عندما تتلاقى قوى الإرهاب في لبنان
عندما تتلاقى قوى الإرهاب في لبنان
كانت لزيارة قائد حماس إسماعيل هنية وقعا مزلزلا في لبنان، فقد جاءت لتزيد من هموم اللبنانيين هما مضافا، والزيارة كانت مفاجئة للشعب اللبناني، وتحمل بين طياتها عدة طلاسم إبتداءً من الجهة الداعية للزيارة الى فتح صالة الشرف، وصالة الشرف عادة لا تفتح الا بإيعاز من وزارة الخارجية كما هو متعارف عليه في جميع دول العالم. وعدم إستقبال هنية بصورة رسمية من قبل أية شخصية لبنانية، من ثم لقاءاته مع زعيم حزب الله على اعتبار ان كلاهما من أذرع الولي الفقيه في المنطقة ويحملان أجندة واحدة، ولقائه المريب مع وليد جنبلاط، وزيارته المباغتة الى أكبر مخيم للاجئيين الفلسطنيين في لبنان علاوة على المظاهرة المسلحة في المخيم.
والجهة التي جدولت هذا اللقاءات والزيارات؟ ولماذا لم تصدر توضيحات من قبل وزارة الخارجية اللبنانية طالما ان تصريحات هنية تدعو الى زعزعة الأمن القومي اللبناني؟ انها تصريحات تخل بسيادة لبنان وتستيهين بحكومته، وقد لاقت صدى كبيرا من قبل الشعب المبتلى بحزب الله وأنشطته العدوانية التي جعلت من الفردوس اللبناني جحيما لا يطاق ويصعب العيش فيه.
كما أن توقيت الزيارة هو الأكثر غرابه، وهنية بالتأكيد لا يتصرف من وحي نفسه وانما بإيعاز وتوجيه من الولي الفقيه في ايران، وهذا يجعلنا الأمر أكثر غموضا، سيما ان تصريحات هنية تضمنت تهديدات سبق أن كررها زعماء ايران بحذافيرها، كأنه حمل رسالة من المرشد الأعلى الى حسن نصر الله، ولكنها رسالة علنية هذه المرة.
هناك بعض الملاحظات التي جعلت اللبنانيين محبطين من زيارة هنية، وهم اصلا في لجة الأحباط، فقد جاءت الزيارة في وقت يعيش فيه لبنان اسوأ ظروفه بعد انفجار مرفأ بيروت وتراكم الديون الخارجية والعجز عن سدادها وتدهور الليرة والمجاعة والفقر وجائحة الكورونا والتناحرات بين الاحزاب الحاكمة واستفحال الفساد الحكومي، وتشكيل الوزارة الجديدة، وازمة الكهرباء وغيرها. فلم يكن توقيت الزيارة مناسب من جميع الجهات.
ـ هدد اسماعيل هنية بأن” الصواريخ التي ستطال اسرائيل ستنطلق من لبنان”، وهذه رسالة خطيرة لأنها تتعلق بالأمن الوطني اللبناني وليس الفلسطيني، فمن أعطى الحق لهنية بهذه المهة؟ الغريب في الأمر انه لا الرئيس اللبناني المهلهل ولا رئيس الحكومة ولا وزير الخارجية علقوا على هذا التصريح الخطير، وهذه دلالة على أن حزب الله لا زال قابضا على رقاب هؤلاء الأمعات، ففي سكوتهم خضوع وخنوع واضح.
ـ أن زيار هنية الى مخيم (عين الحلوة) مع مظاهر مسلحة كبيرة تثير الريبة، ولا نفهم لما يمتلك اللاجئون في هذا المخيم السلاح، طالما انهم لاجئون، ولمن يُوجه سلاحهم؟ وكيف تسمح الحكومة اللبنانية بوجود هذا الكم الهائل من السلاح، علما ان الرئيس الراحل ياسر عرفات طلب من الحكومة اللبنانية سحب هذا السلاح الذي ما عاد ينفع في الحرب مع اسرائيل. وان كان اللاجئون بمثل هذا الحماس الشديد الذي لاحظناه على الشاشات، فلماذا لا يستصحبهم هنية الى غزة ليقاتلوا الصهاينة بدلا من الوجود في لبنان؟
ثم ما هو الغرض من بقائهم في لبنان طالما ـنه جرت تسوية بين الفلسطينيين وعرفات حسب إتفاق اوسلو، فان كانوا مناهضين للتسوية ليتوجهوا مع هنية الى غزة ويقاتلوا الاسرائيليين. وان كانوا مع التسوية فليسلموا اسلحتهم الى الحكومة اللبنانية، لأن التسوية تلغي المظاهر المسلحة كما يفترض.
