النفط العراقي مقابل (تبولة) نصرالله وعون!
النفط العراقي مقابل (تبولة) نصرالله وعون!
حسناً فعل مصطفى الكاظمي، عندما اعتذر عن استقبال نظيره اللبناني المستقيل، حسان دياب، الذي كان يتهيأ للتوجه إلى بغداد، يوم السابع عشر من الشهر الحالي، في زيارة رسميةٍ وعملٍ وأشياءٍ أخر، من بينها، عقد اتفاقية ثنائية عنوانها : (النفط مقابل الخدمات الطبية)، تبدأ بتصدير خمسمائة ألف طن نفط عراقي يومياً إلى لبنان، وصولاً إلى مليوني طن مستقبلاً، والجميع يعرف، أن لبنان يعاني، من قلة الأطباء، وانهيار البنى الصحية، وتلاشي الخدمات الطبية، وبنظرة سريعة على الصحف اللبنانية اليومية، نكتشف حجم التردي في المستشفيات، وندرة الأدوية، وكثرة وفيات المرضى.
وليس دفاعاً عن الكاظمي، ونحن لسنا على وفاق معه، ومواقفنا السياسية، ومقالاتنا الصحفية، تعكس ذلك، ولكننا، كعراقيين، نُحب بلدنا، ونحترم اسمه وتأريخه وأصالته، ونعتز بوقفات شعبنا القومية والإنسانية، في دعم الأشقاء العرب، وتعزيز العلاقات الأخوية والتضامنية، مع الدول العربية، فإننا نرفض زيارة دياب، ونعترض أيضاً على رئاسته لوفد وزاري كبير، كما كان مقرراً، لأنه، وفقاً للقانون اللبناني، غير مخول بالقيام بزيارات رسمية إلى الخارج، وتوقيع اتفاقيات مع دول أخرى، لحين تشكيل حكومة تخلف حكومته المستقيلة، خصوصاً وأن هناك رئيس وزراء مكلف، سعد الحريري، ينتظر أن يصحو الرئيس اللبناني الجنرال ميشيل عون، من سكرته أو غفلته (لا فرق) ويمارس مهماته الدستورية، في الموافقة على التشكيلة الوزارية الجديدة، التي يُصّر الحريري، أن تكون بعيدة عن (فيتو) حزب الله، أو ما يسمى بـ(الثلث المُعطّل) الذي خرب الحياة السياسية في لبنان، وحوّلها إلى دكاكين ومليشيات في خدمة جمهورية الملالي في قم وطهران.
وكان واضحاً، أن رغبة رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل، حسان دياب، واستعجاله في زيارة بغداد، كانت تحمل أجندة، زعيم حزب الله، حسن نصر الله، والرئيس اللبناني، الجنرال ميشيل عون، وهي أجندة ارتزاقية، تتمثل في نهب النفط العراقي، وتهريبه إلى لبنان، والاغتناء من مبيعاته، بعد أن شحت الأموال الإيرانية الداعمة لنصر الله والجنرال (الغفيان)، وامتناع أمريكا وفرنسا عن مساعدة لبنان، بعد أن اكتشفتا أن مساعداتهما، تتبخر عند وصولها إلى بيروت، وتأخذ مسارات بعيدة عن اللبناني الجائع والمحروم، وتذهب إلى ثكنات مليشيا حزب الله في الضاحية الجنوبية، وإلى مستودعات جبران باسيل، زوج ابنة عون، في بلدة (البترون).
لبنان الذي كان، في سنوات مضت، واحة العرب لجمال ربوعه، وأريحية أهله، واناقة مجتمعه بات، اليوم، رهينة، حزب حسن نصر الله، والتيار العوني، يقتسمانه، ويواصلان العمل، على تكريس تخلفه، ونقله من بلد حر ومستقل إلى ولاية إيرانية على ساحل المتوسط، تمثل آخر نقطة، في قوس الهلال الشيعي الإيراني، وهذا ما رسمه، المحروق في الدنيا قبل الآخرة، قاسم سليماني، الذي بكاه نصر الله، بدموع وقحة، وتمنى على ملك الموت، أن يُسكت أنفاسه هو، بدلاً من أخذ روح قائد فيلق قدس الايراني، في عدوان قبيح، على إرادة الله، التي لا رادّ لها، وتهكم على مشيئته سبحانه، التي لا يعترض عليها، غير الكفار والمشركين به.
