دراســـــة في الشــــــعـــر المعــــــــاصر ــ القسم السادس
دراســـــة في الشــــــعـــر المعــــــــاصر ــ القسم السادس
وفي العصر الحديث، استمر الرثاء غرضًا شعريًا مستقلاً، وبخاصة رثاء الزعماء وقادة الحركات الوطنية والإصلاحية، وهنا تصبح المراثي فرصة لتجسيد المعاني الوطنية، والسياسية والدينية، كما اصطبغ الرثاء بأصباغ فكرية، وطنية وقومية واختلفت مناهجه على أنحاء شتى تبعًا لمذاهب الشعراء . فحب الوطن يجعل الشاعر يبدأ بنفسه كجزء من المعاناة يقول الشاعرعبد الرزاق عبد الواحد الشاعر العراقي:
خوفا على قلبك المطعون من المي
ساطبق الان اوراقي على قلمي
نشرت فيك حياتي كلها علما
الان هبني يدا اطوي بها علمي
يا ما حلمت بموت فيك يحملني
به ضجيج من الانوار والظلم
فابصر الناس لا اهلي ولا لغتي
وابصر الروح فيها ثلم منثلم
اموت فيكم ولو مقطوعة رئتي
يا لائمي في العراقيين لا تلم
ولقد اختفى في العصرالحاضر الفخر القبلي، ليصبح فخرًا بالفضائل الكبرى، كما ظهر نوع جديد من ذلك (الشعر السياسي) ولم تعد ذات الشاعر، في مفاخره، بل اصبح القصد هو إلهاب المشاعر الوطنية في هذا الإطار العام .
وفي العصر الحاضر، تفيض قرائح الشعراء لتردد حماسيات أصداء الشعر في أزهى عصوره، خاصة في قصائد الفخر في الشجاعة والبسالة والوطنية حتى لتعد بحق شكلاً جديدًا متطورًا من شعر الحماسة اذ يحث على الاستيقاظ والتوحد والثأر للكرامة المهانة يقول الشاعر الكويتي عبد الله محمد حسن :
يا شام صبرك فالأحداث قادمة
والشعب يزأر في أصفاده جلدا
فإِن تمادى بغاث الطير في دعة
ففي غد ينجز التاريخ ما وعدا
دعى المهازيل تلهو في مباذلها
واستنطقي الشعب في الأحداث ما وجدا
لا يُضعف الحدث الدامي حميته
ولا يفل له عزمًا إِذا وردا
اما الغزل فقد بقي ولايزال فنا وغرضا قائما بذاته وينظم فيه كل الشعراء في كل انواع الشعر التقليدي والشعر الحر وقصيدة النثر وملحقاته الفنية كالزجل والدوبيت والقامة وغيرها . ولم تكن المرأة الشاعرة بعيدة في قصائدها عن هؤلاء الشعراء لكنها اصبحت سهلة بموافقة تبادلها الرجل الحب وتظهر ضروبًا من الدلال وتكشف عن رغبة في اللقاء والوصال والتطلع إليه وتصرح به وتكمن فلسفة شعراء الغزل في أن الحياة غرام وعشق، ومن هو الذي لا يحاول ذلك ؟؟ فهو حجر جامد او ميت لا حياة فيه . تقول الشاعرة اللبنانية منى ضيا عن نفسها انها نزارية الحرف أي متأثرة باسلوب الشاعر نزار قباني وتنسج قصائدها على منواله فهو استاذها وتقلده تقول في احدى قصائدها (حنين وانتظار):
يا قَلبي ما بي؟؟؟
أَأْكسُرُ الصَمتَ وأُعاتبُ الريحَ
أَمّْ أُجادلُ الوردَ
وَأُطاوِع الوجدَ
وأَعودُ لِذكرى ذِراعَيهِ
وَهيَ تَغْمُرُ
وَتَأمَرُ…..وتَعْصُرُ
ومِن ثُمَّ يَضُمُني القَهَرُ
أَسْهَدْتُ عُيونَ الليالي
وأَنا انتظِرُ الشُعاعْ
في تلاوينِ الصباحْ
وأَبسُطُ سِراجي على اللقاءْ
والشَوقُ لَيلٌ طَويلٌ
طويلْ
وتَبكي الافكارُ على ضِفافِ الوقتْ
إنَّهُ لا يَمُرّْ
إِنَهُ يَسْتَمِرْ
وتَهْطِلُ على عُيوني ذَرات نَومٍ مُستحيلْ
وتُداعِبُ الكَرى..
وتَقْشَعِرُ خَصَلاتِ الشَعرِ…
التى يُداعِبُها الحنينُ إلى يديكَ
وَأَتَوكَأُ على عَصا النسيانِ
على شِفاهِكَ وهي تُمطِرُني بِالحَنانِ
إِنكَ شَغَفي..
إِنَكَ ساكِني..
وَيَطيبُ لي لَذيذَ العذابْ
وَأُفَتِشُ عما يَطيبُ وما طَابْ
ويَضيعُ صَوتي فَوقَ اليَبابْ
حَبيبي أَشْتاقُكَ أُفُقا
أُحِبُكَ ماءً ثَلجا
حَتى أَني أُحِبُكَ عَرَقا
وكيف سَأَسرُدُ قُصَتي
لِلْطَيرِ..لِلْشَجَرِ…
لِلمسِ والهَمسِ
والى ما تشاءُ يا قَدَري
ويَقولُ لي إنتَظِري
إِنتَظِري….إِنتَظِري
وفي الغزل اقول :
وَلسْنا بِرامين َالقـُلوبَ لِخودَة ٍ
وَلا الخَوْدُ بالحُسْنِ البَديعِ ِ سَيسْبينا
وَلكنْ اذا ما القلبُ زادَ تَلهّفا ً
وَلا بُدّ في قَلبِ الفَتى للهوى ليْنا
سَنُبدي الى الاحْبابِ آيات ِحُبّنا
إ نْ هُمْ بِإخلاص ً وَوِدٍّ يُسَقّونا
فَإنْ صَدوا فلا نَنْسى مَواثيقَ عَهدِهِمْ
وَلا غُروَ إنّ الصَّدَّ يُحْيي أمانينا
وَإنْ هُمُ أبْدوا شُموخَا ً تَعالِيا ً
فَلا نُسْقِهِمْ الاّ بِهَجْـر ٍ مُضيفينا
فَلا نَعْر ِفُ الاكْبارَ إلاّ ِبكُبـْرِهِمْ
وَليسَتْ ثِيابُ الذلِ إشْراقُها فينا
وَنَهوى الذي يُبْدي مُوافاتِهِ لَنا
وَإنّا َلنوفي بِالهَوى مَنْ يُوافينا
هُوَ الحُبُّ نُو رٌ للنفوسِ يُنيرُها
وَخُلـقٌ مُشْـرِقٌ مِنْ تَصــافينا
وَأيْقَنْتُ أنَّ الحُبَّ يَجلي قُلوبِنا
فَإنْ ذَلـَّنا يَوماً فَلا حُبٍّ يُدانينا
سَنَبْقى إلى الاحْباب ِ مادامَ حُّبُهُم
وَلا نُصْرِمُ الاوْصال َ نُدني تَجافينا
**********************************************************
راجع كتابي ( شعراء المعاصرة ) المجلد العاشر من موسوعتي (شعراء العربية).
يتبــــــــــــــــــــــــع
امير البيــــــــــان العربي
د. فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق – ديالى – بلـــــــد روز
Source : https://iraqaloroba.com/?p=9261