المغرب للجزائريين حبيب / 62
المغرب للجزائريين حبيب / 62
الحَقّ دوماً حق ، والباطِل كَدَمِ بَق ، قد يكون صُراخ أحمَق ، منه عقله إنْسَرَق، فعلى لسانه بمسمار دَقّ ، ليكون للجنون اخترق ، فيُقال عنه في أي نشرةٍ إحْتَرَق ، أرادَ تقليد “عمّي صالح الجزائري” فأُصِيبَ بوكعَةٍ في الحَلق ، فلم تسعفه إذاعته الجزائرية حيث غَرَق ، في سلسلة أكاذيب بها لنفس نظامه سَحَق . القزم مهما تربّع على ارتفاع لن يصل لطول عِملاق ، ومهما غيَّر صوته ليبدو مُمَزّق ، يظل في حدود أستوديو بابه مُغلق ، متوهّما أن اسمَهُ عن العارفين به زَهَق ، وهو أشهر من أكلة “شْطِيطْحَّّة لْحَمْ” الجزائرية في مَرَق.
… الإعلام الجزائري الرسمي بدأ يتضايق من برامج أُعِدُُّها للإذاعة الوطنية المغربية ، مُمثَّلة في إذاعة طنجة ومديرها الاستاذ “أحمد ريان” ، وإذاعة وجدة ومديرها الاستاذ “عمر بلشهب” ، وبخاصة برنامج “وغداً تُشرِق الشَّمس” الذي شارك في إذاعته معي كل من الزميلين : “يحيى الكُورَِاري” ، و “قاسم اجْدَايِنْ” ، الموجَّه أساساً للطبقة الجزائرية المثقفة باللغة العربية الفُصحى ، البرنامج شكَّل اهتمام النقّاد المختصين بالجانب التاريخي ، وأيضاً اشتهر بين المتتبعين للشأن السياسي الرسمي في بلدهم الجزائر ، بحيث أتوصَّل يومياً بعشرات الرسائل المُبدية حماس التعامل مع البرنامج الذي التزمَ بالمصداقية وطرح القضايا مقرونة بالدلائل القاطعة ، والحجج الواضحة ، والوقائع كما وقعت دون زيادة أو نقصان . الإعلام الجزائري تضايق لعدم العثور على بديل لتعويض ما يبثُّه متجاوَزاً خالياً من تجديد التبليغ كفن له تقنياته وأناسه العارفين بأسراره المبدعين في حقله ، أقول هذا لأني عالِم بما يجول في تلك الدار “الإذاعة والتلفزة الجزائرية ” ، الأجمل ما فيها التجهيزات المستوردة من الاتحاد السوفيتي العالية الجودة ساعتها ، أما الباقي عجز بضرب المكاتب بالأقسام بالمسؤولين ، مجرَّد “ثرثرة ولا شيء نَرَى” كما وصفتُ الحالة من داخلها للشيخ الدحاوي ، أحد أركان تلك المؤسسة الضخمة التي يديرها الأستاذ “عبد الرحمان شْرِيِّطْ” .
… مع صدور جريدة “الحدث” إنضافت وسيلة مكتوبة لقافلة إعلام شغله الشاغل توعية الجماهير في الدولتين المجاورتين بما تدفع الجزائر به لتكريس القطيعة وخدمة سياسة عدائية ، الغرض منها تضيق الخناق على المملكة المغربية ، تاركة مشاكلها الداخلية لتتفاقم مع مرور الأيام حتى أصبحت في حرب شوارع ضد مواطنيها داخل مدن ومنها الجزائر العاصمة ، والمقال التالي نموذج ممَّا نشرته “الحدث”، في عددها الثالث من السنة القانية الصادر في 23 شوال عام 1399 هجرية الموافق 15 شتمبر سنة 1979 ، توصّلت به من مراسلها في “باريس” تحت عنوان : “حكام الجزائر يقومون بحملةٍ استفزازية ، ويعتقلون عشرات المواطنين بكيفية لم يسبق لها مثيل” جاء فيه على الخصوص :
