الطباع الغالبة ــ المتقعر
الطباع الغالبة ــ المتقعر
“المتقعر”
و هذا نوع من الناس لايجد الراحة في سهل الكلام ، أو يسير الفعل و لا طيب المقام ، و تجده ينشد الوعر من الطريق اينما كانت وجهته ، و ينتقي المزعج من القول كلما سمحت له قدرته ، و مكنته لذلك ملكته.
نعم ،، هي اشبه بالملكة او الدافع الكامن في زاوية من زوايا عقله او نفسه ، لا اظنه يجد محيصا في هجره او حبسه ، رجل تتكلم معه في امر يسير قد يسره الله و يمكن تيسيره ، فيلاحيك حتى يصنع منه معضلة و شأنا يصعب عليك تفكيكه او تفسيره . رجل ان اتخذ الدين مطلبا صعبه و شعبه ، و ان اتخذ الطب مركبا شوهه و خربه ، و ان خاض في اللغة اكثر النصب و الرفع ، و ان قال الشعر عمد الى الخشن الغريب غير ذي النفع و لا المتع . و ان حاور جاهلا ضيعه و اتعبه ، و ان جادل عالما لوعه و أنصبه .
مثل هؤلاء ينغصون على الجليس هدأته ، و يكدرون على السعيد متعته ، و يناضلون طلبا للاختلاف ، و يجدون في البعد عن الانصاف . يمعنون في الجدل و الاشتباه ، و كل امر عندهم يدور في فلك جلب الانتباه . و لذا فالمتقعر دائم العراك مع قومه و نفسه ، لايكاد ينتفع من عمله او صديقه او معلمه او درسه .
و قد كان لأعرابي نحوي متقعر غلام ، و قد اتعبه شان سيده الذي يتقصد الغريب من الكلام فيجعله خطابا ، و يتعمد الغامض من اللفظ فيتخذه جوابا . حتى ضاق الغلام ذرعا بمولاه ، و عزم ان يوقعه فيما جنت يداه . فكمن له و قال في نفسه و الله لأكلمنه كما يكلمني و ارى .فما كان الفجر حتى اتى الاعرابي ليوقظ غلامه فنكزه كعادته و قال : ياغلام أأصقعت العتاريف ؟
فرد الغلام متثاقلا نعسا : زقفليم
قال النحوي مصدوما : ويحك ،،و مازقفليم؟
فرد الغلام برما : فما اصقعت العتاريف ؟
قال الاعرابي : اصقعت العتاريف اي (اسقيت الديكة) .
قال الغلام : ف زقفليم أي ( لا) !.
فصمت الأعرابي دون جواب ، و اقلع عما كان يتوعره من الخطاب.
فكم أعرابي كهذا بيننا اليوم ، و كم غلام مثل هذا يعاني ، و كم (زقفليم) في أيامنا نحتاج .
Source : https://iraqaloroba.com/?p=9734