تفجيرات بغداد والموت المجّاني…!
تفجيرات بغداد والموت المجّاني…!
المشهد ذاته يتكرر والسيناريو ذاته يتكرر وكأنما العراقيون، لم يعد لهم أن يستيقظوا من حلم أليم، حلم أدمى قلوبهم وأبكى عيونهم وروى تراب أرضهم بدماء الشهداء الطاهرة إلى حد الكفاية ويزيد. تفجيرين انتحاريين بسوق شعبي مكتظ في ساحة الطيران، هز الخميس الماضي العاصمة العراقية بغداد وأسفر عن سقوط 32 قتيلا و110 جرحى، جميعهم من المدنيين، وقد تبنى تنظيم داعش العمل الإرهابي، ليؤكد التنظيم، إجرامه ووحشيته وتستره بالدين الإسلامي السمح وهو منه براء ومدى تورطه بتنفيذ الأجندات الأجنبية التي تهدف إلى تدمير دول المنطقة تمهيداً لإخضاع شعوبها للهيمنة الاستعمارية.
وبعيدا عن التحليلات المصحوبة بالتشنج واستقدام عدو جاهز من الذاكرة لكي نستريح من عبء المواجهة والتفكير في أساليب جديدة تواكب تطور إمكانيات العناصر الإرهابية التي تفوق كثيرا أفكار من يتصدرون الفضائيات، ويطلقون على أنفسهم محللين عسكريين أو استراتيجيين يجمعهم مقدمي برامج (توك شو) لا تحمل أدمغتهم إلا التضليل أكثر ما تحمل من رؤية إيجابية للأحداث المرعبة، وهذا ما تابعناه خلال التفجيرين الانتحاريين الذي شهدهما العراق.
فهذه الجريمة تأتي استكمالا للجرائم السابقة التي ترتكبها عصابات تنظيم “داعش” الإرهابي على الأراضي العراقية، وتستهدف فيها كل فئات الشعب العراقي وبخاصة الأبرياء العزّل.والأكيد أنّ رسالة التفجيرين الإرهابيين ببغداد، أسهبت باسترجاع تفاصيل داعش والتفجيرات، لتصل الرسالة إلى بايدن قبل المنطقة بأن (التصعيد وإعادة الأدوات) هو عنوان المرحلة بخاصة أن التفجيرات الإرهابية في العراق كادت أن تغيب عن المشهد لكن المطالبة بخروج القوات الأميركية استوجبت عودة فزاعة داعش …فالإرهاب يصنع ويصدر إلى العراق من محتلين غاصبين ومتآمرين بالوراثة وعملاء بالوكالة، يكملون مسيرة أسلافهم وأجدادهم في الإرهاب والإجرام وبيع أنفسهم للشيطان.
ونتساءل بهدوء: كيف لدواعش التفجيرات الإرهابية في بغداد، أن يبرروا قتل الناس أمام الله… كيف للأنظمة التي تدعم هؤلاء القتلة بالأموال والسلاح والمتفجرات تبرير ما حدث بسوق شعبي، أو في أي مدينة عراقية. أيحدث هذا القتل بإسم الدين، أم بأوامر الأسياد في واشنطن وتل أبيب…؟! إن مشاهد الدم التي قدمتها التفجيرات في سوقي البالة والعسكري وسط العاصمة العراقية، تفضح القتلة والداعمين لهم، وتؤكد أن هؤلاء ليسوا مسلمين، وليس في قلوبهم ذرة من إيمان، أو من عروبة، وإنسانية، وحوش تستهدف الدم العراقي. فهذه التفجيرات، آخر ابتكارات القتل الماسونية الصهيونية التي تنهض على فلسفة تدمير الأوطان وقتل الشعوب، لأن أفعال القتل وتمزيق الأوطان والشعوب كما يجري في العراق، تندرج تحت خاصية الانتماء إلى الشيطان التي تشكل الماسونية أهم مرتكزاتها الإيديولوجية.
إن هذا التدمير في الأرواح والدماء والممتلكات وفوضى القيم، ومحاولات تهديم العروبة وقيم القومية، ومواجهة يقظة التاريخ في العراق، والصراعات الثقافية التي ترسمها مراكز الأبحاث الغربية، والقوى الظلامية في العالم العربي، تفاصيل في المخطط الذي رسمته الصهيونية، وتبنته أمريكا والغرب، ويرعاه بعض الماسونيين العرب. إن ما يجري حرب قائمة على العروبة والإسلام باسم الإسلام، وهي حرب مشتعلة منذ عقود. يقول ”كيسنجر” لصحيفة ”ديلي سكيب” الأميركية: إن طبول الحرب تدق الآن في الشرق الأوسط… سنبني مجتمعاً عالمياً جديداً لن يكون إلا لقوة واحدة، وحكومة واحدة ”السوبر باور” إذا سارت الأمور كما ينبغي سيكون نصف الشرق الأوسط لـ ”إسرائيل”.
