عمَّا نتج الوضع الحالي للمجتمع الإيراني؟
عمَّا نتج الوضع الحالي للمجتمع الإيراني؟
نظرة عامة على تاريخ منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في مواجهتها للنظامين الديكتاتوريين
عندما أعيد خميني (من منفاه في باريس) إلى إيران في الأسابيع الأولى من عام 1979 لاستبدال نظام الشاه الديكتاتوري، ربما لم يكن خميني قد فكر أبدًا بعد الوصول في التربع على عرش السلطة، أنه سيواجه معارضة قوية وغير مساومة تستطيع غلق الطريق أمام تثبيت واستقرار نظامه الجديد بهذه السرعة،هذه المعارضة أصبحت الآن حقيقة معروفة من قبل الجميع. منظمة مجاهدي خلق الإيرانية!
تأسست منظمة مجاهدين خلق قبل 56 عامًا في عام 1965، بعد خمس سنوات من تأسيسها، تم إعدام المؤسسين وعدد من الأعضاء المركزيين على يد نظام الشاه.
كل من النظامين الدكتاتوريين (الشاه و الملالي) بحثا عن بقائهما في القضاء على مجاهدي خلق.
مع إعدام المؤسسين في عام 1972، قرر الشاه تفكيك المنظمة. خميني، الذي وصل إلى السلطة بعد سرقة قيادة الثورة المناهضة لنظام الشاه للشعب الإيراني، اتبع نفس النهج بطريقة أخرى و كشر عن أنياب دكتاتورية أسوأ من ديكتاتورية الشاه، لكن هذه المرة، تحت اسم الإسلام والدولة الإسلامية، وبشهادة التاريخ، تعتبر الديكتاتورية الدينية أسوأ أنواع الديكتاتوريات.
منذ وصوله الى السلطة، ظل خميني، بموازاة مواصلة جهوده الرامية إلى تثبيت نظامه، يضغط على منظمة مجاهدي خلق الإيرانية لقبول سياساته وتعريفه للإسلام الذي ينفي حرية الشعب ونشاط القوى السياسية المعارضة.
لكن مجاهدي خلق “لم يستجيبوا أبدًا” لمطالب خميني ورفضوا دستور نظامه، لأن مبادئ مجاهدي خلق الإنسانية والنضالية كانت تستند إلى السيادة الوطنية والشعبية القائمة على الفصل بين الدين والحكومة.
في 21 يونيو 1982، استطاعت المنظمة تنظيم مظاهرة شارك بها أكثر من نصف مليون من مؤيديها، وعلى الرغم من استشهاد العشرات من أعضائها على يد قوات النظام، إلا أنه قبل هذا التاريخ، أصبحت منظمة مجاهدي خلق القوة السياسية الأكثر جدية والأكثر نفوذاً في الصراع ضد الملالي وضد خميني، ودافعت المنظمة عن حرية النشاط السياسي وحرية الأحزاب وعن المواطنين المضطهدين في كردستان وشرائح المجتمع الأخرى، خاصة النساء والشباب.
بعد شهر من المظاهرة، أعلن مسعود رجوي في العاصمة طهران إنشاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كبديل لنظام خميني وسافر إلى الخارج لكسب دعم وتعاطف المجتمع الدولي.
وقفت المنظمة ضد إصرار خميني على مواصلة الحرب مع العراق ورفعت راية السلام وأنشأت جيش التحرير الوطني الإيراني في 21 يونيو 1987، بالقرب من تراب الوطن.
وبعد أقل من السنة في يوليو 1988، استطاعت المنظمة، بجهودها وتضحياتها، ارغام خميني على تجرع السم وقبول وقف إطلاق النار(القرار 598) خوفًا من سقوط نظامه ووصول أنصار مجاهدي خلق الى طهران. كان هذا التصرف الذي قام به خميني مؤشرا واضحا على صحة استراتيجية جيش التحرير التي رآها العالم بأسره!
كان تجرع كأس السم من قبل خميني مجرد جزء من مؤامرة كبرى حاكتها قوى الاستبداد والاستعمار.
