لله يا محسنين شعار الانتخابات المرتقبة في العراق

عراق العروبة
مقالات وآراء
5 أكتوبر 2021
لله يا محسنين شعار الانتخابات المرتقبة في العراق

لله يا محسنين شعار الانتخابات المرتقبة في العراق

عراق العروبة

عوني القلمجي

لله يا محسنين شعار الانتخابات المرتقبة في العراق

على الرغم من كل الجهود، التي بذلتها الأحزاب والكتل الحاكمة في العراق، والتي وصلت حد تسول أصوات الناخبين، واستدراجهم بمختلف الطرق، ترغيبا وترهيبا، إلى صناديق الاقتراع على طريقة لله يا محسنين، من قبل نمط من المتسولين خناجرهم بأحزمتهم” مجدي وخنجره بحزامه”، أقول على الرغم من كل الجهود فشلت هذه الأحزاب والكتل في تشجيع العراقيين على المشاركة في الانتخابات. بل وصل هذا الفشل الى اتباع الأحزاب المنضوية تحت خيمة عملية المحتل السياسية، بعد أن أدركوا عدم جدوى هذه الانتخابات. مثلما فشلت مجاميع المرتزقة، من سياسيين وكتاب ومثقفين وأقلام مأجورة، في الترويج للانتخابات، تحت ذريعة عدم فسح المجال أمام السيئين للفوز واختيار الوطنيين المخلصين بدلا عنهم. يضاف إلى ذلك فشلهم في تجميل وجه الانتخابات بمساحيق متنوعة، من قبيل إيهام العراقيين بمميزات الانتخابات واختلافها عن سابقاتها، وتضخيم التعديلات التي أجريت على قانونها ومفوضيتها، أو القبول بالإشراف الدولي عليها، وإدخال أنظمة جديدة ومتطورة لمنع التزوير او التلاعب بالنتائج إلى اخر هذه الأكاذيب. 

أما أمريكا التي تعتبر فشل الانتخابات بمثابة هدم لأهم آليات العملية السياسية، التي تحمي مشروع الاحتلالين، فقد استخدمت نفوذها لدفع الأمم المتحدة باتجاه تزويق وجه الانتخابات القبيح، عبر ممثلتها في بغداد المدعوة جينين بلا سخارت، ومن جهة أخرى، طلبت أمريكا من الدول الإقليمية المرتبطة بها، وعلى وجه الخصوص الإمارات الخليجية، توظيف ما يكفي من الأموال للتأثير على بعض القوى والأحزاب والشخصيات المحسوبة على المعسكر الوطني، بهدف دفعها الى الاشتراك في الانتخابات والترويج لها. كما فعلت قبيل الانتخابات الأولى التي جرت في 15/ 12 / 2005، من خلال عقد اجتماع لهذه القوى مع أحزاب الحكومة، تحت رعاية الجامعة العربية، وبحضور رئيس النظام المصري الأسبق حسني مبارك، والذي انتهى بإصدار بيان ختامي، دعا في بنده الثامن وبالحرف الواحد، الى “احترام موقف جميع اطياف الشعب العراقي وعدم إعاقة العملية السياسية والمشاركة الواسعة في الانتخابات المقبلة والاحتكام الى صناديق الاقتراع واحترام رأي الشعب العراقي في اختيار ممثليه”. 

