احتجاجات قطع الاشجار، تربية الحكومات
احتجاجات قطع الاشجار، تربية الحكومات
الحكومة بنت الشعب ، و الاب يربي ابنته او (يسيّبها) ، و هو الذي ينشئها و يدعمها ان ضعفت و يؤدبها ان انحرفت عن طريق العفة ، و يتدخل حتى في اختيار عريسها و رئيسها .
و لذلك فالشعوب التي تركت حكومتها تستهين اولا بخدماتها ثم تستهتر بمقدراتها ثم حتما منطقيا الارتماء باحضان اعدائها ، هي مثل الآباء الذين تركوا بناتهم يستهنّ ثم يستهترن ثم يرتمين بأحضان الخصوم .
و الحكومة اذا ارتمت و فسدت افسدت و هدمت و سحب الله بركتها ، و انقلبت على شعبها الذي انشأها و سلّطت عليه عدوه يمتص خيره و يسير شأنه و شأنها ، و اذاقته الحسرة على كل صوت منحها و كل يوم صفق لها و دعمها .
كما البنت اذا عقّت و ارتمت فقدت عقلها و اصلها و انغمست و سحب الله نوره منها و سلطت على ابيها خليلها يصرف شؤونه و شأنها ، و اذاقته ويلات الندم على ايام تربيتها و عزّها .
و لذلك فالآباء المربون و ان كانوا حانين محبين يتابعون الخطأ من اوله و الشرر من اصغره ، فان زلت البنت قوموها ثم ان كررت عاقبوها و لم يتركوا الامر سائبا لتنفلت ثم تستهتر ثم ترتمي ثم ياتي الغريب المنحرف (على الحصان الابيض) فيخطف عقلها و يملك قيادها و يطعن بها اهلها الذين ربوها و اعزوها .
و كذا فالشعوب الحية تحاسب حكوماتها من اول زلة و اصغر خطأ و بنفس الشدة و الغضب دون تهاون لئلّا ياتي اليوم الذي يصبح فيه الرتق فتقا و الذنب ربقا و القطة نمرا لا قبل له بوقفه او صده .
و هكذا فاننا نرى في بلادهم مظاهرة عارمة ضد قطع شجرة قديمة في ساحة عامة رغم ان هدف الحكومة تطوير الساحة و اعمارها ، و لكن الجماهير تفترش الاسفلت حتى الصباح كل يوم و يصبح الامر جدلا شعبيا و الصحف تكتب و المدارس تتوقف لساعة كل يوم تضامنا و الطرق القريبة مغلقة و يتدخل الرئيس الذي تلومه الصحفية التلفزيونية فيقول لها : (ماذا افعل ، كوني مكاني) !
بينما نتظاهر نحن اليوم – لا بل نهمس احدنا للاخر و ليس “نتظاهر”- أن (هل تظن ان الحكومة ستعطينا معاش هذا الشهر ؟ ام ياترى ستعترض ايران ؟)
لاننا سكتنا عن الكهرباء و الاعمار و المترو و الغاز و الفساد و و ، فوصلنا الى استجداء معاشنا من بنتنا التي خطفها عشيقها .
ذوقوا مافرّطتم و انتظروا عواقب ماستفرطون .
————
ملحوظة : حصلت هذه الاحتجاجات في تركيا ، و يحصل مثلها في كل بلد اوربي محترم كل حين.
Source : https://iraqaloroba.com/?p=5361