ولأول مرة في تاريخ البلدان والأمم، والعلاقات الدولية، يرأس رئيس حكومة مستقيل، ويسميه اللبنانيون (العاطل)، وهو وصف مهذب، لمعنى مستتر، حماّل عديد أوجه، وفداً يضم وزراء الصناعة والطاقة والصحة والزراعة والسياحة، وخمستهم مستقيلون أيضاً، ولا يملكون، مثل رئيسهم، صلاحيات التباحث مع الحكومات والدول الأخرى ، وتوقيع اتفاقيات ومعاهدات معها، وسلطاتهم مقصورة داخل وزاراتهم ببيروت، ومحصورة في الدوام ساعة أو ساعتين، أسبوعياً، للتوقيع على المكاتبات الحكومية، والمسائل الإدارية، وهذا يعني، أن حسان دياب وفريقه الوزاري الخماسي، كانوا يستعدون لشد الرحال إلى بغداد، وفي ذهن كل واحد منهم، صفقة ما، أو (كومشن) محسوب سلفاً، وحُزمة (مصاري)، خصوصاً، وأنهم على علم مُسبق، أن محمد كوثراني، معاون نصرالله، للتجارة والاستثمار، رتبّ الأمور، ليس مع الكاظمي، وإنما مع (ربع الله) ومن يقف وراءهم، بدءاً من أبو فدك المحمداوي، مروراً بهادي العامري، وانتهاء بالخزعلي وولائي، إلى آخر الشلة الخرائية.
ولاحظوا الصمت المريب، الذي لفّ الأحزاب والمليشيات الشيعية الولائية، أزاء هذه الزيارة المشبوهة بجميع مفرداتها وتفاصيلها، وهي التي ولولت وناحت واحتجت على محاضر اتفاقيات مع الأردن ومصر والسعودية، لإنشاء مشاريع مشتركة مع العراق، تدر أموالاً طائلة، في ميادين التنمية والزراعة والصناعة والإعمار والخدمات.
هل يعلم العراقيون، أن مدّ خط نفطي إلى ميناء العقبة الأردني، ينتفع منه العراق سنوياً، عشرين مليار دولار، حسب آراء الخبراء والمتخصصين، وأن التعاون مع مصر، ضمن اتفاق النفط مقابل الإعمار، يوفر للخزينة العراقية أكثر من 12 مليار دولار في السنة، وأن إيرادات واحد من المشاريع السعودية المقترحة في بادية السماوة (مجمع تنمية الثروة الحيوانية)، تعزز الموازنة العراقية بسبعة مليارات دولار سنوياً، وتُشغل خمسة عشر ألف عراقي؟.
والحاصل، وكما تبين لاحقاً، فان المقصود من مفردة (الخدمات الطبية) التي يقدمها لبنان، مقابل النفط العراقي، هي في الحقيقة، كيلو (تبولة) مقابل طن من النفط، و(هيك يمشي الحال.. تقبرني).
والمصيبة أن(تبولة) حسن نصرالله، والجنرال عون، التي كانت معدّة للتصدير الى العراق، مقابل النفط، يابسة وثقيلة على المعدة، وكنا نقبل بها، لو كان معها، كم صندوق (زحلة)، وكم كيلو كبة (نية)، وكم شوال زيتون وجبنة، وهذه الوجبة مجتمعة، قد تعادل قيمة طن نفط واحد، سعره 325 دولار، كما مثبت في الميزانية العراقية الجديدة، وهكذا يصير الحساب.
المصدر : https://iraqaloroba.com/?p=7509