هذا ما جناه العراق من الحكومات الإسلامية
هذا ما جناه العراق من الحكومات الإسلامية
خلال سنوات الغزو الغاشم ترهلت ميزانية العراق من الواردات النفطية نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار النفط في السوق الدولية، فتجاوزت إيرادات النفط ما هو مخطط له، أو متوقع على إعتبار أن وزارة التخطيط في العراق مشلولة تماما. في مفارقة صرح وزير التخطيط الحالي بأنه لا يعرف عدد الموظفين في العراق وكذلك وزير المالية، لعدم وجود احصائيات!!! أي بلد هذا، وكيف يصرفون الرواتب؟
تبلغ نسبة النفط حوالي 98% من واردات العراق، و60% من الناتج المحلي الإجمالي من واردات النفط أيضا. يدفع العراق 5% من وارداته النفطية الى الكويت كتعويضات عن غزوها، ومن المتوقع أن ينتهي القسط الأخير من التعويضات في نهاية عام 2020 لكن الحكومة العراقية ناشدت الكويت بتأجيل السداد بسبب الضائقة المالية التي يمر بها العراق والناجمة عن إنخفاض أسعار النفط ونفقات الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية وانتشار فيروس الكورونا علاوة على الفساد الحكومي الذي استنزف ميزانيات البلد منذ عام الإحتلال 2003.
خلال السنوات التي توالت بعد الغزو كان واردات العراق النفطية خيالية ومن شأنها ان تحقق طفرة عمرانية وحضارية كبيرة، وترفع مستوى رفاهية وتقدم الشعب العراقي الى مصاف الدول الاوربية، ولكن مع الأسف الذي حصل هو العكس، لم يتقدم العراق في أي مجال من مجالات العمران والتنمية والتطور والأمن، بل تراجع إلى الخلف بخطوات متسارعة. تبددت خلالها ثروات البلاد في مشاريع وهمية وصفقات فاسدة ورشاوي وتزوير ونهب على مستوى السلطات الثلاث بكل عناوينها. أهم المؤشرات التي يمكن رصدها في هذا الإتجاه:ـ
- سرقات قوات الإحتلال. حيث أختفت المليارات من البنك المركزي العراقي على أيدي حملة مشاعل الحرية والديمقراطية. ذكرت صحيفة نيويورك تايمز” أن التحقيقات الجارية فى اختفاء أموال النقد العراقية، انتهت إلى قبو لبنانى حيث عٌثر على ما بين 1.2 و1.6 مليار دولار، تم سرقتهم عقب الغزو الأمريكى للعراق، وتم نقلها إلى ريف لبنان لإخفائها في مكان آمن”. اغلق الموضوع دون معرفة نتائجه، لا الإدارة الأمريكية ولا الحكومة العراقية فتحت الموضوع لمعرفة مصير هذه السرقة المليارية.
- سرقات النظام الإيراني، منذ أن فرض الحصار الإقتصادي على إيران، أعلنت الحكومة العراقية النفير المالي العام لإنقاذ نظام الملالي وفتح ثغرة كبيرة في جدار الحصار، من خلال رفده بالعملات الأجنبية، بشكل سري أو علني عبر شراء النفط والغاز والكهرباء والمواد الإستهلاكية حتى الفاسدة منها، علاوة على إختفاء المليارات من البنك المركزي خلال حكم المالكي ما بين(170 ـ 350) مليار دولار، ويبدو أنه لا أحد يرغب بفتح هذا الملف لخطورته على النظامين العراقي والإيراني. ويمكن الإستدلال على ذلك من خلال التجارة المريبة بين البلدين التابع والمتبوع، فقد صرح الأمين العام لغرفة التجارة الإيرانية – العراقية المشتركة (جهانبخش سنجابي شيرازي) بأن” قيمة العائدات التي حصلت عليها إيران من خلال تصدير السلع والنفط والغاز إلى العراق خلال الأشهر الخمسة الماضية تصل إلى 5.5 مليار دولار”. هذا فقط فيما يخص النفط والغاز! بمعنى إن صادرات إيران من النفط والغاز للعراق البلد النفطي سنويا حوالي(13) مليار دولار، وإذا أضفنا بقية الصادرات كالكهرباء ومواد البناء (كان العراق يصدر الإسمنت قبل الغزو) والأسلحة والذخيرة والمواد الغذائية والأدوية وغيرها سيكون الأمر مهول، تصور آخر صفقة سلاح خردة من ايران للعراق كلفت حكومة العبادي (10) مليار دولار!
