المغرب للجزائريين حبيب / 65
المغرب للجزائريين حبيب / 65
على رِسْلِكَ إذ سُرْعَتكَ مُقلِقة ، المسافة لن تُؤخِّرَ أو تُقَدِّمَ المكتوب ولو لدقيقة ، قطعها مختوم بأي طريقة ، فالأفضل الترَيُّث عساكَ تنجَى من حريقة ، ما كانت على بالكَ في الحقيقة ، لكنه تصرُّف مِن مجهولٍ مكلّف بمهمة خانِقة ، أن يصيبَ الهدفُ أو يجزّ به للرّقص دون موسيقى ، فذاك الجهاز لا يرضَى عن عناصر بمثل العمل المعطّل للمُخفِقَة . تمَهّل ما استطعت فكل شيء يبدأ على خفيفٍ حتى أشدَّ عاصفة ، وانظر خلفكَ تارة لتتيقَّن أنكَ تقدَّمت بالموافقة ، مع الحاجة والوِجْهَة بالتعقُّل في ضبط خاتمتها المُسْبقََة ، إذ ليس التجوال للترويح عن النَّفس خلال عطلة مُسْتَحَقة ، مثلكَ أبعد ما يكون عن مثل التَّرف ما دمتََ ماسكاً بمطرَقة ، متى سَجَا المساء يٌسمع ضرباتها فوق رؤوس المَرٍقَة ، من حُكَّام الجزائر الثورة الشعبية الثانية هناك لم تعد لهم طائقة ، تتمنَّى لو كنتَ وسطها في “مسْتْغَانِم” أو “عنابه” أو “قَسَنْطِنَة” أو “سْطِيفْ” لترَى رُواد التِقاط برامِجكَ المُوَفّقة رغم المخاطر وما أكثرها بهم مُحدِقة ، مِن مخابرات عاد بعض قاداتها للحَضَانة بظهور “عمي صالح الجزائري” يُصحِّح فيما يذيعه من المغرب أخطاء تقاريرهم المُمزَّقَة ، لعدم صلاحيتها وما جاء فيها من معلومات للصواب والمنطق غير مُطابِقَة . بلغتَ ذروة الكفاح ووصلتَ لأعلَى نجاح وكسبتَ إرادتكَ الحرَّة كصديقة، فتوقَّف لترى ما قد يريحك ولو لأسابيع لاحقة، لتستقرَّ على اختيار هنا أو هناك لتكون على حالك مُشفِق .
… دخلتُ بيتي فوجدتُهم ثلاثة “التطوانية” ووالديْها وقفوا للتَّرحيب بي في قلب بيتي وكأنني أراهم لأول مرة ، وفي المقدّمة الرجل المتكبّر المتغطرس الذي لم يُدرك بعد أن الدنيا آخرتها الآخرة ، ومَن فوقها مخلوقات توحّد بينهم المَنُون الآدميون كل منهم مصيره في حُفرة ، فسبحان الخالق مدبِّر الأكوان بكلمة “كُنْ” طائعة منفِّذة أَمْرَه في حقّ الأكبر من الكبير عبرَ السماوات والأرض أو نواة أصغر ثَمَرة . سألني عن مراكش وأحمد عصمان والرباط لكن “التطوانية” أنقذتني من الإجابة بإحضارها دجاجة مُحمّرة ، شاعرة بجوعي كأمّ بولدها بَرّة . المسألة حسبتُها لم تُحسََم بعد لصالحي إن لم تكن مجرّد أبسط مُؤامرة ، أولها هذا الحضور الثلاثي لخطّة مُدبَّرة ، ساعدني على فهم خيوطها هدوء غير عادي وأجواء مرشحة مع مرور الوقت للسيطرة ، إذ لا يُعقل أن يبَدِّل هذا الرجل المُعَقَّد موقفه مني ليبدو بتصرفات مُغايرة ، إن لم يكن من ورائه قصد رهيب يدفعه لإقناعي بأي وسيلة تكون مُختصرة ، مادام الإغراء المادّي لم ينفع معي لإرغامي على المغادرة ، ثمة سر وواجب أن أحوِّل مضامينه مُعْلَنَة بابتكارات من تجاربي السابقة مختارة ، الصيّاد تارة لا يدري حجم مَن يصطاد ما دام يغطّي بالطُّعم نفس الصنارة ، ومتَى طفت على سطح يمّ ما حسبها مصيبة لم يألف منظرها في موضعه انهار ، حتى إذا عاد لرشده كره الصيد مُبعداَ نفسه ليس عن البحر بل أيضاً عن البحّارة . فلنبدأ في اللّعبة عسى مِنَّا أحد يفشل في التّخفيف عن جسده تلك الحَرارة ، الشاعر بها ساعة اكتشاف ما يُخفي ليصبحَ عِبْرة ، فيلعن حتى الرّبح الذي طمعَ فيه ِمنْ مِثْلِ التّجارة ، ويفضل لو مُنِيَ بأفدحِِ خَسارة، على أن يُصبحَ مَسْخَرَةَ المَسْخَرة ، حالما وَضَعَ نفسه أداة طيّعَة في أيادي أشرار مُسَخّرة ، سألته ونحن نشرب الشاي الممزوج بالشِّيح اليابسِ المسحوق التي تعلّمت ابنته تحضيره من الآنسة (ث) حينما زارتها من ورائي مؤخراً. :
– متى تنوي السفر إلى اسبانيا لمباشرة معاملاتك التجارية هناك ؟.
