السيناريوهات المتوقعة في المنطقة
السيناريوهات المتوقعة في المنطقة
في معرض محاولاتي إيجاد تفسيرات منطقية لما يحدث في منطقتنا… وقع بيدي محضر موثق لأحد اجتماعات لجان الاستماع لمجلس النواب في أميركا في عام 2008 ،وخلاصة ما خرجت به من استقراء عميق لكل النقاشات وما طرح من آراء للخبراء والمتخصصين في المجالات الستراتيجية المختلفة أن الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب لم ينطلقوا في احتلالهم لأفغانستان والعراق من أهداف بناء الدولة أو لنشر الديمقراطية كما زعموا ولم يكن ليهمهم مصالح الشعبين العربي أو الأفغاني، بل وحتى عملاءهم والخونة الذين ساروا في ركابهم ، وغيرهم من المغفلين الذين تم تحريضهم على القتال دفاعا عن الاحتلال الأمريكي الغربي لأفغانستان، لم ينظر إليهم إلا كأدوات ميكانيكية تنفيذية ما يلبثوا أن يتركوا كمخلفات حرب تنال نصيبها من الذل والهوان واللعنة ،وهذا ما حدث عندما حاولوا إيهام حكومة كرزاي ومابعدها وعملائهم في حكومات بغداد بأن سيكون لهم حظ في البقاء وأنهم سيحولون مدن العراق وأفغانستان إلى لوس أنجلوس .
أذن فالأهداف الحقيقية للاحتلال استندت على رغبة وقناعة في آن معا لإعادة صياغة الصيرورة الاجتماعية والفكرية والأخلاقية للبلدان المحتلة بما يمنعها من بلوغ أيا من أهداف النمو والنهوض وترسخ لديها كل عوامل الضعف والفتن لضمان قصورها في تنفيذ أي دور وطني أو إقليمي ، وفضلا عن هذا كله ، تبقى المصالح الاقتصادية الحيوية تشكل قواما رئيسيا من أهداف الاحتلال. أن نتاج الاحتلال للبلدين أثبت حقيقة أن الاستعمار الامريكي والبريطاني والفرنسي وغيرهم لا يجيدون غير افعال الدمار والخراب والقتل ونشر الفوضى والفساد والتخلف بكل عناوينه، فالمحتل يبرع في الإعمار في بلاده ويتقن التدمير في مستعمراته وهذا ما يحرص عليه بشدة.
لذلك نتوقع ان تشهد الاسابيع وربما الاشهر القادمة متغيرات ليست داخل أفغانستان بل في كل اجزاء مختلفة من المنطقة ولا نستبعد حدوث مفاجئات قد تطيح او تغير او تعيد انتاج بعض الانظمة أو سياساتها في الشرق الاوسط وتحديدا بعد ان اقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على تنفيذ اضافات اخرى في سيناريوهات خططها للمنطقة الملتهبة؟؟؟
الضرورات تبيح المحظورات
اغلب الظن ، ستقوم امريكا اليوم وغدا مضطرة الى الابتعاد عن شعوبنا وان تكف شرها عنهم، وربما هي بحاجة لأن تتعظ وتكتفي بما أزهقته من أرواح الأمريكيين ومن حلفائها في الناتو في حروب تدميرية. فقد خسروا في العراق وحده عشرات الآلاف من جنودهم، ومئات آلاف الجرحى والمعوقين بدنيا وعقليا، عدا التريليونات من الدولارات التي كان يمكن أن توظف لتحسين أوضاع المواطنين والبنى التحتية المتداعية داخل المدن الامريكية ، ناهيك عن سرقة بعض المسؤولين الأمريكيين لمئات المليارات من اموال وخيرات شعوبنا ،خصوصا وأن ما اشتملت عليه أسباب الحرب إضافة الى ما تم ذكره آنفا هو تبييض الأموال والربح من تجارة المخدرات وتنشيط شركات انتاج السلاح والادوية في العالم وووو ،وكل ذلك كان بدعاوى مزيفة ومبررات كاذبة تم ترويجها لاحتلال الشعوب بصيغة انتقائية مثل مسرحية أحداث سبتمبر والصاقها بأفغانستان ،وأكاذيب ربط العراق بالقاعدة و الزعم بامتلاكه الأسلحة النووية والبيولوجية ، مع ملاحظة ان امريكا وكل حلفائها يقفون متفرجين امام صنيعتهم دولة الملالي في طهران التي أعلنتها جهارا ومرارا انها انتجت او ستنتج السلاح النووي وغيره.
ومثال على فشل الاحتلالات الامريكية نشير إلى الدور السلبي الكارثي للحاكم المدني بريمر الذي تسلم أموال العراق المجمدّة، وهي بمليارات الدولارات، وأخذ يوزعها، بمئات الملايين، دون أيّ سجل أو متابعة، على من عيّنهم لإدارة الوزارات أثناء فترة إدارته لسلطة الإحتلال في العراق. ومن هنا بدأت بذور الفساد تورق وتتكاثر حتى عمّت كل مفصلٍ من مفاصل الدولة، حيث تبقى المشاريع مجرد مخطّطاتٍ على الورق، في حين تتسرب الأموال المخصّصة لها إلى المسؤولين وعوائلهم وأصدقائهم. وكان من نتيجة ذلك، حرمان المواطنين من أبسط حقوقهم في الصحة والتعليم والماء الصالح للشرب والطاقة الكهربائية والوقود والرعاية الإجتماعية وكل الخدمات الحياتية الأساسية.
Source : https://iraqaloroba.com/?p=10752