هذا الفشل الذريع دفع هؤلاء الأشرار، الى استحضار أساليب جديدة غير وسائل الترغيب والترهيب المعروفة او البدائية. وما يمكن ذكره في هذا الخصوص من حقائق ووقائع يدعو الى التأمل والتفكير. فعلى سبيل المثال، أوقف هؤلاء الأشرار صراعاتهم وتقديم تنازلات فيما بينهم تخص تقاسم السلطة والغنائم. وكذلك تسابقوا في إظهار حبهم لثوار تشرين، الذين بطشوا بهم وسفكوا دمهم بالأمس القريب، واعتبروا الانتخابات المبكرة تلبية لمطالبهم. بل ذهبوا ابعد من ذلك وادعوا بان ثوار تشرين أنفسهم سيشاركون بالانتخابات. أما مقتدى الصدر الذي شعر بخيبة أمل تجاه هذا الأمر، فقد أطلق تغريدة عجيبة تطالب كل عضو في التيار الصدري، التعهد بإقناع واصطحاب عشرة من خارج التيار للاشتراك بالانتخابات. في حين أعلنت المفوضية العليا للانتخابات، مكافأة مالية لكل شخص يستلم بطاقته. 

أما رئيس الحكومة المنصبة من قبل المحتل المدعو مصطفى الكاظمي ورئيس البرلمان المزور محمد الحلبوسي ورئيس الجمهورية الصوري المدعو برهم صالح، فقد اختار كل منهم أسلوبه في إطلاق الوعود الوردية، وتعداد فوائد المشاركة في الانتخابات، والتبشير بالخير العميم الذي سيعم العراقيين بعدها. ولم تكن هذه المحاولات بعيدة عن شيوخ العشائر، حيث وعدوهم بالمال والسلاح مقابل اشتراك عشائرهم في الانتخابات. بل لم ينس هؤلاء الأشرار المرجعيات الدينية وعلى وجه التحديد المرجع الأعلى علي السيستاني، الذي أصدر فتوى دعا فيها الناس للمشاركة في الانتخابات، تحت ذريعة انتخاب الصالحين بدل الفاسدين. 

بالمقابل لجا هؤلاء الأشرار الى التلويح زورا بخطر انتزاع السلطة من يد الشيعة، عبر شعار الذئب خلف الباب. لكن هذا الذئب أصبح له هذه المرة وجوه عدة، بعد ان اقتصر في السابق على البعثيين ولاحقا على داعش. لينسجوا قصصا واساطير ويصنعوا من الحبة كبة كما يقال. وذلك بتذكير الطائفيين الشيعة بمبايعة داعش من قبل عزت الدوري، الأمين القطري لحزب البعث، والتركيز على المؤتمرات التي عقدها البعث في عدد من الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل إقناع أصحاب القرار الأمريكي بعودتهم إلى السلطة. وبالطبع واصل هؤلاء الأشرار كالعادة تشغيل اسطوانتهم المشروخة، المتمثلة بخطر منظمة داعش الإرهابية وعودة نشاطها العسكري وإصدار العديد من البيانات العسكرية عن المعارك التي تخوضها قوات الحشد الشعبي ضد قوات داعش. وذهبوا أبعد من ذلك واعتبروا أن داعش أصبحت على مشارف بعض المدن العراقية. 

ولكن هذا ليس كل شيء، فقد عمدوا الى مسرحية بائسة، بعقد مؤتمر في أربيل من قبل مرتزقتهم، وادعوا بأن جميع المشاركين هم من الطائفة السنية التي تحاول بكل الطرق العودة إلى السلطة والانتقام من الشيعة. ووصفوا بيان المؤتمر الذي يعلن الاعتراف بالكيان الصهيوني، بأنه مطلب أمريكا مقابل تسليمهم السلطة. وكما يقول العراقيون ” اللي بعبه صخله يمعمع”. فقد ارتضى هؤلاء الأشرار أنفسهم في مؤتمر لندن، الذي عقد قبل الاحتلال بعدة شهور، ما يتهمون الآخرين به اليوم. حين وقعوا على وثيقة الاعتراف بالكيان الصهيوني مقابل تسليمهم السلطة. ولا يغير من هذه الحقيقة ادانة مؤتمر أربيل من قبل هؤلاء الأشرار، فعراب المؤتمر وسام الحردان، هو قائد الصحوات والمقرب جدا من نوري المالكي وهادي العامري، وان التي قرأت البيان الختامي المدعوة سحر الطائي هي مسؤولة في وزارة الثقافة العراقية. ومن الجدير بالذكر ان عشيرة الدليم التي ينتمي اليها وسام الحردان قد أعلنت براءتها منه. وان سحر الطائي تنتمي الى المذهب الشيعي والى عشيرة بني لام، والمذهب الشيعي براء منها. والدليل على ذلك فإن اسمها المثبت في الوثائق الرسمية، هو سحر اللامي وليس سحر الطائي.  

