوثة الأممية، على الاعتراف بحكومة الكاظمي، والاقرار بأنه جزء من القوات المسلحة، وأنه طرف في بسط الأمن والاستقرار، في البلاد، وغابت مفردات (المقاومة) ضد الأمريكان، وتلاشت شعارات إخراج قواتهم بالقوة، وهذا كله جديد في لغة الزعيم المليشياوي، وتراجع في نبراته المتشددة.
وتأسيساً على هذه المعطيات السياسية، وما أفرزته من مؤشرات ميدانية، فإن الحقيقة بدت جلية، ولم يقدر محمد محي، على التلاعب بها، أو تجاوزها، وتتمثل في أن أبو فدك، فقد بريقه المليشياوي، ولم يعد الآمر الناهي، في حركة الأحداث ومسارها في العراق، بعد أن انحنى للعاصفة الأمريكية، قبل هبوبها، ورفع الراية البيضاء.
Source : https://iraqaloroba.com/?p=1487