في السنوات التي تلت ذلك، ولمجرد التعبير عن حسن النية تجاه الادّعاءات الكاذبة التي روّجها النظام مثل قبوله لقيم الحداثة والقيام بإصلاحات، تم درج منظمة مجاهدي خلق على قوائم الإرهاب.
في الوقت نفسه، كانت هناك مؤامرات شريرة أخرى، مثل شيطنة مجاهدي خلق، وتسلل قوات الحرس إلى الأراضي العراقية ومهاجمة مقرات المنظمة، وكذلك قام النظام الإيراني بسلسلة من الأعمال الإرهابية ضد أنصار مجاهدي خلق، مما رافقه الكثير من الأخطاء التي تراكمت على السياسات والاستراتيجيات الخاطئة للدول الغربية.
كان بإمكان كل جزء من أحداث هذه المؤامرة أن يكون كافياً لإخراج أي معارضة من الميدان!
لكن مجاهدي خلق، رغم كل هذه الضغوط، ركزوا اهتمامهم على العدو الرئيسي، نظام الملالي، باعتباره عدو الشعب الإيراني و المزعزع الأكبر للاستقرار في الشرق الأوسط والمهدد الأخطر على الأمن والسلام الدوليين.
وكذلك وسعوا نضالهم ضد الملالي وكشفوا عن مؤامراتهم وتدخلاتهم المدمرة في دول المنطقة، خاصة العراق وسوريا واليمن ولبنان وايضا قاموا بتعرية الأعمال الإرهابية التي قام بها الملالي في البلدان البعيدة والقريبة وفضح مشاريع الملالي الخطرة للغاية للحصول على أسلحة نووية، وبطبيعة الحال دفع مجاهدو خلق لتحقيق هذه الانجازات ثمناً باهظاً.
بسبب وجود ومقاومة مجاهدي خلق ضد خميني في تلك السنوات الأولى، تم تقسيم المجتمع الإيراني إلى قطبين متعارضين؛ الملالي والشعب الإيراني. الآن تحول الاستقطاب الى جبهتين واسعتين في المجتمع الدولي.
في العقود الأربعة الماضية، لم تتناقص المواجهة بين هاتين الجبهتين ، بل توسعت، والآن يمكن القول إن نجمة الملالي آخذة في الأفول بفضل المقاومة الإيرانية والكفاح المستمر من جانب مجاهدي خلق، وبدأت إرهاصات سقوط هذا النظام الدموي تتكشف للعالم.
إن ما يبرز في خضم هذه المواجهة مشعاً صافياً مثل الماس هو دور منظمة مجاهدي خلق الذي لا بديل له في خلق هذا التحول واضعا أفقًا واضحًا ليس للشعب الإيراني فقط بل للمنطقة وللعالم.
خاصة إذا ألقينا نظرة واقعية على تطورات العقدين الأخيرين، سنكتشف أين كانت منظمة مجاهدي خلق وأين هي الآن.
لقد تمكن أعضاء مجاهدي خلق من الخروج من فم الذئب (العراق المحتل من قبل النظام) ونزل على ظهر الذئب (إيران التي احتلها النظام) ومن خلال إطلاق حركة مطالبة باحقاق العدالة لأكثر من 30000 سجين سياسي أعدموا في عام 1988 وخلق الآلاف من معاقل الانتفاضة في مدن الوطن، لقد استعد الشعب الإيراني لأن يخطي الخطوة الأخيرة.
إن مقاومة مجاهدي خلق وصمودهم في مواجهة النظام الديني الديكتاتوري الحاكم في إيران وتجذُّرهم في المجتمع الإيراني وتغيير هذه الأمور لسياسة واستراتيجية المجتمع الدولي ليس من فراغ. كما أن افتراء نظام الملالي على مجاهدي خلق على هذا النحو وطغيانه لإلحاق الضرر بهم وادعائه على كل منبر أن كل حكومات العالم تستمد الإلهام من مجاهدي خلق وتتأثر بسياستهم وصرامتهم ليس من فراغ أيضًا.
من هم مجاهدي خلق حقا؟ إنهم قوة وطنية وديمقراطية نذرت نفسها للنضال من أجل تحرير شعبها من الاضطهاد، دون أن يكون لها طموح للوصول للسلطة أو الحصول على ثروة مادية أو جاه.
