ما أعظم سفر العراق، وتحرير الفاو ملحمة لاتحدها آفاق
ما أعظم سفر العراق، وتحرير الفاو ملحمة لاتحدها آفاق
قليل هو الكلام مهما كثر. ومتواضع هو الوصف مهما أبدع بحق ملحمة رمضان مبارك ١٧/١٨ نيسان ١٩٨٨، والتي زفت بشرى أول إنتصار للعرب ضد أعدائهم في سوح الوغى منذ قرون خلت، وأول عملية تحرير حقيقية عراقية التفكير والتدبير والإدارة والتنفيذ جرت على ربوع الفاو، أرض الحناء والملح والطيب.
وكل قلب عراقي حر أبي منتمي حقاً لأرض السواد، أرض الأنبياء والمرسلين والأئمة، أرض الحضارات، لمليء بالغبطة والفرح حد الوله والجنون. كيف لا وصبيحة هذا اليوم راحت جحافل الحق أحفاد على وعمر والقعقاع وسعد بن أبي وقاص تطهر حناء العراق لتزين بها عروس العراق “احنا مشينه للحرب عاشق يدافع عن محبوبته” . نعم هي فرحة لن تطويها السنون ولن يخمد جذوتها الاذلاء التابعين. فهذه الملحمة المفاجأة السريعة أذهلت عدونا حينها وهزمته هزيمة مركبة لم تكن عند حدود الفاو ولا عند حجم القوات المشتبكة، بل كانت ملحمة بداية النصر وتاجه . ومن لحظتها راح العراقيون من عند المملحة وشواطئ شط العرب حتى رأس البيشة ومنها لكل العراق يغنون “عروستنا واخدناها بعد شله العواذل؟!”.
أعدنا أرض عزيزة علينا، وأنهينا حلماً اسوداً لم يخفيه من دنس هذه الأرض الطيبة، حين أرادها مدينةً أبديةً له، وقال أحدهم بصوتٍ واضحٍ عالٍ عندما دعو لمؤتمر بالخليج “سنأتي للخليج عبر عبرنا “. وأطلق عليها إسماً سلبه من سفر إيمان أهل البيت عليهم السلام ورضى الله عنهم واكرمهم لزيد بهذا الإسم، وهمَ المغرر بهم فيتبعوه.
نعم يوم تحرير الفاو، هو يوم خالد، هو نصر عراقي، بل كان بوابة لنصرٍ أعاد أمجاد أمة وأحق حقاً، وأوقف ريحياً صفراء. كان في نواياها كوابيس شر، بددها يوم تحرير الفاو.
ولكن للأسف، مازالت بنواياها القديمة لم تغادره . بل للأسف تمكنت من عراقنا العظيم بعد ٢٠٠٣، بسبب الإحتلال الانكلوسكسوصهيوايراني وعمليته السياسية الطائفية العوجاء النشاز ألفاشلة ورموزها الفاسدة وآلياتها الهجينة العقيمة. وبسبب عملاء لا يحملون من العراق شيئاً، سوى هوية اختلسوها في زمنٍ باطلٍ.
ورغم هذه الحقيقة المؤلمة ورغم ما يعاني شعبنا ويكابد من جور جارٍ لم يبدي يوماً دالةَ حسن نوايا أو حسن الجوار، لا بموجب ضوابط الله ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ولا بضوابط الجوار الاقليمي ، أو قواعد التعامل الدولي وقوانينه. رغم هذه الحقائق كلها، فإن الله تعالى حق، ولابد أن ينصف الحق، ولابد لليل أن ينجلي وتزاح الغمة عن العراق ويعود بلداً واحدا آمناً فاعلاً كما كان، يحترم حسن الجوار ويعطي لكل حجم حجمه، ولكل ذا حقٍ حقه.
وعاشت ايام النصر العراقي، وهذا حق لكل شعب أن يفرح بمحطات سفره الخالدة، وما أعظم سفر العراق، وملحمة تحرير الفاو ملحمة هي أبعد من الآفاق.
Source : https://iraqaloroba.com/?p=7794