أطراف الدين والميل الكمين!!
أطراف الدين والميل الكمين!!
الدين منهج للحياة والموت ومحكوم بالغيب، ومحاولة لتوصيف الرحلة ما بين النقطتين، ولهذا فأن التعريف يتباين وفقا لمقتضيات وعي الغيب لدى الأديان المتعددة في مسيرة البشرية منذ الأزل.
وللضلال والبهتان والأوهام والشعوذة مقام كبير في الأديان، لأن النفوس البشرية تتوق لإتباع الخداع والتضليل، وما يرضي ما يعتريها من هواجس تريد التخلص منها، والإطمئنان إلى تصديق ما توحي به عوامل تعطيل العقل وتحفيز الهذيان.
وبسبب هذا الميل العجيب عند البشر فأن بضاعة التضليل رائجة، وأسواقها مائجة، وزبائنها دارجة، ومسوقوها في نشاطات دائبة، وضحاياها صاغرة خائبة، وتمضي إلى حيث يريد حاديها الذي يراها في مُلكه راغبة.
ومشكلة الدين تكمن في ضياع قدرات الموازنة ما بين كفتي الحياة والموت، ففي كل زمان يتحقق ترجيح إحداهما على الأخرى، وفي معظم المرات يكون الترجيح لكفة الموت على الحياة، ولهذا تسود ثقافات الموت ويعم سلوكه بين الناس.
ومن الواضح أن الدين يسعى لحياة آمنة تفضي إلى خاتمة مؤزّرة، بما تحققه من صلاح في مسيرة الحياة، أي أن الدين ضوابط سلوكية ذات قدرة متصورة للحفاظ على البشرية، والأخذ بها إلى مصبّات الختام بإنسيابية، وحتمية واثقة بعالم النهايات وما سيدور في أروقة الغيب.
ولا يكون الدين حرفة موت أو ثقافة موت ومعاداة للحياة، ففي الطرف الذي يتأكد فيه سلوك الموت تنتفي الحياة بمعناها الحقيقي، وتتحول إلى ميدان يتجرد فيه البشر من أبسط المعاني الإنسانية ويستحيل إلى أرقام، وبلا قيمة أو معنى، ومن السهل القضاء عليه وترويعه، بعد أن يتم توصيفه وفقا لإرادة المدينين بالموت، والذين يسوّغون سلوكهم على أنه تنفيذ لأوامر ربهم أو تسلطيا لظلمه على العباد، وهم الذين ينفذون ذلك الأمر الرباني الواقع على الآخرين.
وهذا سلوك تشترك فيه الأديان، ولكل منها جولته وصولته وميادينه لسفك الدماء، وقتل البشر وترويعهم وعلى مر العصور والأزمان، ولا يشذ زماننا عنها فيما يتعلق بالسلوكيات المتصلة بدين.
ويبقى البشر من أعجز المخلوقات على تحقيق الموازنة الفعالة الرشيدة العاقلة ما بين الحياة والموت، في وعاء ديني يساهم بالسلام الإنساني والعدالة السامية، مما يعني أن الصراع ديدن سرمد، وسفك الدماء ناعور لن يتوقف، والقتل طبع بشري فتاك يستمد شراسته من أي دين!!
Source : https://iraqaloroba.com/?p=10000