الإستبداد طبعنا!!

عراق العروبة
مقالات وآراء
11 فبراير 2021
الإستبداد طبعنا!!

الإستبداد طبعنا!!

عراق العروبة

د . صادق السامرائي

الإستبداد طبعنا!!

أنظمة الحكم ومنذ الوهلة الأولى تأسست وفقا لربط الناس بالحاكم كقوة مطلقة , فتحقق إضفاء قدرات إلهية عليه ليتمكن بها من القبض على مصيرهم.

والحالة واضحة في بلاد ما بين النهرين وحوض النيل , فأنظمة الحكم كانت كذلك في الحالتين.

ولا توجد فترات حكم كما نسميها ديمقراطية طويلة في التأريخ , فكان نظام المدينة والمواطنة في اليونان لفترة قصيرة , وأطول فترة يمكن القول بأنها ديمقراطية كانت من (1-40) هجرية , أي منذ الهجرة للمدينة حتى نهاية حكم علي بن أبي طالب , سادت فيها الشورى والكثير من معايير الديمقراطية كما نتصورها اليوم.

وفي النهاية وبصورة متنامية إنتصر عليها طبعنا الإستبدادي , وتطور في أنظمة حكم تواصلت معنا حتى اليوم.

والإستبداد يسري في المجتمعات البشرية , ولم تتحرر منه الدول المتقدمة إلا قبل عقود , بل ولا يزال فاعلا في عدد منها.

وعندما نأتي إلى دولنا وأنظمة الحكم فيها , لا يمكننا أن نتهمها بأنها هي الوحيدة من بين الدول التي يتحقق فيها الإستبداد , وبأنه السبب الرئيس والوحيد لما تعانيه.

إنه سبب من أسباب وليس السبب الوحيد كما يُراد له أن يُفهم.

فالعديد من الدول ذات الأنظمة المستبدة المعاصرة متقدمة ومتفوقة , بل أن الديمقراطية بأبسط تعريفاتها هي إستبداد الأكثرية , أي أنها إستبداد متطور أو متحضر.

وتنتشر المقالات التي تحمّل الإستبداد مغبّة ما يجري في البلدان للعباد , وتتغافل عن أسباب مهمة أخرى , فإقامة نظام حكم غير مستبد يحتاج لوقت وتضحيات ووعي متراكم يستدعي تواصل ثقافات أجيال , بينما من السهل إقامة نظام إستبدادي , لأن الأجيال مؤهلة لقبوله والعمل بموجب إرادته.

” إذا تغيّر السلطان تغير الزمان” , هذا ما قالته العرب , للتعبير عن العلاقة العضوية ما بين الناس والسلطان , وفيه تعبير واضح عن الإستبداد والإستعباد.

و”عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم” , ينطبق على الكرسي المستبد , إذا تمكن منه مَن يتقي الله!!

 من مقالات الكاتب 5 - عراق العروبة
Short Link

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.