امثال عن المدن والمحلات في العراق
امثال عن المدن والمحلات في العراق
قال ابن عبد ربه ” يروى عن ابن عباس أنه قال: كفاك من علم الأدب أن تروي الشاهد والمثل”. (العقد الفريد).
الأمثال من فنون الأدب الأقرب الى الناس لسهولة حفظها والتعامل معها في مختلف مجالات الحياة علاوة على إنها لا تحتاج إلى ضبط الكلمات والنحو والتزويق اللفظي عند الاستشهاد بها. قال الماوردي” للأمثال من الكلام موقع الإسماع والتأثير في القلوب، فلا يكاد المرسل يبلغ مبلغها، ولا يؤثر تأثيرها، لأن المعاني بها لائحة، والشواهد بها واضحة، والنفوس بها وامقة، والقلوب بها واثقة، والعقول لها موافقة، فلذلك ضرب الله الأمثال في كتابه العزيز، وجعلها من دلائل رسله، وأوضح بها الحجة على خلقه؛ لأنها في العقول معقولة، وفي القلوب مقبولة”. (الأمثال والحكم) وذكر ابن عبد ربه” الأمثال هي وشي الكلام، وجوهر اللفظ، وحلى المعاني، والتي تخيرتها العرب وقدمتها العجم ونطق بها في كل زمان، وعلى كل لسان، فهي أبقى من الشعر، وأشرف من الخطابة، ولم يسر شيء مسيرها، ولا عم عمومها حتى قيل: أسير من مثل، وقال الشاعر:
ما أنت إلا مثل سائر يعرفه الجاهل والخابر
(العقد الفريد).
وقال السيوطي” المثل هو ما ترضاه العامة والخاصة في لفظه، حتى ابتذلوه فيما بينهم، و فاهوا به في السراء والضراء، واستدروا به الممتنع من الدر، ووصلوا به إلى المطالب القصية، وتفرجوا به عن الكرب والمكربة، وهو من أبلغ الحكمة لأن الناس لا يجتمعون على ناقص أو مقصر في الجودة أو غير مبالغ في بلوغ المدى في النفاسة”. (المزهر في علوم اللغة)
غالبا ما ترد أسماء المدن وطبائع أهلها في الأمثال العراقية والعربية، وهذا الأمر لا يخص العراق فحسب، بل معظم الأمصار في العالمين القديم والحديث. مثلا في إيران، يردد المثل الآتي” مثل جلب بهبهان يعض ابو البيت والخطار”، يضرب المثل لمن لا يميز الصديق من العدو. وفي مصر يردد المثل” مثل تنابلة مصر”، دلالة على الكسل، وقلة الحركة والنشاط، وفي الشام يردد المثل” شتي بمصر، وربع بالشام تعيش ميت عام”. وفي العراق يرد المثل” ليْسَ الشَّاميُّ لِلْعِرَاقِيِّ بِرَفِيقٍ”. (مجمع الأمثال). وغالبا ما تستأثر الأمثال العامية بالإهتمام عند الناس اكثر من الأمثال العربية الفصحى، لسهولة ألفاظها، وعمق معانيها، علاوة على ان معظمها لها قصص ومواقف يتداولها الناس أبا عن جد، ولكن هذا لا يعني عدم الإهتمام بالأمثال العربية القديمة، حيث يستشهد بها الناس ايضا، والبعض يحولها إلى اللهجة العامية، فيتغير اللفظ ويبقى المعنى نفسه. وهذه باقة من الأمثال التي وردت عن مدن العراق وأهلها:
ـ تَغَافَلْ كأَنَّكَ وَاسِطِيّ
قال المبرد: أصله أن الحجاج كان يُسَخِّر أهلَ واسط في البناء، فكانوا يهربون وينامون وسط الغرباء في المسجد، فيجيء الشرطيّ، ويقول: يا واسطيّ! فمن رَفَع رأسه أخذه وحَمَله (للعمل سخرة)، فلذلك كانوا يتغافلون”. (مجمع الأمثال). (امثال الكرماني). (الفرق بين الفرق). (العباب الزاخر).
ـ أغدر من كوفي
ورد في (الفرق بين الفرق). لأنهم غدروا بالحسين بن علي، وتمردوا على أخيه الحسن وكانوا يسمونه (مذل المؤمنين) واعتدوا عليه وسرقوا متاعه.
