انهم لايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر
انهم لايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر
منذ أن دنس الاحتلال ارض العراق عام 2003 والعراق يعيش في دوامة الأحزاب التي تتظاهر انها دينية حيث لبست ذلك هذا القميص الذي يتناقض مع ممارساتها البعيدة كل البعد عن جوهر الإسلام والتي ضيعت العراق ومستقبل أجياله القادمة في بؤر صراع ساخنة تتولد بشكل متعمد في كل لحظة في طول البلاد وعرضها،حتى اصبح العراق عبارة عن سحائب من الحزن ورواسب من الأسى باتت تخيم على حياة العراقيين،ورغم مرور قرابة 19 عاما من البؤس والشقاء بسبب هيمنة هذه الأحزاب اللادينية على مقدرات العراق توصل جميع العراقيين الى ان هذه الكائنات الغريبة فكرا وسلوكا لا تمتلك الأسس والدافعية لان تتراجع عن أخطائها و تغير سلوكها وتترك العراق لاهله الشرفاء.
لقد عمد الاحتلال الى إنشاء الأحزاب العنصرية والطائفية في العراق جاعلا منه مرتعا لأحزاب مجرمة فاسدة تتقاتل بصورة مميتة على السلطة لنهب الثروات وقد يسر لها الاحتلال ذلك بتعمد خلق الفوضى الخلاقة وتغييب الأمن في البلاد مما جعل من العراق ساحة مفتوحة للصراع بين هذه الأحزاب فبعد الاحتلال مباشرة تم إنشاء مجلس الحكم العراقي الكارتوني الذي جلب غالبية أعضائه من العملاء في الخارج الذين كانوا لدى الدول المعادية للعراق والبعض الآخر جاء خلف الدبابة الأمريكية .
هذه الأحزاب كانت أداة الاحتلال في انهيار دولة و تضييع بلد وشعب بالكامل، ومن الطبيعي أنها تُدرك أن لا مكان لها داخل الوطن رغم أن بعضها تحاول تجميل صورتها أو تقديم نفسها بصورة مختلفة لإقناع الجمهور مرة أخرى ، فبدأت تلصق بنفسها بطولات وإنجازات لا وجود لها في حين ان المواطن اصبح ينظر إلى هذه الأحزاب بأنها هي المسؤولة عن ارتكاب الأخطاء الجسيمة والواقع العراقي المأساوي المليء بالجرائم والفساد و تراجع في المستوى التعليمي والخدمي والصحي وأن هذه الأحزاب المتخلفة انتهت صلاحيتها وحان وقت إبعادها عن السلطة و الحكم ، ويجب محاسبة و معاقبة كل قياداتها المتورطة بملفات الفساد والسرقة وحظر هذه الأحزاب التي تتاجر بالمقدسات و الدين ومصادرتها لجهود غيرها في سبيل الوصول إلى أهداف خارجية لا علاقة لها بالعراق أو بمصالح المواطنين.
هذه الأحزاب اللادينية التي تم تأسيسها وتمويلها في الخارج بالكامل سلطها الاحتلال على رقاب شعب العراق وبعد (19) سنة من الحكم ليس لديها أي إنجاز يمكن أن يمنحها شرعية الاستمرار بالاستيلاء على السلطة بل كانت المرحلة الماضية سجل أسود من الاخفاقات والفساد وكلما تم مواجهتهم اخفاقاتهم يكررون (اسطوانتهم المعطوبة) بإلقاء لائمة فشلهم على النظام الوطني قبل الاحتلال ويتناسون أنه لولا العدوان الأمريكي الصهيوني لما تسلموا الحكم على طبق من ذهب دون تعب، لذلك لم يبحثوا عن الإنجازات وتطوير البلاد وتقديم مشاريع التنمية لأنهم لم يشعروا اساسا بمعاناة الناس حتى يهتموا بتقديم الخدمات والمشاريع للشعب الذي علق آماله عليهم للتقدم نحو الأمام فخذلوه.
بل إن الملفت أن هذه الأحزاب منذ تمكينها وسيطرتها على سدة الحكم وهي تعمل بشكل مخطط ومتعمد على نشر الجهل و التخلف بين أبناء الشعب العراقي حتى نجحوا في تغذية الطائفة وارجاع العراق قرون الى الخلف ويشعلوا الصراعات السياسية متى ما شعروا بالخطر على مناصبهم، لأن الأحزاب اللادينية أدركت أن بقاء المجتمع ضعيفا و مقسما و ممزقا يزيد من فرص بقائهم وبالتالي ليس من مصلحتهم إيجاد حل حقيقي لما يعانيه المجتمع العراقي وهي ما تزال تهيمن على كل مؤسسات الدولة العراقية وقواتها الشرطية والأمنية والعسكرية، وهي الآمر الناهي والمقرر والمشرع.
