لا عزاء لأعداء ثورة تشرين العراقية

عراق العروبة
مقالات وآراء
2 أكتوبر 2021
لا عزاء لأعداء ثورة تشرين العراقية

لا عزاء لأعداء ثورة تشرين العراقية

عراق العروبة

عوني القلمجي

لا عزاء لأعداء ثورة تشرين العراقية

احتفل ثوار تشرين بمناسبة دخول ثورتهم عامها الثالث. وشمل هذا الاحتفال العديد من المحافظات ومنها العاصمة العراقية بغداد. حيث رفعوا شعارات تندد بحكومة الاحتلال وبالعصابات المسلحة، وتدين المحتل الأمريكي ووصيفه الإيراني. وقد أراد ثوار تشرين من هذه الاحتفالية الرمزية، تأكيد عدة حقائق دامغة. منها أن الثورة مستمرة وتواصل كفاحها حتى تحقيق أهدافها كاملة غير منقوصة، طال الزمن أم قصر، ومنها ثانيا تبليغ رسالة إلى أجهزة القمع الحكومية وسلاح المليشيات المسلحة والحرس الثوري الإيراني، مفادها أن سلاحكم واغتيالاتكم واختطاف النشطاء لن يخيفنا. وبالتالي أنتم عاجزون عن إنهاء الثورة. وثالثا، أن هدف الثورة المركزي، وهو استعادة الوطن المنهوب غير قابل للتراجع عنه، او المساومة عليه، أو القبول بأنصاف الحلول. ناهيك عن الرسائل الأخرى التي دحض فيها ثوار تشرين كذبة اشتراكهم بالانتخابات، التي ستجري بعد عدة أيام، فقد صبوا اللعنات على رعاة هذه الانتخابات بأهزوجة تقول “انعل أبو إيران لا ابو أمريكا”.  أما أهم رسائل هذا الاحتفال، تمثلت في فضح جميع ادعاءات أحزاب ومليشيات العملية السياسية، التي روجوا لها حول انتهاء ثورة تشرين، أو انها سلمت زمام امورها بيد حكومة مصطفى الكاظمي، الذي لا يعدو أن يكون فأرا أمام ثورة عملاقة، شملت العديد من المدن العراقية، وحظيت بدعم وتأييد فئات واسعة من المجتمع العراقي وطبقاته ومذاهبه المتنوعة. 

ان مصدر قوة هذه الثورة وديمومتها، تتمثل في تميزها عن سابقاتها في عدد من الجوانب، حيث حددت شعاراتها الرئيسية بإسقاط العملية السياسية برمتها، على خلاف الثورات السابقة التي أولت اهتمامها بالشعارات الخدمية. ثم وضعت الية لإدارتها من قبل لجان تنسيقية تشرف عليها قيادة عليا، وتحكمها درجة عالية من الانضباط وحسن التنظيم ودقة الأداء. والأهم من ذلك اعتماد الثورة على الشباب الذين ابعدتهم الحكومات المتعاقبة عن النشاط السياسي. إضافة الى اشراك النساء فيها لأول مرة، حيث لعبن دورا كبيرا في مساعدة أبناء الثورة الأبطال، بالإضافة إلى مشاركة الطلاب على جميع المستويات. بدءاً بطلاب الابتدائية والمتوسطة ومرورا بطلاب الثانوية وانتهاء بطلاب الجامعات. ناهيك عن اشتراك كافة الجمعيات والنقابات المهنية والسياسية، من عمال وفلاحين وأطباء ومحامين ومهندسين وفنانين الخ. الأمر الذي ولد حالة من الرعب في صفوف الحكومة وميليشياتها المسلحة، حيث وجدت في هذه الثورة بداية جدية لإسقاطهم دفعة واحدة. اما امريكا، فأنها وجدت فيها، ردا صريحا وواضحا يجسد رفض العراقيين الاستسلام للأمر الواقع، والإصرار بالمقابل على القتال المستمر بكل الوسائل لانتزاع آخر حق من حقوق العراق واهله. في حين كانت إيران الأكثر خيبة بين الخائبين. فبعد ان ظنت بانها روضت الشعب العراقي، وجدت ما بنته في ستة عشر عاما، قد تهدم في ساعات معدودة. حيث أحرق الثوار قنصلياتها في محافظات عدة كالنجف وكربلاء، ورفعوا فوقها شعار الثوار المعروف، “إيران بره بره وبغداد تبقى حرة” 

ان الالية التي وضعتها الثورة لإدارة ذاتها، لم تمكنها من إحباط جميع مؤامرات الأحزاب الحاكمة، أو المنضوية تحت خيمة عملية الاحتلال السياسية فحسب، وإنما أفشلت جميع محاولاتهم في ركوب موجتها، وطردها خارج ساحات التحرير. في حين كان تعاملها مع الجيش والاجهزة الامنية متناسقا وحضاريا، بحيث كسبت عطفهم وودهم وأحيانا حمايتهم. الأمر الذي أدى الى تشجيع الناس على الدخول في رحاب الثورة، والالتفاف حولها. خاصة وأن هؤلاء الأشرار يدخلون يوما بعد آخر في أعماق مستنقع الجريمة والسرقة والقتل، والصراع على تقاسم السلطة والمال الحرام. بمعنى اخر، فان الثورة أثبتت قوتها واستمراريتها وإصرارها على تحقيق انتصارها النهائي، وذلك باستعادة استقلال العراق وسيادته، وطرد القوات الأجنبية، وتقديم القتلة والمجرمين الى المحاكم العادلة لنيل عقابهم، سواء لمن هم داخل العراق او خارجه. 