ـ أَذَلُّ مِنْ أَمَوِيٍّ بالكُوفَةِ يَوْمُ عَاشُورَاءَ.
(مجمع الأمثال). (الفرق بين الفرق)، لأن أهل الكوفة يكرهون الأمويين كرها شديدا ولا يطيقون حتى اسمائهم وليس أفعالهم فحسب.
ـ أرْعَنُ مِنْ هَوَاءِ البَصْرَةِ.
قال الميداني” الرَّعَن: الاسترخاء والاضطراب، وقال: ورَحِّلُوها رِحْلَةً فيها رَعَنْ . وإنما وصفوا هواءها بذلك لاضطراب فيه وسرعة تغيره، وأما قولهم: (البصرة الرعناء) كما قال الفرزدق:
لولا ابن عُتْبه عَمْرٌو وَالرَّجَاء له ما كانت البَصْرَةُ الرَّعْنَاء لي وَطَنَا
فقال ابن دريد: سميت رَعْنَاء تشبيها برعن الجبل، وهو أنفه المتقدم الناتئ، وقال الأزهري: سميت بذلك لكثرة مَدِّ البحر وعكيكه بها”. (مجمع الأمثال).
ـ يَحْمِلُ التَّمْرَ إلَى البَصْرَةِ
قال الميداني” يضرب لمن يُهْدِى إلى الإنسان ما هو من عنده”. (مجمع الأمثال). من المعروف ان العراق بشكل عام، والبصرة بشكل خاص معروفة بزراعة النخيل وتعدد أنواعه.
ذكر ابراهيم حلمي العمر ” أن البصرة وحدها تصدر من التمر إلى أوروبا والهند ما لا يقل ثمنه سنوياً عن خمسة ملايين ليرة”. (مجلة المقتبس)
من الأمثال العامية:
ـ ما تكب عجاجة إلا من أرض بابل. أي لا يهب الغبار.
بمعنى المصائب والكوارث مصدرها بابل. بإعتبارها أرض السحر، وأرض هاروت وماروت، وعرفت بإنتاج الخمور، ويطلق على الخمور الجيدة بابلية، وعانية ايضا نسبة الى مدينة عانة.
ـ زمال عانه طلعوله خوال وعمام.
(عانة: مدينة عراقية في محافظة الأنبار. طلعوله: ظهر له). يضرب لمن يتشدق بمعرفة غيره.
ـ وردة وبيتهم بالمشتل.
المشتل من نواحي بغداد الجديدة في الرصافة، حيث تكثر فيه المشاتل. يضرب للجمال والمحبة.
ـ مثل خبز باب الآغا حار ومكسب ورخيص.
يضرب للجودة في النوعية والسعر المناسب.
ـ مثل قاضي هبهب لا شاكي ولا مشتكي.
فهو منصب مريح للقاضي، فلا عمل له، لعدم وجود مشاكل بين الناس ليحكم بها.
ـ يبيع كبر على أهل هيت. (كبر: قبر).
يضرب للجهل وقلة المعرفة.
ـ مثل مكادي باب الشيخ.
دلالة على الزحمة والاصطفاف، خصوصا يوم الجمعة بعد صلاة الظهر، وفي الأعياد والمناسبات الدينية حيث يتهافتون في مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني.
ـ قنبر علي يحب البوس.
الملا قنبر علي: انسان صالح يزعم البعض ان له كرامات وعملوا له شباك، ويأتون لتقبيل الشباك، منطقة (قنبر علي) تقع على شارع الجمهورية قرب منطقة المهدية.
ـ مثل جلاب قمبر علي، شبعانين نوم، وميتين جوع.
لكثرة الكلاب في المنطقة وكسلهم لوجود عدد من القصابين، يؤمنون لهم الحصول على العظام، يضرب للكسل.
ـ بيته بقنبر علي اشجابه للجوبه؟
قنبر علي والجوبه من محلات الرصافة في بغداد. يضرب للغريب الذي يأتي الى مكان لا صلة له به.
ـ بغداد غريق واصطنبول حريق.
اي بغداد تتعرض للفيضانات، واسطنبول الى الحرائق.