كما نقلت وكالة الأنباء الايرانية عن نائب رئيس منظمة تنمية التجارة الإيرانية (كيومارز فتح الله كرمنشاهي) ” يستقبل العراق 72 % من مجموع الصادرات الايرانية التجارية الخارجية، ويحتل المرتبة الاولى كأكبر مستورد للبضائع المحلية الايرانية”. كما أكد رستم قاسمي رئيس هيئة التنمية الاقتصادية الايرانية ـ العراقية ” أن حجم الصادرات الايرانية للعراق بلغ (13) مليار دولار عام 2013، ومن الممكن بلوغها 25 مليار دولار في السنوات القادمة، وهذا ما حصل. واشار قاسمي الى ايران تستقبل سنويا 1.7 مليون سائح عراقي ومن المتوقع تضاعف هذا الحجم الى (3) ملايين شخص مع رفع إجراءات تأشيرة الدخول ما يترتب عليه عائدات هائلة من النقد الاجنبي لصالح إيران. ومن هنا يمكن أن نستشف ما كان وراء قرار عادل عبد المهدي بإلغاء رسوم سمات الدخول للزوار الإيرانيين، فحرم العراق من مورد مالي ضخم.
- السرقات الحكومية، وهي أكثر فسادا مما سبق ذكرهما ليس على مستوى الداخل فحسب بل العالم. فقد حافظت بغداد عاصمة الفساد العالمي على مرتبتها السابعة من بين (177) دولة لعدة سنوات وفقا لبيانات منظمة الشفافية العالمية، التي تعتمد المؤشرات الإقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية والتقنية والمعلوماتية والأمنية. ذكرت المنظمة بأنه ” اختفت عائدات تقدر بـ 2.6 مليار دولار لمدة أربع سنوات وتقريبًا 300 ألف برميل من النفط يوميًا في أوائل سنوات الغزو دون أن يتم احتسابهم”، أي بقيمة (30) مليون دولار يوميا للنفط المسروق فقط! واستمر هذا الوضع الى رئاسة مصطفى الكاظمي.
وإذا كان البعض من المعجبين بالعملية السياسية لا يثق بالمنظمة فسوف نستعين بهيئة النزاهة وهي من مخلفات الغزو أيضا، ومحسوبة على العملية السياسية، كما رئيسها واعضائها جميعا من الأحزاب الحاكمة.
فقد أشارت هيئة النزاهة بأن خسائر العراق خلال الفترة 2003 ـ 2008 بلغت (250) بليون دولار امريكي. ناهيك عن الفترة التي تلتها والتي لا تقل عن سابقتها. وأوضح نائب رئيس هيئة النزاهة القاضي موسى فرج بأن معدل تهريب النفط من قبل مافيات الحكومة العراقية والميليشيات الحاكمة ما بين (300000 ـ 500000) برميل سنويا، وبما قيمته (45) بليون دولار خلال السنوات الخمس الماضية. وفي الوقت الذي يستورد العراق الغاز والمشتقات النفطية من إيران فأنه يحرق (600) مليون متر مكعب من الغاز سنويا. ومن هذا الطرح يمكن معرفة السبب الذي يقف وراء عدم تصنيع الغاز في العراق بل حرقه! ولأجل من تحرق ثروة البلد؟ يحترق غاز العراق لينتعش غاز إيران.
ومما يؤكد مصداقية طروحات القاضي فرج هو إعتراف الكونغرس الأمريكي بهدر (50) مليار دولار سنويا في العراق، وما خفي كان اعظم ولا يحفى بأن حرق هذه الغاز له تأثير مدمر على البيئة نتيجة حرقه بطرق غير علمية، ناهيك عن تبديد هذه الثروة المهمة، فقد اعتبرت الأمم المتحدة العراق في المرتبة الرابعة عالميا بمستوى تلوث البيئة. ناهيك عن تلوث الماء ومستوى الإصابات بأمراض السرطان الناتج عنه، وعن إستخدام الأسلحة المحظورة من قبل قوات الإحتلال الأمريكي..
