الربط الكهربائي ــ إعلان ولا تطبيق !
الربط الكهربائي ــ إعلان ولا تطبيق !
تعود فكرة الربط الكهربائي على مستوى شبكات الأقطار العربية إلى خمسينيات القرن الماضي، عندما جرى ربط الشبكة الكهربائية الجزائرية مع مثيلتها التونسية، في المغرب العربي.
يعد تنفيذ مشاريع الربط الكهربائي بين الدول والنتائج الإيجابية الكثيرة التي تتبعه من الاستثمارات الموظفة (ملموسة النتائج) لصالح الجوانب الفنية والتجارية المختلفة، وقد سعت البلدان إلى وضع خطط واضحة من أجل تحقيق شروط النجاح لمشروعات الربط الكهربائي مع الشبكات الأخرى وتطوير القائم منها .
منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي شرعت مؤسسة الكهرباء العراقية بتنفيذ مشروع الربط الثنائي مع تركيًا بوساطة خط ناقل يربط محطة زاخو الثانوية الواقعة في شمال العراق (المحطة القريبة من الحدود التركية داخل الاراضي العراقية)، إذ عُدّ ذلك المشروع ضمن خطة الربط الكهربائي الخماسي، آنذاك، وتم تشغيله تجريبياً بنجاح، وتشير المعلومات إلى أن الخط المشيد لا زال يعمل بتزويد العراق بجزء من الطاقة الكهربائية تصدر له من تركيا.
بالرغم من الظروف الاستثنائية التي كان فيها العراق بفعل الحرب الإيرانية العراقية وما تبعها من عدوان عسكري أميركي (مستمر) واسع النطاق وما تلاه من إجراءات الحصار الاقتصادي الظالم الذي ألقى بتبعاته القاسية على مختلف جوانب الحياة إلا أن المؤسسات العراقية لم تدخر جهدًا متاحاً من أجل تخفيف ما يمكن من نتائج هذا الحصار.
منذ انطلاق فكرة الربط الخماسي (العراق، تركيا، الأردن، مصر، سوريا) وإلى أن تطورت هذه الفكرة وتوسعت ليصبح الربط الكهربائي ثمانياً، بعد ضم لبنان وفلسطين وليبيا إلى الاتفاقية الخاصة بالمشروع، حرص المعنيون في قطاع الكهرباء على الحضور الفاعل في الاجتماعات والمناسبات الخاصة بها كافة حيث أسهم في العديد من الدراسات التي تخص الجوانب التنظيمية والتنفيذية لها والمشاركة في افتتاح بعضها وتدشينه.
لم تقتصر محاولات العراق في مواكبة العمل لمشاريع الربط على هذا النحو فقط، بل تعدته إلى شروع الملاكات الفنية في هيئة الكهرباء بالتنسيق مع وزارة الكهرباء السورية بتنفيذ مشروع الربط الثنائي مع سوريا في العام ٢٠٠١، بعد تنفيذ الخط الرابط بين الشبكة السورية ومحطة تل أبو ظاهر الثانوية قرب الحدود المشتركة داخل الأراضي العراقية في محافظة نينوى.
مما تجدر الاشارة إليه أن هذا الإنجاز أحيط بما يمكن من سرية تحسبا لما قد تعدّه لجنة العقوبات الدولية (٦٦١) سيئة الصيت خرقًا لإجراءات الحصار المفروض على العراق، حينها، وما ينتج عن ذلك من قرارات قد تعرض المشروع للإجهاض.
قبل الاحتلال البغيض ولحد سنة ٢٠٠٣ وضع الجانب العراقي أسساً واضحة تحكم شروط التعامل مع هذه المشاريع في مقدمتها ضمان إمكانية تبادل سريان الطاقة (تصدير واستيراد) وعدم الاقتصار على ما هو متاح في شبكة الربط على الاستيراد فقط، كما اشترط على الأطراف الموقعة على اتفاقيات الربط عدم إشراك أي دولة بالمشروع من دون موافقة ممثلي جميع الدول المشاركة، وعلى وفق هذه الأسس كان العراق قد رفض في العام ٢٠٠٢ عرضاً إيرانياً لتجهيز العراق بجزء من حاجته الماسة للطاقة الكهربائية بالرغم مما كان يعانيه من نقص واضح في إنتاجها نتيجة لتبعات الحصار الاقتصادي .
تم الإعلان، مؤخراً، عن البدء بتنفيذ العديد من مشاريع الربط مع المنظومة الكهربائية العراقية، كما تم عرض نسب مئوية لأخرى قيد الانجاز، كمشروع الربط مع تركيا والأردن ومصر (عبر الأردن) بالإضافة إلى الربط مع السعودية لتضاف إلى المشاريع القائمة حالياً (خطوط النقل الأربعة مع إيران)، فهل سيكون تشغيل هذه المشاريع، بعد إنجازها، على وفق ما يتبع، الآن، من شروط فنية وتجارية في مشروع الربط الكهربائي (المناطقي) مع إيران؟ أم ستخضع إلى أسس وطنية تضمن حقوق العراقيين بعيدا عما فرضه الجانب الإيراني من شروط (ابتزاز وإذعان) مختلفة في الاتفاقية الموقعة معه والتي تمثل جانباً| واضحاً للسياسة الاقتصادية الايرانية المتمثلة بإفقار الجار لتأمين مصالحه على حساب العراق المحتل في ظل غياب بوصلة الارادة الوطنية المستقلة؟
المصدر : https://iraqaloroba.com/?p=11773