قراءة في دواعي وأسباب قمة القاهرة الثلاثية

عراق العروبة
مقالات وآراء
12 سبتمبر 2021
قراءة في دواعي وأسباب قمة القاهرة الثلاثية

قراءة في دواعي وأسباب قمة القاهرة الثلاثية

عراق العروبة

ثائر محمد حنني الشولي

قراءة في دواعي وأسباب قمة القاهرة الثلاثية

في ضوء التداعيات المتواترة لهزيمة الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان والعراق وحجم الخسائر الفادحة في كافة المجالات , وكلفتها المادية الهائلة التي بلغت مئات المليارات من الدولارات, والتي إنعكست دماراً وسلباً على الإقتصاد الأمريكي الاّخذ بالإنكماش والتراجع أمام الصعود المدوي لجمهورية الصين الشعبية والإتحاد الروسي الذي تعافى إقتصاده مؤخراً في الوقت الذي تشهد فيه إقتصادات الاتحاد الأوروبي وأمريكا إنهياراً غير مسبوق, تلك الاقتصادات التي مثلت طيلة العقود المنصرمة قمة الرأسمالية والإمبريالية العالمية الجشعة. 

وإزاء هذا الواقع المزري للاقتصاد الأمريكي جراء حروبها الاستعمارية التدميرية في العراق وأفغانستان, وحالة التاّكل المتتالية لقيمة الدولار الأمريكي وقدرته الشرائية في الأسواق العالمية, اضطرت القيادة الجديدة للبيت الأبيض من الحزب الديمقراطي بقيادة ( جوبايدن) إلى إتباع سياسة النأي بالنفس عن التدخلات الخارجية في سبيل إصلاح الإقتصاد الأمريكي المتهالك وتمكينه من مواجهة الدب الصيني الصاعد , وكان لهذه السياسة الأمريكية الجديدة بالتأكيد إنعكاس كبير على قاعدتها المتقدمة في قلب الوطن العربي (إسرائيل ) التي تنفق عليها الخزينة الأمريكية الكثير الكثير من قيمة الضرائب التي أثقلت كاهل المواطن الأمريكي الذي أدرك مؤخراً حجم الكارثة في إستمرار الدعم الأمريكي لنظام عنصري قمعي.. حيث تتعالى الأصوات هناك يوما بعد يوم بضرورة وقف الدعم عن كيان يقمع الفلسطينيين ويقتلهم بالسلاح الأمريكي كل يوم , وكذلك دعوة القيادة الجديدة للتراجع عن كل سياسات سلفه ( ترامب ) التي أوصلت المنطقة الى شفير الهاوية , وأوقعت إسرائيل ذاتها في حروب لم تعد قادرة على حسمها وتجنب اّثارها المدمرة ليس على إسرائيل وحدها وإنما الداعمين لها وعلى رأسهم أمريكا.

وعلى وقع تلك القراءة للسياسة الأمريكية الجديدة في عهد (بايدن ) وكذلك تنامي الأصوات المناهضة لإسرائيل في الداخل الأمريكي وتحديداً في صفوف الحزب الديمقراطي الحاكم.. سعت السلطة الوطنية الفلسطينية لإلتقاط الفرصة نحو خلق مسار سياسي جديد ومستند الى قرارات الشرعية الدولية مدعوماً بموقف عربي مساند للموقف الفلسطيني وخصوصاً دول الطوق الفلسطيني (مصر والأردن).

ويأتي سعي السلطة الفلسطينية الحثيث لعقد قمة القاهرة الثلاثية أيضاً كرد منطقي على قمة جوار بغداد التي انعقدت في 28/اّب المنصرم ولم تأتي على أي ذكر للقضية الفلسطينية بشكل يعطي رسائل بعدم أهمية القضية الفلسطينية وغيابها عن جدول أعمال القمم في المنطقة الشرق أوسطية , وبالتالي فإن قمة القاهرة الثلاثية قد تمسح الاّثار السلبية لقمة بغداد وتعطي رسائل بليغة للعالم أن دول الجوار الفلسطيني يتقدمها مصر وما لها من تأثير كبير في الوطن العربي تدعم وتساند بقوة الموقف الفلسطيني المتمسك بخيار حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية , إضافة لرسالة أخرى أكثر أهمية لدى السلطة وهو التأكيد على الشرعية الفلسطينية ممثلة بالرئيس (ابو مازن), ووحدانية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية للشعب العربي الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.. وتالياً هي المخولة وحدها البت في الشأن السياسي الفلسطيني وخصوصاً في أعقاب معركة سيف القدس التي انتصرت فيها الإرادة الفلسطينية على الجلاد الصهيوني بقيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وما قد يكون لذلك من انعكاسات قد تنال من تلك الشرعية وتحرجها أو تنقص من مكانتها ودورها القيادي .

 وفي كل الأحوال فإن مخرجات القمة الثلاثية التي عقدت في القاهرة بتاريخ 2/أيلول تعطي إشارات قوية وبليغة للعالم وللبيت الأبيض الأمريكي تحديداً.. أنه لا مناص من ضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وفق الشرعية الأممية وقراراتها بهذا الشأن لتجنيب المنطقة ويلات الحروب ووضع حد للصراع العربي الصهيوني الذي مضى عليه أكثر من سبعين عاماً, تاركاً خلفه كل هذه النكبات والويلات للشعب العربي الفلسطيني الذي تعرض لأكبر كارثة إنسانية عرفتها البشرية, وتجلت صورها المأساوية بالتطهير العرقي الذي أسفر عن تهجير نصف الشعب الفلسطيني خارج وطنه , وكذلك جرائم الإبادة الجماعية والمجازر الوحشية التي أودت بحياة مئات الاّلاف من الشهداء الأبرياء… ولا زالت ماكنة الجريمة الصهيونية تسير بوتيرة متصاعدة الى يومنا هذا وتحصد المزيد من الأرواح البريئة التي لا ذنب لها سوى الثبات على ثوابت القضية العادلة , والتمسك بكامل حقوق شعبنا التاريخية وحقه في العودة وتقرير المصير والسيادة على كامل التراب الوطني الفلسطيني.

                                                     

                                                    

 من مقالات الكاتب - عراق العروبة

Short Link

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.