جواسيس وغرباء وأصحاب عاهات (فرهدوا) العراق!
جواسيس وغرباء وأصحاب عاهات (فرهدوا) العراق!
رحمك الله يا شاكر السعدي، مدير عام الإسكان الأسبق، الذي طردني من مكتبه، لأني توسطت عنده، لشراء دار حكومية شاغرة، وغير مسكونة في حي الإسكان ببغداد، برغم أنه كان مسؤولي الحزبي في الحركة الاشتراكية العربية.
وملخص الحكاية التي جرت في منتصف العام 1965، أن داراً حكومية تعود ملكيتها إلى وزارة الإسكان، كان يشغلها قسم بلدي، انتقل منها لصغر مساحتها، وقلة غرفها، وتركت مهجورة، فتقدمت لشرائها وفقاً لشروط الوزارة التي كانت تبيع الدور التابعة لها، بأسعار كلفتها (360 ديناراً) وبالتقسيط (خمسة دنانير) شهرياً، وجئت بصديقي عمران العاني، متعه الله بالصحة وطول العمر، يكفلني بصفته عضواً في غرفة تجارة بغداد.
ودلفنا إلى مكتب السعدي: عمران وأنا، أحمل بيدي (المعاملة)، ورحب بنا السعدي، وكان خطئي أنني لم أبلغه، أو أتصل به مسبقاً، وقدمت أوراقي، وأولها كتاب من دائرة الطابو، مثبت فيه رسمياً، عدم امتلاكي داراً باسمي، في بغداد، ورفع المهندس شاكر رأسه، بعد أن اطلع على الأوراق وقال بلهجة صارمة، أنت لا تستحق هذه الدار، لأنك لا تملك (النقاط) المطلوبة، فأنت أعزب وغير متزوج وليس لك أبناء، وتالياً فان هناك من هو أحق منك، وسألته وهل هناك أحد تقدم لشرائها؟ رد ساخطاً: لا، لحد الآن، ولكن سيأتي من يستحقها، وتنطبق عليه شروط البيع وضوابطه، وتدخل صديقي وكفيلي العاني، ورجاه (تمشية) الأمر، خصوصاً و(انتو قوميين ورَبُع)، فثار رحمه الله، وقفز من مكتبه غاضباَ، وفتح باب غرفته، مع كلمة (اتفضلوا) قالها بصيغة الطرد!
هكذا كانت الدنيا، في أيام الخير وسنوات العز، نتذكرها، الآن، بأسى وحزن، ونحن نقرأ تصريحات لمدير عام التحقيقات في هيئة النزاهة، وفيها يعترف أن أكثر من واحد وثلاثين ألف عقار في العراق، بين حكومي وشخصي، تم الاستحواذ عليه بالقوة، من دون أن يكشف عن الغاصبين، وهم، بالتأكيد، مسؤولون ومتنفذون وغرباء، وفي الموصل وحدها أكثر من ثمانية آلاف عقار، بيع وسجل باسم المشترين الجدد، وأصحابه أحياء بين نازح ومهجر أو مغضوب عليه، وصدق من قال: لولا القصور والمجمعات السكنية التي بناها صدام حسين في كرادة مريم والحارثية والجادرية والكرادة والمسبح، لكان العائدون من إيران وسوريا وأروبا وأمريكا وكندا واستراليا، وغيرها من بلدان اللجوء، يتدافعون في منطقة البتاوين، ويبحثون عن (غرف للإيجار)، وينافسوا العمال السودانيين والمصريين على السكن فيها.
وقصص الاستيلاء على العقارات الحكومية والشخصية، عقب الاحتلال الأمريكي، باتت مأساوية، لا تجد حلاً، بسبب تمسك الغاصبين بما استحوذوا عليه، خلافاً للشرع والقانون، حتى أن عبدالعزيز الحكيم عندما سئل: هل صلاتك حلال في بيت مغتصب صاحبه (نصراني)؟ فرد ضاحكاً: من قال أنا اغتصبت بيت طارق عزيز، أنا فتحته، كما كان المسلمون يفتحون الثغور والأمصار، فتأملوا منطق السفهاء!، وأعرف شخصياً أن بيتاً لأحد الضباط السابقين، بناه بقرض من المصرف العقاري ومساعدة أهله الذين باعوا أرضاً لهم في السماوة، وتبرعوا بثمنها لإكماله، سكنه عنوة عبدالكريم العنزي أولاً، ثم انتقل منه إلى فيللا فارهة، وقبل أن يتركه، جاء بصديقه المعمم محمد تقي مولى وأقام فيه سنة كاملة، بعدها عاين الأخير، قصراً في الجادرية واحتله، وقبل أن يخلي بيت الضابط، جاء بشقيقته المتزوجة من إيراني وأسكنها فيه، وهي استدعت ذوي الضابط وعرضت عليهم شراءه بسعر تافه، ورفض أخوة الضابط عرض (الملاية)، وقال أحدهم لها، (نهدمه ونسوي كاع) ولا نبيعه لأناس مثلكم!، وحكت لي أرملة ضابط متقاعد، استولى على بيت أيتامها، عادل عبدالمهدي في الجادرية، بعد أن طرد مرافقوه شركة تجارية كانت تستأجره، وسكن فيه، فذهبت إليه الأرملة تستعطفه أن يدفع لها إيجاراً لسد احتياجات عائلتها وأولادها وبناتها، فطردها وطلب من أفراد حمايته أن (يقطعوا رجلها) إذا اقتربت، مرة أخرى، من (بيته)، وبعد عامين من السكن (الحلال) فيه، انتقل إلى قصر على الشط، ولكنه، قبل أن يغادر البيت المغتصب، سلمه إلى ملا بلا عمامة مثله، اسمه عدنان الشحماني، نائب سابق، انتقل اليه، وكتب على واجهته: نعمة من الله الكريم.
أما أخبار حملات احتلال بيوت البعثيين والمسيحيين والسـنة، في الكرادة والغدير وشارع فلسطين وزيونة، وغيرها من الأحياء البغدادية التي كانت تسمى راقية، فتحتاج إلى مجلدات ومجلدات لذكرها، وفيها نكبات عائلات وأسر، شردت أو أجبرت على بيعها، برخص التراب، وروى رجل أعمال، اسمه واسمي أبيه وجده، يوحيان أنه شيعي، لأن السُـنّة لا يفرقون في التسميات، مثل الآخرين المتخلفين والطائفيين، أنه زار صابر العيساوي أمين بغداد الأسبق، لشغل يخص الأمانة، وفي أثناء حديثه معه، رن هاتف معالي الأمين، ورفعه وتحدث مع المتصل بحميمية، وسمع الزائر صوت العيساوي وهو يقول لمن هاتفه: انت تؤمر، والله لأسوي زيونة طيونة!، هكذا بملء فمه (الجايف)، وتريدون من هؤلاء الوافدين من مستنقعات الخيانة، وبؤر العمالة للعجم، وبيئات (شاف ما شاف)، أن يعرفوا الحق وأهله، ويفهموا في العدل والإنصاف.. إنهم مجرد حثالات وشلل وجماعات، لا يصلح معها غير ضربهم بـ(المداس) على رؤوسهم العفنة، ومؤخراتهم النتنة، ومليار لعنة ولعنة، على بوش الحقير، وتشيني الصفيق، ورامسفيلد القبيح، ومن شاركهم في غزو العراق، وجاءوا بمن تقيأته الأرض، ليحكم أهل العراق، ويقتل خيارهم، ويسلب بيوتهم، إنهم طاعون، أشد من السرطان، وأخطر من (كورونا).
Source : https://iraqaloroba.com/?p=11701