مقتدى الصدر صح.. محمد الحلبوسي غلط!
مقتدى الصدر صح.. محمد الحلبوسي غلط!
أخطأ محمد الحلبوسي، مرة أخرى، في مسألة التعاون مع مقتدى الصدر لتشكيل الحكومة الجديدة عندما طالب الأخير بضرورة توافق الأطراف الشيعية الأخرى مع التيار الصدري على مرشح لرئاستها، وهذا يعني أن الحلبوسي يسعى إلى بعث الروح في أحزاب الإطار التنسيقي الشيعي المنهارة، وإعادتها إلى المشهد السياسي من جديد، وهي التي خرجت مهزومة في انتخابات تشرين الأول الماضي، تجر أذيال الخيبة، وتتذرع بتزوير النتائج، وتُسرح مليشياتها للتظاهر المسلح وإشاعة الفوضى.
وقد أثار موقف الحلبوسي هذا، ودعوته إلى انعاش (البيت الشيعي) الذي مات وشبع موتاً، ردود فعل غاضبة في الأوساط السنية، السياسية والاجتماعية، خصوصاً بعد أن تردد أنه خضع إلى ضغوط من الثنائي المليشياوي (هادي العامري وقيس الخزعلي) وقد اجتمع معهما ثلاث مرات في المدة الأخيرة، وقد أشاعا بأنهما حذراه من مغبة تعاون كتلته (تقدم) مع الصدر، لأسباب تخصهما، وبذلك يكون الحلبوسي قد أساء إلى المصلحة العامة السـنية، التي تكمن في التفاوض مع طرف شيعي واحد يملك أغلبية نيابية مُريحة، ومؤهل وفقاً لاستحقاقه الانتخابي، بترشيح من يراه مناسباً لرئاسة الحكومة المقبلة، وليس مطلوباً من الحلبوسي، أن يتدخل في خلاف (شيعي ـ شيعي)، غير معني به، لأن الكتلة الصدرية، أكبر الكتل الشيعية، كفيلة بمعالجته وهي أدرى به.
والغريب أن أحد نواب (تقدم) حاول اختلاق ذرائع واهية، لتسويغ موقف رئيس كتلته، بالقول: (إن الحلبوسي متفق مع مسعود بارزاني، على ضرورة إيجاد توافق “صدري ـ إطاري” على مرشح واحد، يُشكل الحكومة الجديدة)، من دون أن ينتبه هذا (الفهيم)، إلى أن بارزاني يريد مرشحاً شيعياً توافقياً لرئاسة الحكومة المقبلة، انطلاقاً من اعتبارات شخصية، تتمثل في رغبة حزبه الديمقراطي الكردستاني، بتسلم منصب رئاسة الجمهورية، في هذه الدورة، وتعويض خسارة مرشحه، فؤاد حسين، وزير الخارجية الحالي، في العام 2018، ويرى أن مرشحه الجديد للرئاسة، الذي يُعتقد أنه سيكون فاضل ميراني، القيادي المخضرم في (البارتي)، لا بد أن يحصل مُسبقاً، وقبل الإعلان عن ترشيحه رسمياً، على تأييد أكثرية نيابية شيعية، بعد أن ضمن سلفاً، دعم الكتل السنية له، أما بالنسبة إلى الحلبوسي، فالأمر مختلف، حيث ما زالت معطيات عودته إلى رئاسة البرلمان، مرهونة بإجماع الكتل السنية عليه، وهذا لم يحصل لحد الآن، برغم وجود نوع من التفاهمات الأولية بين كتلتي تقدم وعزم، حول ذلك، ولكنها لم تصل إلى اتفاق نهائي، يضاف إلى ذلك أن الفاعل الشيعي الحالي في الساحة، المتمثل في التيار الصدري، سجل ملاحظات على الحلبوسي، عقب لقائه مع مقتدى الصدر، وهو لقاء لم يكن بمستوى الأحداث بسبب دعوة رئيس البرلمان السابق للصدريين، الاتفاق مع الاطاريين، على مرشح واحد لرئاسة الحكومة المقبلة، الأمر الذي أثار الصدر، وردً عليه ساخطاً: (هذا مو شغلك)!.