“نزلت الشرطة إلى الشارع الجزائري في أغرب حملة قمع شهدتها العاصمة والسرّ كل السر أن حكام آخر زمن أدركوا أن شيئا ما يغلي في صدور الجماهير ، وبهذا الرأي العام داخل الجزائر يتوقع بداية مرحلة لن تنتهي إلا بسقوط مئات الضحايا، وإذا كان حكام الجزائر رغبوا بتلك الحملة الاستفزازية القيام بمناورات داخل الشوارع والحارات لاستعراض العضلات ، فقد أساؤوا بما أظهروه ، وهم يعتقلون العشرات ويركضون خلف المناضلين الحقيقيين الذين شملتهم القائمة السوداء الموزعة على نقط الحدود خوفاً من مغادرتهم البلاد ، ويلاحظ أن الشرطة وجدتها فرصة لهتك الأعراض والاستيلاء على أرزاق الناس ، الشيء الذي سبّب في اصطدامات عنيفة خاصة في “باب الواد” بين جماعة من المواطنين وبعض العناصر من الشرطة ، وهناك الآن في المستشفى الجامعي بالعاصمة ، قاعة مخصصة لمجروحي هذه الاصطدامات ، وإذا كانت أجهزة الإعلام قد تجنّدت كعادتها في هذه المناسبات المتكرّرة لعكس الحقائق ، فالجماهير مدركة بما يُحاك في الخفاء ، فلم يكن تنظيم طوابير في نقط وقوف الحافلات هو المقصود ، إذ الإذاعة والتلفزة نفسها نقلت صوراً للمسؤولين سواء في المجالس الشعبية للبلديات أو على مستوى الوزارة المختصة ، قولهم أن المشكل لن يُحلّ إلا بتوفير المزيد من الحافلات ، إذن لم يكن التنظيم هو المقصود بل شيء آخر ، وما وقع في ساحة الشهداء يكفي دليلاً قاطعاً، ثم إذا كان الأمر لا يعدو إعادة الانضباط للشارع ، فما هو السبب الذي دعا لهذا الحشد الهائل من قوات المخابرات العسكرية التي لم تترك أي مكان إلا وأخذت تراقبه؟، حتى مقهى “ظنظلفيل” قرب المسرح الوطني لم تنجى من حوادث كان سببها اعتقال هذا الشخص أو ذاك بطرق تدعو للقلق الشديد”.
أو كما جاء في افتتاحية نفس العدد من جريدة “الحدث” التي كتبها مصطفى منيغ ، وهي بالحرف كالتالي :
إن دموع التماسيح التي يذرفها نظام الجزائر منذ أربع سنوات لن تجديه في شيء ، إذ انها كالباطل تماماًُ، تحاول الاستحواذ على أحاسيس “البعض” لكنها تفشل ، فمساحيق الخداع تُبَلَّل بدموع مغشوشة ، فتختلط الألوان وتتداخل فيبدو الوجه مشوّه تماماً يثير الاشمئزاز في الناظرين إليه ، ولا مناص آنذاك لكل الألسن سوى التحدُّث عنه بسخرية ، وهي الجزاء المُتوقّع لكل محتال لعوب منافق . وإذا كان ذاك النظام لم يفهم بعد أن لعبته الحقيرة قد انكشفت فهو بالطبع نظام يحفر قبره بنفسه ، لقد مُنح النظام الجزائري فرصة أخرى على ضوء اقتراح الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة ، لكن من أين لهذا النظام أن يعي الأمور ويكفّ عن تعنّته ، وهو الذي لن يحيا إلا وسط مستنقع المشاكل ، فلو لم تكن قضية الصحراء المغربية التي أراد أن يُدخل أنفه فيها عنوة ، لفكّر في خلق توتر من نوع آخر كي يبقى ويستمر ، لأن الشارع الجزائري ساخط على الوضعية في الجزائر ، والنظام يعرف هذا جيداً ، لذا يريد تغليط هذا الشعب بالطرق الصبيانية وبشعارات توضح دون حياء ، أن الثورة الجزائرية مهدَّدة من الخارج ، وهذا الخارج هو المغرب . لكن الشعب الجزائري يعلم علم اليقين أن للمغرب ثورته المباركة يقودها ملك عظيم شهد العالم بعبقرية تفكيره وصواب رؤيته ودقّة الأسس التي يشيِّد فوقها سياسته الرّشيدة ليضمن لشعبه الرّاحة والاطمئنان والعيش الرغيد والمستقبل المشرق الوضّاح” .
تجدر الإشارة أن هذه الافتتاحية أدرجها المذيع الأستاذ مصطفى العلوي بصوته ضمن البرنامج الصباحي “أقوال الصحف” الذي كانت الإذاعة الوطنية تبثه من العاصمة الرباط .
(يتبع).
Source : https://iraqaloroba.com/?p=9853