ـ بغداد ما عمروها بيوم واحد.
يضرب للتريث وعدم التعجل في الأمر.
ـ يتبغدد علينا وإحنه من بغداد.
يضرب لمن يتباهى بأنه يسكن في العاصمة.
ـ روح العين تمر وأصلخ نمل.
عين تمر: ناحية تابعة الى محافظة كربلاء يكثر فيها النخل، ويتجمع النمل على التمر الساقط بكثرة.
ـ هذا الحلو حلاوي، يحب التمر خستاوي.
حلاوي: من أهل الحلة. و خستاوي من انواع التمر المفضلة عند العراقيين.
ـ ثلثين الطك لأهل ديالى.
(الطك: الرمي بالأسلحة)، وقد عرف عن أهل ديالى كثرة مشاكلهم العشائرية واستخدام السلاح في فضها.
ـ إذا ردت ست الحسن، غرب لتكريت.
(ردت: طلبت. غرب: إرحل). عرفت مدينة تكريت بجمال نسائها.
ـ كلها تنعد إلا خرنابات.
خرنابات (أو خرناباد) من أقضية محافظة ديالى، خلال الحكم العثماني تزوج قائممقام الناحية من فتاة من القضاء، فخفض من ضرائب خرنابات ورفع من ضرائب بقية الأقضية والنواحي عوضا، فأخذ المزارعون يرددون المثل، وهو يضرب للحسد و الاستثناء من القاعدة لسبب واهي.
ـ البصرة بالكيف، وبغداد بالسيف.
أي فتحها الأولى باللين، والثانية بالقوة.
ـ المايزور البصرة يخلي بكلبه حصره.
(الما يزور: الذي لا يزور. حصره: حسره. كلبه: قلبه)
لجمال البصرة وعمرانها وكثرة نخيلها وملتقى الرافدين فيها، فهي ميناء العراق الرئيس.
ـ المايزور السلمان عمره خسارة. ويقصد بذلك مدينة سلمان باك وتمتاز بوجود إيوان كسرى، وغالبا ما يزور البغداديون المدينة في الأعياد، ويغني فيها مطربو المربعات البغدادية مثل المرحوم فاضل رشيد، وتشتهر بالخس ويسمونه (طوبة) لكبر حجمة ويكون الرأس مدور كالكرة).
ـ يودي تمر للبصرة.
يضرب للخسارة وعدم التبصرة بالتجارة، لأن البصرة مشهورة بالنخيل وتنوع التمور، ورخصها.
ـ قحط الخل بالبصرة.
دلالة على الكثرة، حيث يصنع الخل من التمر الموجود بكثرة في البصرة.
ـ بعد خراب البصرة.
يضرب لتأخر ما يجب عمله، وانتفاء الفائدة منه.
كرادي ابو بيتنجانه.
يضرب للسخرية والتهكم، لأن أهل الكرادة كانوا يزرعون الباذنجان، وكان سعره رخيص جدا، وربحه قليل، وكانت هناك أغنية يرددها الأطفال وهي:
ـ كرادي كرادي ابو بيتنجانه
خله الجلب نايم ومشنتر اذانه
(خله: جعل. الجلب: الكلب. مشنتر اذانه: رافعها)
ـ الكرادي أفطر من الشجر.
يقصد البرودة في التعامل مع الآخرين، وعدم الإنفعال.
ـ زمال الكرادي يجي محمل، ويروح محمل.
يضرب لتكرار المشقة.
ـ اويلاخ كراده كتلتو ملا شجر.
(كتلتو: قتلتوا)، دلالة على سذاجتهم وتصديقهم لما هو غير معقول.
ـ كرادة وعزا حسين.
يضرب في المغالاة في حب الحسين بن علي، لأن أكثر أهل الكرادة من الشيعة.
وهناك بعض الأمثال التي تشير الى العراق ومدنه وشعبه في الأمثال الشعبية العامية في الدول العربية ومنها المغرب العربي، مثلا:
ـ الزردة في بغداد، قيبة بلا اتواجاد. (الأمثال الشعبية المغربية), تضرب لمن يتطفل على الآخرين بدون معرفة سابقة وان تباعدت المسافات.
العراق المحتل.
Source : https://iraqaloroba.com/?p=7963