أصبحت أزمة الأحزاب الإسلامية في العراق أزمة غير مسبوقة والمنذرة باقتراب نهاية ما يعرف بتجربة الحكم الديني بعد أن فقدت هذه الأحزاب ثقة الشارع العراقي وأصبح قادتها موضع نقمة الجماهير الغاضبة باعتبارهم رموزا للفشل والفساد والسرقة على حدٍ سواء وسط معطيات مناخية ومعيشية بالغة القسوة يعانيها المواطن وبلد فقد جميع بناه التحتية بعد أن نخر جسده الفساد وتسلط الأحزاب السياسية الدينية على المناصب واستحواذها على كل مقدرات المال العام ودفعوا بالعراق إلى تلك الهاوية السحيقة.
العراق منذ احتلاله وتولي هذه الشراذم التي تدعي الاسلام زورا وبهتانا حكم العراق والوطن مستباح وخيراته الكثيرة تتعرض للنهب والسرقة والابتزاز وبأرقام فلكية لا يعلمها إلا الله، وضاع الشعب بين فسادهم وقدسية دينهم المزعوم فقد تفننوا في الخداع والتضليل ، وكان المشروع الديني هو الوتر الذي لعبت عليه هذه الأحزاب واستغلالها لعوامل كثيرة ، منها داخلية ، واخرى بسبب ظروف العمل السياسي والعمالة التي عاشوها في المنفى ، ترسخت مفاهيم دخيلة غريبة على عقل وسلوك المواطن العراقي ..لقد تم استغلال الإسلام كشعار أوسع إلا أن الإسلام برئ من هذه الاحزاب العميلة لأنها أحزاب تأسست على البنى المذهبية الطائفية المقيتة الدخيلة على النسيج الاجتماعي العراقي القويم والطائفية كانت وما زالت هي اهم محرك لإنتاج سياسات النظام الذي شكله الاحتلال في العراق .
كانت ولا تزال الأحزاب اللا إسلامية أكثر المنتفعين من كل النواحي من احتلال العراق فدخلوا معه متاهة التغيير من أحزاب تدعي زورا وكذبا انها اسلامية، الى احزاب وكتل دخلت تحت عباءة الاحتلال ومن الأبواب الخلفية دون إرادة الشعب وبشعارات زائفة فسارعت إلى ضم من يواليها طائفيا مزيفين بما يطلقونه كذبا بالشعارات الحسينية وبشكل أساء بلغطه إلى الرموز الدينية ، الا ان عباءة هذه الأحزاب لَمّتَ تحت ظلمتها عرابيد سوداء، ما إن فُسح لها المجال حتى راحت تصفي خصومها من الذين لايواكبونها في الرأي أو الذين رفضوا الانضمام إليها.
تحولت الأحزاب اللا إسلامية إلى مستنقع لحيتان الفساد السياسي والمالي والاداري , وخنق حرية الرأي والتعبير , وكانت تجربة 19 عاما من الفشل كفيلة بأن تنبه الشعب العراقي الذي عبر عن مواقفة الرافضة لكل العملية السياسية التي فرضها بالقوة الاحتلال وذيوله, وأدركت بأنها وقعت ضحية نفاق وخداع هذه الأحزاب , وزاد الطين بلة , بان هذه الاحزاب الاسلامية اختارت طريق الانعزال والانفصال وقطع الصلة , عن الشعب وعن الجماهير الغفيرة , التي انتخبتها ووضعتها في البرلمان والحكومة , وفي قيادة دفة البلاد . فقد حشرت هذه الأحزاب نفسها في أبراج عاجية وعالية بعيدة كل البعد عن الواقع الفعلي والملموس ولم تقدم خدمة للمواطن بل انها تنكرت له اذ صارت تعيش في وادٍ والشعب يعيش في وادٍ اخر , لان كل همها وطموحها المناصب والكراسي ومراكز النفوذ حتى أصبح الوطن بلا خدمات بلا كهرباء بلا بنى تحتية بلا وظائف وإن التعيينات فيه تكون فقط للمنتمين للأحزاب والمرتبطين بهم .
مخطط تحطيم العراق
سألت إنديرا غاندي والدها الزعيم جواهر لال نهرو :ماذا يحدث لو سيطر الفساد على مجتمع ؟رد عليها : ينهار الإقتصاد… قالت لوالدها : وماذا يحدث بعد إنهيار الإقتصاد ؟أجابها : تنهار الأخلاق… ألحت أنديرا فى السؤال على والدها : وماذا يحدث أيضاً لو أنهارت الأخلاق ؟ رد عليها بمنتهى الحكمة :وما الذي يبقيك في بلد أنهارت أخلاقها.
يجيب مصطفى الامارة عن كيفية بدأ الفساد في العراق بعد الاحتلال ؟ بالتأكيد على بعض ما عمد إليه الاحتلال لأن كل ما يجري اليوم تم التخطيط له قبل عام 2003،وتم وضع كل شيء في مكانه،وقرروا، وهناك وثائق ومنها مؤتمر لندن وأربيل، على تشكيل ” ديمقراطية منخفضة الحدة” كما جاء في المخطط حرفيا،أي ديمقراطية” النخبة الحاكمة” فقط كما هو حاصل اليوم،وعزلها عن الجمهور العام،وإغراقها في ترف فوق الخيال،واسقاطها بفتح خزائن المال وتوثيق السرقة صوتا وصورة.