بالطبع لا أحد يجهل ان حزب الله هو المستفيد من الورقة الفلسطينية هو الذي منع نزع السلاح من المخيمات الفلسطينية في لبنان، بحجة محورالمقاومة المفلسة. مع ان هذه المخيمات تشكل مشكلة كبيرة للبنان ويمكن استذكار معارك صبرا وشاتلا، وبرج البراجنة، واشتباكاتهم مع حركة أمل وغيرها.
ـ ان زيارة هنية تعد ضربة لمنظمة فتح على اعتبار ان اكبر مخيم فلسطيني في لبنان جيره هنية لحسابه الخاص وتنكيلا بحكومة أبي مازن.
ـ ان هذه الزيارة والمظاهر المسلحة للفلسطينيين يمكن ان تعرض المخيم الى ضربة اسرائيلية على اعتبار ان هذا ليس مخيما للاجئيين كما تبين من الزيارة، بل هو معسكر وفيه مسلحون وقادة فلسطينييون يهددون أمن اسرائيل، وهذا ما لم يحسب هنية له حساب، فقد قدم مخيم عين الحلوة على طبق من فضة لاسرائيل لتضربه.
ـ زعم هنية ان حركة حماس لديها من الصواريخ ما يمكن أن تضرب به تل أبيب.
حسنا! لماذا لا يطلق هنية صواريخه بعد الضربات الموجعة الاسرائيلية لغزة؟
ولماذا يريد ان تنطلق صواريخ حزب الله على اسرائيل ويحتفظ هو بصواريخه؟ اي لماذا يريد تعريض لبنان الى المخاطر ويعيش هو وعصابته في غزة في مأمن؟
ـ زعم هنية بأن منظمته طورت منظومة الصواريخ، فلماذا لا يجربها ويثبت صدق كلامه للعالم؟ ام انه يخشى ردة الفعل الإسرائيلية؟
الا يكفي لبنان أن يدفع فاتورة حسن نصر الله، ليدفع هذه المرة فاتورة اسماعيل هنية؟
ـ لماذا يرسل هنية تهدادته لإسرائيل من لبنان وليس من غزة. اليس من الأولى ان تكون غزة مسرحا لتصريحاته وليس بيروت؟ ام انه يعلم ان غزة ما عادت تطيقه، وان سكانها بفضلون العيش تحت ظل اسرائيل وليس حماس بسب ما يعانوه من حصار وفقر وجوع وظلم وفساد حكومي.
ـ تشير الدلائل بأن الزيارة جاءت بتوجيه من المرشد الايراني الأعلى، وهي رسالة منه الى حسن نصر الله عبر هنية على إعتبار ان القضية الفلسطينية لا تزال ورقتنا الرابحة. سيما ان النظام الايراني يقف على الهاوية وبدأت خريفه واضحا بتساقط اوراقه في سوريا والعراق واليمن ولبنان. فقد صرح الرئيس الإيراني (حسن روحاني) مؤخرا عبر التلفزيون الرسمي” لم تقل لنا دولةٌ صديقة في هذا الوقت، ومع انتشار فيروس كورونا، والمصاعب، ومن أجل الإنسانية، سنقف معكم في وجه أمريكا”. ربما هذا التصريح يفسر لنا ما يقف وراءزيارة هنية لبيروت، انه لقاء إرهابي حماس بإرهابي حزب الله برعاية الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم للمتاجرة بالقضية الفلسطينية.
التجار كما هو معروف ثلاثة انواع: التاجر الكبير(المورد الرئيس)، والتاجر الوسيط (الجملة) وتاجر المفرد. فالتجارة في القضية الفلسطينية، التاجر الكبير فيها علي الخامنئي، والتاجر الوسيط حسن نصر الله، وتاجر المفرد عباس هنية.
نقول في الختام: كان الله في عون الشعبين اللبناني والفسطيني وهما يرزحا تحت حراب الإرهاب.
المصدر : https://iraqaloroba.com/?p=611