وليس دفاعاً عن مقتدى الصدر، إلا أن دعوته إلى تشكيل حكومة أغلبية سياسية، هو يسميها (وطنية)، ليست استحقاقاً انتخابياً فحسب، وإنما لأن التيار الذي يقوده، هو الأكثر قبولاً في الوسط الشيعي، بدليل النتائج التي أحرزها، على عكس أطراف الإطار الشيعي، التي تلقت ضربة تستحقها، من الجمهور الشيعي، بسبب استعلاء قادتها، وحدّة خطابهم الطائفي، واستغلالهم للسلاح، في تهديد المواطنين، بالإضافة إلى خزي مشاركتهم في ترويع شباب الحراك التشريني، واغتيال وتغييب أعداد منهم، حيث ما تزال أصابع الاتهام، في هذه القضية، تؤشر على قادة الإطار التنسيقي الشيعي، وخصوصاً قادة فرق الموت الطائفية، ورؤساء الفصائل الولائية.
كان على الحلبوسي، في لقائه مع الصدر، أن ينأي بنفسه عن خلافات الأطراف الشيعية، ويركز جهده على إجراء حوار معمق، مع زعيم التيار الصدري، بصفته صاحب الكتلة الشيعية الأكبر التي من حقها، سياسياً وانتخابياً، تسمية رئيس الوزراء المقبل، ويتفق معه على تنفيذ سلسلة من الإجراءات المتعلقة بعودة جميع النازحين إلى بيوتهم ومناطقهم وتعويضهم، وإيقاف الملاحقات الكيدية ضدهم، والتحقيق الجدي في قضية المخطوفين والمغيبين، وإعادة النظر في أحكام المعتقلين والمحكومين ظلماً، وإنهاء احتلال فصائل الحشد للمناطق والمحافظات السنية، وتكريس مفهوم (التوازن) الحقيقي، في الوزارات والقطاعات الحكومية والجيش والأجهزة الأمنية وعدم اقتصارها على فئة أو طائفة واحدة.
ويتوهم محمد الحلبوسي الذي يتدافع، هنا وهناك، ويستميل هذا وذاك، للعودة ثانية إلى رئاسة مجلس النواب، عندما يظن أن منصب رئيس البرلمان مُفصّل على مقاس بدنه، الذي يجمع بين الهيئة القزمية، والصورة الكاريكتيرية، وهو الذي أخفق تماماً في إدارة البرلمان، خلال الدورة السابقة، وفشل ذريعاً في إصدار قرارات تخدم الصالح العام، وتجنّب، عن قصد، توظيف موقعه الرئاسي في حماية السنة العرب، في محافظات ديالى والموصل وصلاح الدين والأنبار وشمال بابل، ولم يتضامن معهم في مواجهة جرائم وانتهاكات مليشيات الغدر الولائية، في حين منعه خوفه وتمسكه بمنصبه من استجواب وزراء ومسؤولين فاسدين ومسيئين، بل أنه احتضن وزيراً سابقاً، عليه عشرات الملفات التي تُدينه، ومن ضمنها تلاعبه بشركة تجارية (الاتحاد) لتأمين أرزاق بعض قطعات وزارة الدفاع، وبدلاً من عزله والتحقيق معه، فانه كرمّه وعينّه رئيساً لصندوق تعويض وإعمار المحافظات المدمرة، فلا عوضّ سُـنياً مُستحقاً، ولا عمرّ بيتاً مُهدماً، في حين لعبت مزاجيته الحلبوسية، في تقريب بعض النواب، ومنحهم امتيازات وعقود ومقاولات، وإبعاد آخرين، ربما يغار منهم، أو لا يرتاح لهم، بدوافع شخصية ومناطقية وعشائرية.
مقتدى الصدر صح.. محمد الحلبوسي غلط!
Source : https://iraqaloroba.com/?p=11674