المالكي في طهران تجديد بيعة وتوسلات بـ(الرجعة)!
المالكي في طهران تجديد بيعة وتوسلات بـ(الرجعة)!
يتوهم نوري المالكي أنه ما زال قادراً على لعب دور مفصلي في العراق، من دون أن يُدرك أن زمانه توقف في العام 2014، وبات خارج التاريخ وحتى الجغرافيا، في أعقاب سقوطه السياسي المدوّي، وافتضاح تعاونه الخفي، مع تنظيم داعش، سواء عبر تهريب كوادر التنظيم من السجون، أم من خلال سحب جنرالاته من الموصل، وتوافقه مع أبو بكر البغدادي، على تنازله عن ثلثي مساحة العراق، لصالح الدواعش.
مشكلة المالكي، أنه شخص لا يصلح للعمل الوطني أساساً، ويفتقر إلى الحس الإنساني أصلاً، ولا يملك طاقة سياسية، تؤهله ليكون في مركز قيادة وقرار، وثمة شبهات، بعضها انكشف، وبعضها الآخر، صار معروفاً، عن دوافع إصرار الرئيس جورج دبليو بوش، على تكليفه بتشكيل الحكومة في مطلع العام 2006، بناء على اقتراح رئيس محطة الـ(سي اي ايه) في العراق، كما ذكر ذلك زلماي خليل زاد، سفير واشنطن الاسبق في بغداد، لمجلة (نيووركر) الأمريكية الشهيرة، في عددها الصادر بتموز 2014، وهي قصة أخرى، تُصّدع رأس المالكي، عندما يسمع بها.
ثم أن المالكي شخص منعزل وانطوائي، ومصاب بنوع مخيف، من (الاكتئاب)، بالإضافة إلى انسداد في شرايين قلبه، لم تنفع في علاجها، عديد عمليات (الليزر)، التي أجريت له، ومن يجمع بين مرضي، الكآبة ووجع القلب، عادة، يستر الله من أحقاده على الناس، ولاحظوا صورة من الكراهية، التي لا تفارقه، ضد الذوق والجمال والتاريخ، كما ظهرت في زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون الأخيرة إلى بغداد، حيث أقام برهم صالح، مأدبة غداء تكريماً له، في قاعة أحد القصور الرئاسية، ودعي إليها الكاظمي وعديد من رؤساء الأحزاب والكتل، ومنهم المالكي، وقد انبهر ماكرون، بروعة القاعة، وجمال عمارتها، وحسن ريازتها، وسأل مضيفيه، من بنى هذا المكان؟، وابتسم برهم، وأدار الكاظمي وجهه إلى جهة اخرى، وخيم الصمت على الحاضرين، والرئيس الفرنسي، يتلفت، يمنة ويسرة، يبحث عن إجابة عن سؤاله، الذي باغت المسؤولين العراقيين، وقبل أن يهمس السفير الفرنسي ببغداد، في أذن رئيسه، ويبلغه بمن بنى القصر، فوجئ الجميع بصوت المالكي، وهو يطلب من رئيس الجمهورية، أن يخبر الضيف الفرنسي، أن مهندسين عراقيين هم من بنوا القصر الأنيق، وقاعته البهية، ولكن بطريقة شوارعية (كولوله.. مهندسين عراقيين بنوها)!، وضحك الرئيس ماكرون، وهو يُصغي إلى سفيره، وعرف من هو باني هذه التحفة الفنية الرائعة، التي هي واحدة من عشرات (قصور الشعب)، كما كانت تسمى في العهد السابق، أمر ببنائها صدام حسين، وتركها هدية، تسكنها نماذج، جاءت من عوالم سفلية، أغلبها كان لا يعرف الجلوس على قاعدة طهارة، ولا يعرف (شطافة) ماء، وبالمناسبة فإن أبو اسراء، استحوذ على قصرين رئاسيين متجاورين في المنطقة الخضراء، الأول لسكن عائلته، والثاني خصصه كمكتب خاص له، وقد ردم حوض السباحة في قصر السكن، لانه يخاف على اولاده وبناته وأحفاده، من فتنة السباحة في مكان مكشوف، وهو (الحجي) وعلى جبهته (لطخة) سوداء، لا تُعرف ان كانت من أثر السجود حقاً، او نتيجة حرق قشرة بصل عليها دورياً.
عموماً.. فإن زيارة المالكي لطهران، التي ذكرت جريدة الأخبار البيروتية، المقربة من حزب الله اللبناني، أنها تهدف إلى (انتزاع غطاء إيراني، لتحرك شيعي يقود، في نهاية الأمر، إلى إسقاط حكومة مصطفى الكاظمي، سواء عن طريق الحشد الشعبي، أم البرلمان)، لن يكتب لها النجاح، لسبب سياسي بسيط، يكمن في أن ايران، باتت لها أذرع في العراق، أقوى نفوذاً سياسياً، وأكبر تأثيراً أمنياً، من المالكي وحزب الدعوة، اللذين أصبحا جزءاً من الماضي، واسُتهلكا، تماماً، ثم أن إيران، مضطرة إلى التزام الحياد، وتجنب الاحتكاك بالكاظمي، في المرحلة الراهنة، في الأقل، لمعرفتها بتأييد مرجعية السيستاني له، ودعم إدارة ترامب لحكومته، وهي لن تُقدم على أي خطوة ضده، لحين إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وفي ضوئها ترى وتقرر، لذلك فإن الزيارة المالكية الحالية، للعاصمة الإيرانية، يمكن تصنيفها، بأنها تجديد بيعة، وهذه قضية مفروغ منها، وتوسلات بالرجعة، إلى الساحة السياسية، كـ(دور وقرار)، وهذه مسألة لا يفكر الإيرانيون بها، ولم تعد ضمن أجندتهم، لا الآن ولا مستقبلاً.
المصدر : https://iraqaloroba.com/?p=851