لقاء مع الشاعر و الأديب اللبناني مطانيوس ناعسي ــ أجرتهُ الأديبة آمنة وناس
لقاء مع الشاعر و الأديب اللبناني مطانيوس ناعسي ــ أجرتهُ الأديبة آمنة وناس
السلام عليكم
و عليكم السلام
كل القصائد تراسله، فالحرف لجنانه مطيع، القلم يسائله، عن حلم أضناه واقع فضيع، الورق يجالسه، لم لكلماته من معنى ضليع، الكتابة تآنسه، و بها إحساسه رفيع، الغياب ينازله، بين خريف و ربيع، الأمس يغازله، بين دفء و صقيع، يحمل الوطن في دواخله، صارخا لن يهزم و لن يضيع، المحبّة ترافقه، فهو صاحب الجميع، الأمل يسانده، فغده ثمره ينيع، هو الشاعر و الأديب اللبناني “مطانيوس ناعسي”
مرحبا بك سيدي
وبكِ سيّدتي
س ” الشعر كالأثير حر”، فكيف تهبّ القصيدة و لدواخلنا تعبر؟
ج بهبوب أرواحنا قبلها، فالشّاعر يحتاج إلى روحٍ هبوبٍ أبَدًا قبل القصيدة. لأنَ هذه الأخيرة لغة تلك.
س وضعت ملامحي في جيبك، أيها الحرف، لأختلس من نبضك، كلما اختنقت شراييني، كيف تحلّق مع هذه الريح؟
ج ليست هي الّتي تحلّق؛ الرّيح لا تحلّق؛ هي جاهلة، عمياء، غاشمة؛ أنا من يفعل، على متن الحروف النّابضة باللامحدود.
س تمزّق حرفك، أيتها الكلمة، فما الذي سيكسو المفهوم نبضا كي لا تسقط السطور؟
ج الإنسان هو الّذي يتمزّق بمِشرط المادّة، والكلمة تبدو ممزّقة لأنّه أمام المرآة، وهي خلفها، لذا يجب أن يتجاوز كي ينجلي المفهوم ويتألّق.
س عندما يصافح الصمت حرف الشاعر “مطانيوس ناسي”، بماذا تُسرّ له؟
ج اُسِرُّ له بالقول: تكلّم
س نسي الحرف التقاط الصمت المهراق، فانكسر القلم على شفاه البوح، ما مدى انسجامك مع هذه الأنفاس؟
ج ألتقط ذلك الصّمت وأجري خلف الشّفاه، لعلّ الشّفاه تبتاعه بقلم.
س “نستطيع أن نبني الروح بالكتابة”، أي ظلال ترتقها الكتابة، لترتاح تحتها الروح؟
ج الكتابة شجرة وارفة الظّلال، ترتاح في فيئها أرواح الهاربين من شمس الحياة الحارقة.
س “في الأدب خلاص البشر”، أي نغم يدندنه هذا الوتر؟
ج نغم الإنسان الجميل، الإنسان الخيّر، نصير الحقّ والحقيقة. الإنسان الّذي يشبه الله بالفعل.
س “كل إنسان يصبح شاعرا إذا لامس قلبه الحب”، هي تلك قناعة الفيلسوف اليوناني “أفلاطون”، كيف أنت مع هذا المدى؟
ج صحيح، الحبّ يصنع الشّعراء. والصّحيح أيضًا أنَّ الشّعراء يصنعون الحبّ، كما يصنع النّحل العسل.
س “فارس هو، ولكنه لا يجيد محاربة طواحين الهواء، فارس هو، في الحب، و الشعر، و الفداء”، بهذا ترنّم الشاعر اللبناني “جوزيف جميّل”، فبأي نشيد يجيبه الشاعر “مطانيوس ناعسي”؟
ج جميل أنت كالحقيقة، ساطع كالحقّ، وهّاب كالسّلام.
س كيف هو “حب الشاطئ للبحر”؟
ج حبّ يخضع للمدّ والجزر أبدًا.
س “لا تجرع الحبّ كالعصير، بل ارتشفه كالقهوة”، إلى متى، بين المحبة و المحب “مطانيوس ناعسي ؟
ج إلى ما لا نهاية، طالما في قلبي نبض، وفي عيني حياة.
س “أمي إلى ابتسامتك المسافرة أقدم جواز المرور”، فإلى أين الوصول؟
ج إلى حيث لا تعب ولا جوع، لا بؤس ولا أنين، لا بغض ولا مرض. إلى حيث لا أيّام، لا شهور، لا سنوات، لا شباب، لا كهولة، لا شيخوخة… إلى هناك.
س أي صورة تركت ملامحها في قبضتك لتمتلئ راحتك بعطر من هناك؟
ج صورة الحبيب.
س “مات أبي مرتين”، كيف شيّعت فراقه؟
ج الحزن فرح بعباءة سوداء، والفرح حزن بعباءة بيضاء.
س متى يقول الابن “مطانيوس ناعسي”دائما يتنفس الماضي إحساسنا فيحزننا لأنه يستنشقنا و لا يحتوينا، يسعده أن يقتاتنا و لا يحيينا، شعاره أن يخلد الذكرى فينا، و يتركها بابا موصدا كتب عليه من يلمسه يغلق بأيادينا، و لن نبصره إلى يوم تلاقينا؟
ج الماضي قوّتنا الدّافعة، من دونه لا ننطلق. هو قوسنا، وبقدر ما تكون تلك القوس قويّة، نذهب أبعد، ونخترق الأهداف أفضل.
س كيف يغرّد “طوجو” سيمفونية الإنسان، بين الذاكرة و النسيان؟
ج الذّاكرة أمّ، والنّسيان أب، وفي الاثنين نحيا ونحيا.
س عندما يتكسّر صهيل الذاكرة، هل يختنق الاشتياق في حناجر الغياب؟
ج نعم، فالذّاكرة تؤدّي دور الصّفعة عند ذلك.
س فكيف السبيل للتداوي؟
ج بمزيد من الصفعات.
س “يا دمعة العَلْخَدّ متل النَّارْ، عَ قْمار صارت للحَلَا قوني، بيروت يا مرفأْ حلم ما انهارْ، جايي العدل تا يْكحّل عيوني”، عندما تبكي بيروت، بماذا تكفكف لها الدمع؟
ج الشِّعر. فالشِّعر دواء لكلّ أنواع البكاء.
س “رح بتدقّلّك عالرقّ،والطبلة ما بتنسبها، الله يقطع عمر النقّ، والدنيي واللي فيها”، “إي والله في عندك حق، تنسى الدنيي وما فيها، الله يقطع عمر النّق، جْرارك بسمي عبّيها”، و الله للحن “روبير البيطار” و لعزف ” مطانيوس ناعسي” لا أحد سبق، فالروح بصداقتهما ملأت خوابيها، استفهام في الذهن عزق، ما طعمك يا حياة إن لم تكوني فيها؟
ج بيننا من الصّداقة الحقّة ما يُمكن أن يقوّم اعوجاج هذا الزّمن الرّديء في هذا المضمار.
شكرا لك الشاعر و الأديب “مطانيوس ناعسي” على حسن تواصلك و إلى لقاء آخر إن شاء الله.
الشّكر لك سيّدتي، كلّ الشّكر.
المصدر : https://iraqaloroba.com/?p=10308