سنترك جانبا خط الفقر الذي وصل لأكثر من 45% وكذلك مستوى البطالة 35% ووجود (7) مليون أمي، و(4) مليون من الأيتام والأرامل وغيرها من الأمور التي طرحها الكثير من الكتاب العراقيين.
وهنا لابد من الإشارة الى مزاد البنك المركزي التي تعتبر واحدة من أكبر واجهات الفساد الحكومي، وهذا المزاد واحد من عجائب العالم، على الرغم من كل المناشدات العراقية والعربية، والمخاطر التي تحدث عنها الخبراء في السياسة النقدية، والمئات من المقابلات مع المختصين وآلاف المقالات التي تحدثت عن مخاطر هذه المزاد، سيما ان شركات الصيرفة التي تحصل على هذه الدولارات معظمها وهمية، او مرتبطة بإيران وسياسيين فاسدين، والجميع يمارس غسيل الأموال بمعرفة الإدارة الامريكية، وإن ما يغطى من استيرادات بدولارات المزاد لا يمثل 1% من المبالغ التي تحصل عليها شركات الصيرفة من المزاد، العجيب أنه لم يتطرق أي رئيس وزراء عن هذا الموضوع ولو بالإشارة، بمعنى أن هناك قوة خارجية تتحكم بهذا المزاد، وليس الحكومة العراقية، وكل الدلائل تشير الى ايران. مؤخرا طالب التيار الصدري باستضافة مدير البنك المركزي لمناقشة مزاد العملة، وتمت الجلسة ولم تتم الإستضافة، والسبب ان نواب التيار الصدري ونقيضهم الفتح إنسحبا من الجلسة قبل انعقادها، كانوا موجودين في كافتريا البرلمان، لكنهم لم يدخلوا الجلسة فأفشلوها.
وهناك مسألة أخرى لا تقل خطورة عن المزاد وهي سيطرة الميليشيات العراقية على المنافذ الجوية والبحرية والبرية، فمطار النجف تسيطر عليه حوزة النجف، ومطار البصرة يخضع لسيطرة تيار الحكمة، ومطارات اقليم كردستان يتقاسمها جماعة البرزاني والطالباني وهلم جرا، كما ان الأرصفة البحرية في البصرة موزعة على الميليشيات الولائية، ويبلغ واردها السنوي ما بين (8 ـ 10) مليار دولار لكن الحكومة العراقية لا تحصل على أكثر من مليار واحد، وهي غير قادرة على السيطرة على منافذها، وهذا ما يقال عن منافذ اقليم كردستان، فهناك ما يزيد عن (20) منفذ بري غير رسمي يستخدم لتهريب النفط والسلع.
وهناك المشاريع الوهمية التي قصمت ظهر الإقتصاد العراقي، ولو تساءل العراقي: ما هو عدد المشاريع التي أقيمت في العراق منذ الغزو الغاشم ولحد الآن؟ ما هو عدد المصانع التي أنشأت أو أعيد إعمارها؟ ما هو عدد المراكز العلمية والتقنية التي افتتحت؟ ما هو عدد الجامعات والمعاهد والمدارس التي أنشئت؟ ما هو عدد المستشفيات والمراكز الصحية التي أسست؟ ما هو عدد المشاريع الكهربائية والنفطية التي أقيمت؟ ما هي مساحة الأراضي الزراعية التي أصلحت أو إستثمرت. ما هو عدد السدود والمشاريع الأروائية الجديدة التي أقيمت. ما هو عدد الفنادق والمؤسسات السياحية التي استحدثت؟ ما هو عدد البنوك والمؤسسات المالية الجديدة؟ ما عدد المطارات المدنية التي أقيمت؟ وما عدد الطائرات المدنية والقطارات الجديدة التي دخلت الخدمة؟
الجواب: لاشيء وأن وجد شيء يكاد أن لا يُعد! هذا هو عراق الأحزاب الإسلامية العميلة الموالية لإيران.
المصدر : https://iraqaloroba.com/?p=5521