لا نجادل في أن الثورة تتعرض لامتحان صعب. على الرغم من قوتها ومن أنها أصبحت خيارا واقعيا وموضوعيا للتغيير. وعلى الرغم أيضا من اكتساب قياداتها خبرات واسعة ورؤية ثاقبة، مقرونة بإصرار راسخ ومبدئي على رفض الهزيمة، و المضي بالثورة حتى النصر، وعلى الرغم من التأييد الشعبي، ما زال بيد هؤلاء الأشرار قوة السلاح والمال وجيش من المرتزقة على أهبة الاستعداد للقتل دون رحمة. ناهيك عن دعم المرجعيات الدينية وفي مقدمتها المرجع الأعلى علي السيستاني. بمعنى أوسع وأكثر شمولا، فان هؤلاء الاشرار لن يرفعوا الراية البيضاء بسهولة، و سيحاولون بكل ما يملكون من قوة عسكرية وسياسية وإعلامية، لقتل روح الثورة واطفاء جذوتها وقلع جذورها التي ترسخت في عقول العراقيين، ومن ثم إجبارها على التخلي عن أهدافهم المعلنة، والقبول بما يجود به هؤلاء الأشرار.

لكن هذه الثورة، التي رغم حداثة زمنها، سطرت ملاحم كبيرة في الشجاعة والاقدام والإصرار والإرادة الفولاذية. الأمر الذي سيمكنها من إفشال جميع خطط التآمر عليها بكل صفحاتها المختلفة. خاصة وأن عموم العراقيين قد أدركوا بأن لا طريق للخلاص سوى الثورة، الأمر الذي سيؤدي حتما الى دخولهم في رحابها افواجا افواجا، وفي المقدمة منهم جميع النخب الوطنية و الكفاءات وأصحاب الخبرات، لمساعدة الثورة وتوضيح أهدافها المشروعة، والدفاع عنها وإحباط كل محاولة للنيل منها أو تشويهها.

أما الذين يراهنون على فوز مقتدى الصدر في الانتخابات، وأنه سيشكل الحكومة الإصلاحية. فهذه كذبة كبرى. فلقد سبق لمقتدى أن فاز بالانتخابات الماضية ثم تخلى بالكامل عن برنامجه المتضمن خمسة وأربعين بندا، وخاصة البنود المتعلقة بمحاربة الفساد وإلغاء المحاصصة الطائفية، ودعوته الى ثورة حقيقية ضد الفاسدين وفتح ملفاتهم الكبرى ووضعهم خلف القضبان. بل ذهب ابعد من ذلك، حيث اقام تحالفا للفوز بالكتلة الأكبر مع راس الفساد عمار الحكيم، الذي وصفه الشعب العراقي بزعيم النشالة، ومع هادي العامري، الذي أعلن دون حياء او خجل، بانه يسعى لأن يكون العراق مثل إيران يؤمن بولاية الفقيه، ومع اياد علاوي عراب الاحتلال، الأمريكي. وهذا ليس بالأمر الغريب، فمقتدى جزء من العملية السياسية، وأنه لن يتردد في ارتكاب أي فعل لحمايتها من السقوط. بمعنى اشمل فان القادم الجديد، سواء كان مقتدى او غيره، وسواء كان ضعيفا او قويا، وطنيا او عميلا، لن يتمكن في ظل هؤلاء الأشرار من تحقيق أي إصلاح مهما كان متواضعا لصالح الشعب العراقي. هكذا فعلت جميع الحكومات التي تعاقبت في ظل الاحتلال. بدءا من اياد علاوي وابراهيم الجعفري، ومرورا بنوري المالكي، وحيدر العبادي وعادل عبد المهدي، وانتهاء بـ مصطفى الكاظمي.

على هذا الأساس لا اجازف إذا كررت القول لأعداء ثورة تشرين، بأن الموجة الثالثة من الثورة آتية لا ريب فيها، وبقوة أشد وزخم أكبر ومشاركة أوسع قد تتعدى مئات الالوف. وما التظاهرات التي جرت في هذه الاحتفالية الرمزية يوم أمس في ساحة التحرير ببغداد، والساحات الأخرى في المدن العراقية واهمها تظاهرة الناصرية عاصمة الثورة، سوى تمارين تسبق اليوم الموعود. خاصة وأن نتائج الانتخابات القادمة التي صورها البعض بانها ستنقذ العراق من محنته، ستزيد طين هؤلاء الأشرار بلة. حيث ستفوز ذات الوجوه الكالحة بالانتخابات لتواصل بعده السرقة والاجرام والعبث بشؤون البلاد والعباد. بعبارة اخرى أكثر وضوحا، ان فوز ذات الوجوه الكالحة التي ستواصل عملها في تنفيذ مخطط تدمير العراق دولة ومجتمعا، سيسرع من اقتراب يوم الزحف الكبير على المنطقة الخضراء. يوم المعركة الوطنية الكبرى. يوم تتبخر فيه قوة هؤلاء الأشرار، متخلين عن أسلحتهم في الشوارع والطرقات، في لحظة جبن مدوية، وهروب ذليل الى طهران على وجه التحديد. أما العميل المزدوج مصطفى الكاظمي وحكومته، التي تقف متفرجة على جرائم هؤلاء الأشرار، فإنهم سيقعون حتما في قبضة الثوار، وسيحاكمون أمام العدالة لينالوا جزاءهم العادل، وستلاحقهم لعنة التاريخ و عار الخيانة إلى يوم الدين. 

ليس لدي أدنى شك، بأن الانتفاضة الكبرى قادمة عاجلا ام اجلا، وان النصر سيكون حليفها هذه المرة بكل تأكيد.

لا عزاء لأعداء ثورة تشرين العراقية

 من مقالات الكاتب - عراق العروبة

Short Link

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.