وكل هذا يثبت بأن هذه القوى وعلى رأسها أمريكا وبعض دول الرجعية العربية، مصممة على تقسيم العراق إلى طوائف، لتحقيق أمن وسلام إسرائيل، ولتوجيه الأنظار عن العدو الحقيقي للعرب وتغيير ماهية الصراع مع العدو الإسرائيلي، ومحاولة اختراع عدو آخر، وتجاهل كل ما يحدث في فلسطين المحتلة من تعديات وتهويد لكل المقدسات الإسلامية والمسيحية، وإظهار ديمقراطية إسرائيل المزعومة، وهي تعلم بأن الإسرائيليين سفاحون وجبابرة حين يتعلق الأمر بالفلسطينيين والعرب. وهذه القوى هي من دعمت إسرائيل مادياً ومعنوياً في زرع المستوطنات في الضفة الغربية ولو حاول الفلسطينيون اليوم أن يقيموا دولة فلسطينية لهم على أرض الضفة لكانت مدناً متفرقة بين تلك المستوطنات تحت سلطة إسرائيلية مركزية.
والحقيقة الثابتة عندنا، أنّ أعمال العنف في العراق بدأت منذ اليوم الأول للاحتلال الأميركي-البريطاني لهذا البلد العظيم، ومازالت مستمرة حتى الآن بل تطور العمل الإرهابي الجبان من قبل تنظيم داعش الإرهابي، الذي أعلن مراراً مسؤوليته عن الإرهاب والجرائم والمجازر التي ترتكب بحق المدنيين الآمنين ما يعني أن الاحتلال الانغلوـ أميركي قد زرع عصابات إجرامية ينفذ من خلالها أجندته العدوانية ومخططاته الاستعمارية التي كانت هدفا لغزو العراق لاسيما تدمير بنيته وخلق الفتن المذهبية واستنزاف طاقات الجيش العراقي.
إن ازدياد حدة العنف في العراق وبهذا التوقيت، يؤكد أن العراق ضمن دائرة الاستهداف لإبقائه تحت الوصاية الأمريكية أو جزءاً من مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يحقق أمن الكيان الصهيوني على حساب مصالح وأمن واستقرار شعوب المنطقة، وهذا يقودنا إلى القول أن الإرهاب الذي تدعمه الولايات المتحدة الأميركية بشكل مباشر أو عن طريق عملائها، يشكل رافعة للمشروع الأمريكي في المنطقة.
قبل الختام، لابد أن نؤكد أن التفجيرين الإرهابيين الانتحاريين اللذين وقعا وسط العاصمة العراقية بغداد وراح ضحيتهما عشرات القتلى والجرحى، يضاف إلى لائحة طويلة من لوائح الإرهاب الممتدة، وأنّ مسلسل العنف والتفجيرات الإرهابية وإراقة الدم العراقي مستمر ما دامت المجموعات الإرهابية المسلحة وداعميها ومموليها يرون في الشعب العراقي “عدواً لهم يجب معاقبته” بخاصة في المدن العراقية التي لفظتهم منذ البداية ولم توفر لهم بيئة حاضنة لممارساتهم الإجرامية التي تبدأ بالدمار والتخريب وتنتهي بالقتل والتنكيل والقيام بعمليات التفجير الدموية التي تستهدف المواطنين المدنيين في الشوارع والمنازل والعمل، والارهابيون لا يرون حرجاً في كل ذلك ما دام يندرج تحت شعار “المحاسبة” لأهالي تلك المدن لعدم مساندتهم ودعمهم لأعمال تلك المجموعات، فحسب منطق حاملي السلاح ومموليهم إما أن تكون معنا وإما أن تكون عدونا المهدر دمه على كل الأحوال. وعليه، فإنه لم يعد خافياً على أحد أن التنظيمات الإرهابية تلجأ إلى التفجيرات الدموية تعبيراً عن خسارتها ويأسها من تحقيق أي مكاسب لها على أرض الواقع الذي لا يسير كما تشتهي وتخطط، وهذا ما يدفع هذه التنظيمات إلى تفريغ حقدها وفشلها المذكور من خلال استخدام ما تعتبره سلاحها الخاص وهو الإرهاب الأعمى ضد الأبرياء العزّل.
خلاصة الكلام: على الرغم من الأسى والألم على كل من ارتقى من الشهداء وسط العاصمة العراقية بغداد، فالشعب العراقي أقوى من أي يوم مضى، والإرهاب وداعموه أضعف من أي يوم مضى، والمؤكد أنّ الدم العراقي لن يبق مزاداً للصراع ولا ملعباً تتقاذف الكرات فيه قوى الإرهاب وداعميه ومموليه. فالتاريخ لا يرحم أحداً من هؤلاء الخونة المتحالفين مع الصهاينة وأمريكا، الرحمة لشهداء العراق الأبطال الذين قدموا صدورهم متاريس فداء دفاعاً عن الأرض والعرض والوطن والعروبة.
Source : https://iraqaloroba.com/?p=5117