مقتدى ركب السياسة وفقد الكياسة
مقتدى ركب السياسة وفقد الكياسة
ثمة مثل عربي يُضرب، في تحذير الكذابين، من مغبة الاستمرار في صنعتهم المذمومة، يقول: (إذا كنت كذوباً.. كن ذكوراً)، والمفردة الأخيرة، من التذكّر والذاكرة، والمعنى واضح، ينبّه الكذاب، من تكرار كذبته الواحدة، بصيغ جديدة، بعد أن يتغافل عن السابقة، ويتناسى القديمة.
ويبدو أن مقتدى الصدر، لم يمر عليه، هذا المثل، (النصيحة)، على غرار نوري المالكي، الذي يُصاحبه الكذب مثل ظله، ومثل عمار الحكيم، وهو يشكو فقراً، ويتصرف امبراطوراً، وتأسيساً على ذلك، فقد طلع علينا نزيل (الحنانة) النجفية، بسلسلة أكاذيب عنوانها (المعيار)، مهّد بها، لمشروعه الجديد القديم، للاستيلاء على السلطة، منفرداً ووحيداً، واختزال العراق كله، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، بما سماه (عراق الصدرين)، هكذا، ببساطة، وهو لا يتحرج ولا يخجل، عندما يقول: لسنا طامعين في الحكم، ولكننا نريد رئاسة الوزراء، وكأن العراقيين، بلهاء لا يفهمون .
واضح.. أن رفاهية العيش، وحياة الترف، ووجود الخدم والحشم، والطائرة الفارهة الجاثمة على مدرج مطار النجف، بطاقمها اللبناني، والأموال السائلة، وتلك المصفوفة، في سراديب البيوت الآمنة، والمصارف عابرة القارات، انعكست سلباً، على مقتدى، ورأى أنه معصوم، عن الخطأ والزلل، وما يقوله ويفعله، صحيح بلا خلل، وحقه في ذلك، عندما يرى أجساماً شبه بشرية، تتدافع وتتمايل، انصياعاً له، وشوقاً اليه، بعد أن فقدت الوعي، وغاب عنها الوجدان.
وعودة إلى (معيار) الصدر، فكل ما جاء في متنه وتحته، لا يؤيده دليل، ولا يدعمه برهان، باستثناء إشارته إلى قيس الخزعلي، الذي طرد من التيار، بوصفه (مسيئاً وفاسداً وملشياوياً، قتل المدنيين، وفقاً للطائفية، وما إلى ذلك)، علماً أن عملية طرده، ليست لهذا السبب، وانما، لان زعيم العصائب، نافسه على الغنائم والمناصب، وسرقة الأموال المحرمة، وازهاق الأرواح البريئة، أما أصدق معيار، في(معلقته) التي تنضح صدقاً ودقة، أنه وصف نوابه ووزراءه، والمحافظين التابعين له، بالأفضل والأحسن، في تقديم الخدمة للشعب، أما ما سلبوه ونهبوه، وأكثرهم كان معدماً، وصار صاحب بنوك وشركات، وملك العقارات والاستثمارات، فهو من نعم ـ بكسر النون: كلا كلا أمريكا، والغريب، أنه كل ما أرتفع هذا العجيج، وتصاعد هذا الضجيج، يكون مقتدى، في أحسن حال، ويأخذه الخيال، الى فضاء الأوهام، وفي العسل ينام، حبيبي !.
ومعيار (الوطنية)، التي ينادي بها، الصدر (الثالث)، لا غبار عليها، وقد استهلها بذبح ابن الخوئي مجيد، على طريقة (اقطع رقبة وادفن سراً)، وأتبعها بمجازر جيش المهدي، وقتل المواطنين السنة الأبرياء، وتهجير العائلات الآمنة من بيوتها، ونهب ممتلكاتها، وهي في نظر مقتدى، تصرفات فردية، مع أن أبطالها، لم يحاسبوا أو يعاقبوا، وأحدهم، الذي وضع يده على رقبته، وحرض على قتل المزيد من السُنّة، و(ذبوها عليّ)، صار مسؤولاً أعلى، يحكم الكاظمية، وما جاورها.
مسكين هذا العراق، الذي داهمه المخبولون والعيارون، واحتله اللصوص والنهابون، والمصيبة أنهم لا يشبعون، والكارثة أنهم يحسبون أنفسهم، زعماء وقادة، وأصحاب مجد وريادة، وهم في حقيقتهم، مجرد نفوس غادرة، وضمائر غائبة.
مقتدى (الوطني)، يرى في نفسه، الأفضل والأصلح، لحكم العراق، ومثل هذه النماذج لا تُحس بعيوبها، ولا تشعر بنواقصها، ومشكلة ابن (الصدرين)، أنه متسلط وخائف، لديه كل شيء، المال والنفوذ والسلاح، ولكنه يخشى من أي شيء، ويحسبه، يتربص به، ويسعى الى سلب امتيازاته، ومثل هذا الصنف من الكائنات، جسد بلا روح، وما نفع الجسد إذا حضر، مع موت الروح !، وقد شاهدناه، كيف أنه لا يتحمل، وجود متظاهرين سلميين في الساحات، من غير حزبه، يطالبون بالإصلاح والتغيير، ويتعاون مع (الطرف الثالث)، في اغتيالهم وخطفهم والتنكيل بهم، لأنه، مثل أقرانه: المالكي والعامري والخزعلي وعمار، وباقي الشلة الطائفية الفاسدة، يفزعون من صوت، فيه صدق وأمل، وعطاء وبذل.
مقتدى الصدر، نكبة، إذا حكم، لانه يشكل امتداداً متطرفاً، لمن سبقه، في القتل والقمع، وتكميم الأفواه، وخنق الحريات، وإشاعة الخراب، و(شلع وقلع) لبلد، كان اسمه العراق.
المصدر : https://iraqaloroba.com/?p=3321