صدق الانتماء للوطن ليس الا !!!
صدق الانتماء للوطن ليس الا !!!
قبل بضعة اعوام وتحديداً في عام 2011 كان لي شرف المشاركة في محاضرة لجامعة خاصة بمدينة تايجو ، والتي تقتصر الدراسة فيها على المهندسين العاملين في مجموعة الشركات العملاقة المتخصصة بصناعة القوالب والمكائن ، لغرض تحديث معلوماتهم واطلاعهم على كل ما هو جديد ، وما لم يسبق لهم تنفيذ ما يشابهه ، ولقد كنت اعمل في حينها على تصميم قوالب لانتاج اجراء تركيبة لمعدات هندسية Die Casting molds ، حيث انها توصف بالمعقدة لاحتوائها على 16 سلايد Slides متداخلة ، لذا فان تنفيذها يعتبر انجاز صناعي متقدم ، بالاضافة الى حجمها الذي يبلغ 2.5m وكذلك دقتها العالية ..
وخلال فترة تواجدي هناك لعدة مرات بحكم العمل ، تكونت لدي علاقات متميزة مع عدد من الاشخاص المرموقين ، وصلت الى اعلى سلطة في المقاطعة والمتمثلة بحاكم المنطقة ، الذي يتمتع بشخصية جديرة بالاحترام والتقدير ، ولقد تم التعارف بيننا عن طريق مسؤولة الشؤون الادارية التي تتحدث الانكليزية بطلاقة ، وقد قام مشكوراً بدعوتي لزيارة منزله لتناول طعام العشاء كونها الوجبة المفضلة لديهم ، كعربون محبة وعرفاناً بالجميل كوني اجنبي ، ابذل ما في وسعي لتطوير قدرات الكوادر الهندسية ، ومن باب تقييمهم وتكريمهم للعلم والعلماء ، لهذا كان علي واجب تلبية الدعوة الكريمة ، ومن خلالها تبادلنا اطراف الحديث عن التطور العمراني والخدمي المذهل للمدينة ، ومستوى الخدمات الرائعة المقدمة للمواطنيين ..
ومن هنا تبادر الى ذهني سؤال مهم حول الميزانية العامة للمقاطعة قياساً بعدد السكان ، والتي اتوقع ان تكون كبيرة الى حداً ما ، لتتناسب مع حجم البناء المذهل ، ومعرفة نسبتها من كامل الميزانية العامة للدولة التي يبلغ عدد نفوسها قرابة مليار ونصف المليار نسمة ..
لقد اصابني الذهول حين علمت ان عدد سكان المقاطعة التي توصف بالصغيرة نسبياً ، يبلغ حوالي الاربعون مليون نسمة ، وهذا العدد قريب جداً من عدد نفوس العراق ، وان حصتها من الميزانية السنوية العامة للدولة لا تتجاوز 5 مليار دولار ، عندها دهشت فعلاً واصابني الاحباط ، وقلت في قرارت نفسي اين تذهب اموال العراق ، التي تعادل عشرون ضعفاً او اكثر ، ولم نلمس ما نسبته 1% منما تشهده هذه المقاطعة من تطور وعمران وخدمات عامة في كافة المجالات ؟؟
ان السبب في ذلك لا يعود الى ذكاء القائمين على السلطة هنالك ، كما انه لا يعود الى انتمائهم الى حزب او دين او مذهب او قائد او مرجعية ، بل يعود الى الامانة والاخلاص في العمل واحترام الوقت ، والاعتماد على المبدعين والكفؤيين من الذين لديهم صدق الانتماء للوطن ليس الا !!!
لهذا نقول : ان البلد الذي يتزعمه اللصوص والعملاء ، ممن يتخذون من الدين والمذهب غطاءً للتستر على جرائمهم ، لن يكتب له التقدم ، بل ان مصيره الدمار والضياع .. نقطة راس سطر …
Source : https://iraqaloroba.com/?p=4138