لقد سعى مجاهدو خلق من خلال تقديم تضحيات كبيرة إلى إنقاذ إيران والشعب الايراني (وبالتالي العالم) من خميني وأنصاره والقضاء على إيديولوجيته الشريرة التي تسببت بكثير من الحروب والأذى للإنسانية.
الحقيقة أن محاربة ديكتاتورية الملالي الدينية، التي هي أكثر ديكتاتورية في المجتمع الإنساني المعاصر خبثا، ليست سهلة ويجب أن تكون مسلحة أيديولوجياً وسياسياً، وأن تقدم فكراً مناهضاً لخميني ونظامه. وإلا حتى لو تمت الإطاحة بهذا النظام سياتي نظام مماثل وتبتلي البشرية بشروره مرة أخرى عاجلاً أم آجلاً.
ولهذا السبب يجب اعتبار الوضع الحالي في إيران هو أولًا وقبل كل شيء نتاج النضال الدؤوب لمجاهدي خلق:
وهي قوة في النقطة المحورية للمقاومة الإيرانية والبديل الديمقراطي الوحيد يمكنها أن تقف في وجه نظام ولاية الفقيه الحاكم وأن تتحدى هذا النظام اعتمادًا على شعبها وشبكات التواصل الاجتماعي المنتشرة داخل إيران.
وهي قوة لم ولن يستطع أحد تجاهلها.
وهي قوة يرادف صمودها وديمومتها إبادة ولاية الفقيه في إيران وجعلت الإطاحة بنظامها أمرًا حتميًا.
وهي قوة تُعد المنظمة الوطنية الأكثر خلودًا في تاريخ إيران والأكثر معاداةً للرجعية في تاريخ إيران المعاصر والتيار السياسي الوطني الوحيد المعارض لنظام ولاية الفقيه، الذي أصدر خميني الأمر بمحاربته، ومن ثم أعدم أعضائه وأنصاره.
وهي قوة كان حكام خميني المعادين للإسلام يقولون عنها استشهادًا بفتواه: ” إن مجاهدي خلق مرتدون وأسوأ من الكفار وليسوا لديهم أي حيثية مالية ولا حتى معنوية”. ونتذكر جميعًا أن خميني كان يقول مشيرًا إلى مجاهدي خلق: ” إذا أتيحت لي فرصة واحدة من ألف فرصة لكي أتوصل إلى اتفاق معكم على أن تتخلوا عمَّا تعتزمون القيام به، فإنني مستعد للتفاوض معكم وأن آتي إليكم بنفسي، وليس من الضروري أن تأتوا إليَّ”.
وهي قوة تعيش في صراع جوهري مع ولاية الفقيه ونظام حكمها على “حرية الشعب وسيادته”.
وهي قوة قاومت منذ البداية سياسة التوسع التي ينتهجها نظام ولاية الفقيه الحاكم تحت مسميات مختلفة، من قبيل “تصدير الثورة” و “الدور الاستشاري” و “فتح كربلاء عن طريق القدس” و “الدفاع عن الزينبية” و “الشرائع والعقوبات الإسلامية” و “الدفاع عن الإسلام وإيران” … إلخ. ودفعت ثمنًا باهظًا.
وهي قوة رفعت راية كشف النقاب عن المشاريع الخطيرة، من قبيل “تخصيب اليورانيوم” و “واقتناء القنبلة النووية” وغيرها من المشاريع، وتحث الآخرين على الوقوف ضد هذا النظام الفاشي.
وهي قوة تدعو إلى السلام والتعايش السلمي مع جيران إيران وتبشر بالحرية والليبرالية داخل حدود إيران.
والحقيقة المؤكدة هي أنه لولا هذه القوة، فماذا كان وضع المجتمع البشري المعاصر في مواجهة أكثر الديكتاتوريات الدينية ترويعًا في التاريخ، أي نظام ولاية الفقيه؟
عمَّا نتج الوضع الحالي للمجتمع الإيراني؟
Source : https://iraqaloroba.com/?p=10612