لكن الجديد في الأمر، انكشاف عملية حسم هؤلاء الأشرار لنتائج الانتخابات قبل اجرائها، ليس من حيث تسمية الكتل الفائزة فحسب، وإنما من حيث تخصيص حصة المقاعد في البرلمان لكل طرف أو كتلة، وكذلك جرى حسم توزيع المناصب السيادية والدرجات الخاصة، وكذلك حصة كل طرف من الكعكة العراقية كما يقولون. وبالتالي فما يسعى إليه هؤلاء الأشرار، ليس كسب الأصوات من أجل الفوز، وإنما رفع نسبة المشاركة في الانتخابات، الى درجة تسمح على الأقل بتزويرها أو المبالغة فيها، كما كان الأمر يجري في السابق. إذ من دون تحقيق مشاركة واسعة، أو مقبولة الى حد ما، سيفقد هؤلاء الأشرار، أية صفة من صفات الشرعية امام الراي العام العراقي والإقليمي والعالمي، وأيضا أمام المنظمات والهيئات الدولية المعنية بهذا الخصوص. الأمر الذي يؤدي حتما الى مزيد من عزلتهم أمام الناس من جهة، ومن جهة أخرى يمنح الشرعية للثورة العراقية ويسهل مهمتها في تحقيق أهدافها وفي المقدمة منها اسقاط العملية السياسية برمتها، ومحاكمة أقطابها لما ارتكبوه من جرائم نكراء وسرقات بمئات الملايين وخيانة وطنية سافرة.

ومهما يكن الامر، فالانتخابات في العراق في ظل الاحتلال ودستوره الملغوم وقانونها المعوج ومفوضيتها المبنية على المحاصصة الطائفية والعرقية، ونتائجها المزورة أصبحت كذبة كبرى لم تعد تنطلي على العراقيين. حيث اصبح واضحا بان الانتخابات ليست دليلا على ديمقراطية النظام، سواء في الدول الديمقراطية المتقدمة أو الدول التي تسير على هذا الطريق، وإنما هي واحدة من آليات النظام الديمقراطي، والتي أهمها الفصل بين السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية وسيادة القانون والمساواة بين الناس، بصرف النظر عن الجنس والدين والمذهب واللغة. وهذه غير متوفرة في العراق المحتل، سوى من حيث الشكل. بل إن ما يسمى بالدستور العراقي الدائم، الذي قسم البلاد والعباد، قد أقر نظام المحاصصة الطائفية بطرق ملتوية لإدارة الحكم في العراق، التي تتعاكس كليا مع أي نظام ديمقراطي في أدنى أشكاله وصوره. ناهيك عن أن الانتخابات الأربعة التي سبقت، لم ينتج عنها سوى تدوير هذه الوجوه الكالحة، التي نفذت مخطط تدمير العراق دولة ومجتمعا. واي حديث آخر يتضمن وعودا وردية، لا يعدو كونه استخفافا بالأخرين، و تلاعبا رخيصا بعقولهم. 

كاتب هذه السطور على يقين، بأن هذه الانتخابات لن تكون الأخيرة فحسب، وإنما ستسهل على ثوار تشرين مهمة اسقاط الاشرار والعملية السياسية برمتها. لأن الفضيحة هذه المرة ستكون بجلاجل كما يقول المصريون.

لله يا محسنين شعار الانتخابات المرتقبة في العراق

 من مقالات الكاتب - عراق العروبة

Short Link

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.