– من الغد لو اتفقنا (أجابني بسرعة فائقة).
– تتَّفق مع مَن ؟ ، لا تقل معي لأنني لا ولن أتفق معكَ إلا إن صارحتني بالحقيقة التي حاولت إخفاءها عنّّي طوال مدة محسوب منها ما قضيته في تطوان مع الزوجة الثانية الجزائرية الجنسية التي طلّقتها لرفضها الرضوخ لطلبك .
– دخلتََ فيما لا يعنيك ، ثم كيف علِمت بمثل الأمور؟ .
– يعنيني ما دمتَ مُصِراً أن أرافقكَ وبشروط ابتدعتَها لتُظهِرَ أنَّك غير موافق لولا ضغوطات ابنتكَ التّي جعلتَها شريكة أساسية في اللعبة دون أن تدري شيئاً ، مستغلاً حبّها الحقيقي وتعلّقها الصادق بشخصي .
– يكفي لقد تجاوزتَ حدودكَ ، انك لا تدري شيئاً ، لكنني السبب حينما أردتُ الانتقام منك بأي شكل حتى أثأر منك وأحطّم كبرياءك كما حطّمت كبريائي وجعلتني أمام نفسي لا أساوي شيئا بل مرّغتَ شرفي في الوحل .
– أن تنتقم مني هذا صحيح ، لكن لسبب آخر اعتقدتََ أنني لا أعرفه ، لقد فشلتَ أيها العجوز في تقمُّصِ دوركَ لأنّك ممثل فاشل فوق خشبة لا صلة لأبي الفنون بها ، لأداء مسرحية مؤلفها الجشع ، وديكوراتها مبالغ مهرّبة ، وشراء ذمم ، ومقايضة مصالح بأخرى مع جزائريين استغلوا إقامتك في وجدة ليجعلوا منك محطَّة تحميهم ممّا هم معرضون إليه حتى هذه اللحظة ، التي لن تستطيع فيها حتى حماية نفسك.
– مَن أخْبركََ بمثل التفاصيل التي لا اعرف بعضها حتى أنا ؟؟؟.
– أخبرتني مَن تحبُّني حُباً ما عرفتُ مثله أبداً، ولن أسامح نفسي لو فرَّطتُ في عظمته يوماً من الأيام ، لم تكتف بإخباري وحسب بل شاركت بدور في تلك المسرحية لتطَّلع على نصِّها بالكامل وعدد وأسماء ممثليها وفصولها الثلاثة . أنتَ جاحد للمعروف لم تقدّر النعمة التّي غرَفْتَ من خيراتها لسنوات ، وبدلَ أن تقنعَ طمعتَ في المزيد ، لتحطّم قلب هذه المرأة الطيبة المسكينة ، التي لم تشاهد يوماً واحداً من السعادة منذ أن تجوَّزتكَ ، لقد بادلتكَ الإخلاص والوفاء فأظهرتَ لها حقدكَ المسلَّط على الفقراء النّكساء ، وكنتَ أحدهم يوماً ما لولا المُتاجرة فيما أتقنتَ مداخل ومخارج أسرارها لتحصد الملايين ، مُُظْهِراً أنّكَ أحد الأعيان المقرّبين من هذا الوجيه أو ذاك المسؤول ، وأنت تعلم أن هؤلاء لا يشرّفهم حتى سماع اسمكَ ، وبالتالي تريد أن تبيع مصطفى منيغ للجزائريين شركائك لتعدم خفقان قلب وحيدتك لإنسان اختارته لنفسها بَعْلَ المستقبل ، وهي لا زالت بضفيرتي تلميذة ، وهو لا يجد حتى ثمنَ الدفتر المفروض أن يسطّر فوق صفحاته دروس آخر فصل في التعليم الثانوي ليواجه امتحان الباكلوريا .
(يتبع).
المصدر : https://iraqaloroba.com/?p=9952