نحن نعتقد ان الاحداث تبدأ في الربع ساعة الاخيرة،ومن آخر حدث،بلا جذور ولا مخططات ولا برامج،لأن العقل العراقي نفسه عشوائي،كما تم تدمير الذاكرة بالدم والعذاب لكي لا يربط بين الأحداث.وتقرر قبل الاحتلال أن تكون رواتب قادة الحكم، بما في ذلك” رواتب البرلمان” مرتفعة جدا لكي يتم شراء الذمم والضمائر،وغالبيتهم من حفاة المال والشرف والوطنية،وماضي انتهازي،وتمت دراسة كل فرد دراسة مجهرية،وتم تشكيل نخبة اعلامية من النكرات الشرسة في بودابست ولندن وواشنطن،وزجها قبل الاحتلال في قنوات التلفزة للترويج.بل تم تشكيل محكمة في واشنطن من قضاة عراقيين قبل الاحتلال،في حال القبض على الرئيس صدام حسين،ولمدة شهور ودربوا على كيفية محاكمته،واحد قضاة الدورة زهير كاظم عبود ،و تدربوا على كبح أي محاولة منه لتحويلها الى محاكمة سياسية وكشف اسرار الحلفاء،لذلك رأينا كيف كان القضاة يلجمونه عند أي محاولة الحديث في السياسة،وكان من حق الشعب العراقي أن يعرف أسرار دمار بلده ومن شارك فيه من الخارج.تم قبل الاحتلال، تشكيل مؤسسة حكم من أطراف متعادية،خليط من معارضة سابقة ،وتقرر احياء القبلية لأنها مع برلمان فاسد ومترف وساسة لصوص وعناصر حكم من النظام القديم تعاني من انكشاف الماضي، قابلة للخنوع،وهذه التكوينات ليس من مصلحتها بعد الإفساد المبرمج أي تغيير،وتقرر ابعاد العناصر” اصحاب الرؤوس الحارة” من يساريين ووطنيين ومثقفين نجباء و نقابيين عن مؤسسة الحكم،وليس أمام هؤلاء، حسب المخطط، غير الاندماج في مؤسسات الحكم،أو الاقصاء او الاغتيال ونفذوا الحالتين،ونُسبت الى منظمات ارهابية تحت اليد أو بالاختراق.
قبل الاحتلال عام 2003 تم توزيع استمارات على معارضين من السياسيين والمثقفين،وتتضمن الاستمارة، نوع الوظيفة التي ترغب بعد الاحتلال والسكن والراتب مع دفعة من المال قبل السقوط، ووزعت على مجموعة كبيرة من العراقيين الموجودين في الحكم اليوم ،ودخلوا مع المارينز،وكل المراسيم العلنية عن دستور وقانون وانتخاب برلماني هو ضحك على الذقون، وغالبية أعضاء البرلمان تم اختيارهم بالحاسوب الأمريكي،وطرد كل مرشح وطني فاز فوزاً حقيقياً.
كل شيء كان معداً ومخططاً من نوع النظام الحاكم،إلى تشكيل طبقة فاسدة في السياسة والإعلام،والقضاء المتدرج على العناصر الوطنية بالكاتم او التشهير،حتى تأتي اللحظة الاخيرة ــــ وهي تقترب ـــ وهي نحر الجمل وتوزيع الجغرافيا في أقذر وليمة للسطو على شعب،غيبوه بالبحث عن الخدمات والمفخخات والمسرحيات،حتى صار لا يعرف هل هو شعب أم علبة دهن؟هل هو جمهور ام قطيع؟هل هو يعيش في وطن أم مبغى سياسي؟ لماذا يبدو البعض” مخروعاً” مما يجري؟ماذا شاف وصُدم؟هل شاف رواتب اعضاء البرلمان،واخترع”؟
انهم لايؤمنون بالله
أدخل العراق بعد 2003 في تعددية شاذة ومشهد فوضوي مترهل هو مزيج من العنف والعنف المضاد، وتميزت إدارة العملاء في عراق ما بعد 2003 بنقل الصراعات والممارسات الحزبية المتخلفة إلى مؤسسات وإدارات الدولة ودواوين الحكومة، ولم يستفيدوا بشكل جيد من الدعم الدولي تجاههم، واليوم وبعد 19 عاما على احتلال العراق، فشلت ما تسمى بالعملية السياسية، التي اقتحمتها أحزاب وكتل وقوى سياسية متخلفة تعتمد أفكار سياسية وإدارية وتنظيمية واهية وغير عملية ، طرحت هذه الأحزاب نفسها في ثلاثية بديلة عن مفهوم المواطنة وهي ثلاثية الشيعة والسنة والكرد،والملفت بكل ما قامت به هذه الأحزاب وتستمر عليه انها تثبت في كل يوم أكثر من سابقه انها لاتؤمن بوجود الله وأن هناك حساب لما يقترفه المسؤولين فيها من جرائم بحق الشعب العراقي لاسيما القتل والتغييب والسرقات ونشر الفساد والرذيلة في مجتمع كان الأكثر تحصنا منها قبل الاحتلال.
انهم لايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر
المصدر : https://iraqaloroba.com/?p=10718